"نعم...أنا لست أنا؟!، حقيقة لم أعد أعلم ماذا جرى لي؟ فبعد أن كنت أكثر الناس تفاؤلًا في هذه الحياة أصبحت في غمضة عين أكثر الناس تشاؤمًا في هذه الحياة!، ولست أعلم لماذا كل هذا؟"، تلك هى كلمات الفيلسوف اليوناني القديم أفلاطون محدثًا نفسه بصدق مميز، وهو أحد أعظم الفلاسفة الغربيين، الذين أحدثوا تأثيرًا كبيرًا في العلوم الفلسفية، فكانت كتاباته ووجهات نظره عبارة عن دراما فلسفية حقيقية، عبر من خلالها عن أفكاره عن طريق شخصية سقراط معلمه الأول، وقد ترك مؤلفات كثيرة، مازالت محط اهتمام حتى الأن. نشأته وحياته أفلاطون فليسوف يونانى قديم وأحد أعظم الفلاسفة الغربيين، كاتب لعدد من الحوارات الفلسفية، ويعتبر مؤسس لأكاديمية أثينا التي هي أول معهد للتعليم العالي في العالم الغربي، حيث وضع أفلاطون الأسس الأولى للفلسفة الغربية والعلوم الحديثة، كان تلميذًا لسقراط، وتأثر بأفكاره كما تأثر بإعدامه الظالم، ولد أفلاطون في أثينا لعائلة ارستوقراطية, اسمه الحقيقي هو "كليس", سمي أفلاطون لاتساع آفاقه, حيث كلمة أفلاطون تعني واسع الأفق. وكان الفليسوف اليونانى جنديًا ومصارعًا بارزًا, حيث نال جائزة الألعاب مرتين، ولكنه عقب اعدام معلمه سقراط غادر أفلاطون أثينا, حيث كان ساخطًا على الحكومة الديموقرطية هناك, وهو في الثامنة والعشرين من عمره, وجال عدة بلدان وتأثر بفلسفاتهم, ثم عاد الى أثينا وهو في الأربعينات من عمره. تعليمه تعلم شتى العلوم مع علماء عصره البارزين في الموسيقى والأدب والنحو والجمباز، حيث تصارع أفلاطون في دورة ألعاب اسثميان، أما من حيث تكوينه العلمى والفلسفي كان يمتلك سرعة تفكير وذكاء شديدين، فقد درس في شبابه الشعر، كما درس العلوم المتعارف في عصره وأظهر ميلًا شديدًا إلي العلم الرياضي ثم اتجه إلى دراسة الفلسفة على يد أحد أتباع "هيرقليطس" وهو أحد الفلاسفة المشهورين آنذاك. وفي سن العشرين تعرف على سقراط وأعجب به، ثم كان لاعدام سقراط وتجرعه السم من أهم الأسباب التي دفعت به إلى "ميغاري"، حيث زار إقليدس ومكث إلى جواره ثلاث سنوات، ثم اتجه إلى مصر وشاهد عظمة آثارها واجتمع بكهنة عين شمس فأعجب بعلومهم وخاصة الفلك، ومن ثم اتجه من مصر إلى "قورينا" فالتقى بعالمها الرياضي المشهور "تيودورس" ثم عاد إلى أثينا حيث نشبت الحرب بين أثينا واسبرطة. فلسفته ودراساته لقد أسس أفلاطون الفلسفة المثالية وعرف الفلسفة بأنها السعى الدائم لتحصيل المعرفة الكلية الشامله التي تستخدم العقل وسيلة لها وتجعل الوصول إلى الحقيقة أسمى غاياتها، ينسب إليه نحو أربعين كتابًا، بينها سبع وعشرون محاورة موثوقة، في حين يعد الباقي إما مشكوكًا في نسبته إليه وإما منقولًا عليه بالكامل، وتتألق فلسفته في الحوارات الأولى المسماة "السقراطية"، صورة سقراط التي تتخذ طابعًا مثاليًا؛ كما تتضح من خلالها نظريته في الصُور المعقولة أو المثل التي هي أساس فلسفته، كل ذلك إلى جانب النزعة المنطقية الرياضية المتأثر بفثاغورس، والتي تمييز بها اتجاه أفلاطون الفكرى، حيث نجد أن افلاطون قد استخدم المنطق بكل دقة في ميدان المعرفة وذلك في أسلوبه الجدلي المنهجى الذي استخدمه للبرهنه على وجود عالم المثل، حيث تمسك بضرورة دراسة الفلسفة بالنسبة لعالم الرياضيات. وفاته توفي أفلاطون في هدوء عن عمر يناهز الثانية والثمانين، وبعد وفاة افلاطون استمرت تعاليمه سائدة لعدة قرون، وعقب اغلاق الأكاديمية ظهرت الافلاطونية المحدثة التي لاقت رواجًا في العهد البيزنطي والأسلامي، كما أنها كانت العامل الفكري المسيطر في الفلسفة اللاتينية خلال العصور الوسطى، ولا شك كان لها أثر كبير على الفلسفة الحديثة، كما شهد القرنين 19 و20 ظهور نزعات "أوربية، أمريكية" قوية نحو الفلسفة الافلاطونية. َ