يواجه الرئيس الفرنسى فرانسوا أولاند وحزبه اليسارى الإشتراكى مآزقا سياسيا بعد خسارته الملحوظة فى الانتخابات البلدية التى فاز بها اليمين المعارض بحسب النتائج الأولية الرسمية. وفى ظل تراجع الوضع لاسيما الإقتصادى للبلاد وتداعياته على المواطنين، عاقب الفرنسيون خلال الجولتين الأولى والثانية من الإنتخابات البلدية، التى تأتى فى منتصف الولاية الرئاسية لأولاند، سلطتهم التنفيذية فى الاقتراع الذى اتسم بمقاطعة تاريخية وغير مسبوقة فى مثل هذا النوع من الانتخابات، إما بالامتناع عن التصويت وإما باختيار رؤساء مدن وبلديات لا ينتمون للحزب الحاكم مما صب فى صالح اليمين المعارض وأيضا اليمين المتطرف. وتبدو الهزيمة قاسية بالنسبة للاشتراكيين، وهو الأمر الذى أقره رئيس الوزراء الفرنسي جون مارك إيرولت مؤكدا أن الهزيمة النكراء التي مني بها الحزب الاشتراكي الحاكم في الانتخابات البلدية تمثل فشلا للحكومة، كما أكد أن هذه الرسالة الواضحة وصلت وسيتم الاستماع إليها بالكامل. وقد أسفرت الجولة الثانية من الانتخابات المحلية عن حصول اليمين المعارض على 91ر45% من الأصوات مقابل 57ر40% للتيار اليساري الاشتراكي الحاكم، بينما حصد اليمين المتطرف أصوات 84ر6%، أما أقصى اليسار فقد حصل على 06ر0% من نسبة الأصوات، بحسب ما جاء على لسان وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس الليلة الماضية. وأوضح فالس أيضا، وبحسب النتائج المؤقتة، أن اليسار فقد 155 مدينة ذات كثافة سكانية تصل إلى 9 آلاف شخص، أما حزب الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) فسيترأس ما بين 14 و15 مدينة ذات كثافة سكانية تصل إلى 9 آلاف شخص، مشيرا إلى أن 10 مدن (يبلغ عدد سكانها 100 ألف شخص) خسرها اليسار لصالح اليمين المعارض. وفى إطار المآزق السياسي لأولاند، تتعالى الأصوات لاسيما من جانب المعارضة اليمينة المنتصرة للمطالبة ليس فقط بإجراء تغيير أو تعديل وزارى ولكن لتغيير السياسية التى تطبقها السلطة التنفيذية بشكل عام. وتتوجه الأنظار اليوم صوب الإليزيه ترقبا للخطوات التى قد يتخذها الرئيس الاشتراكى لامتصاص غضب الفرنسيين، ربما عبر إجراء تعديل وزارى قد يشمل رئيس الحكومة جون مارك أيرولت، وسط توقعات بأن يحل محله وزير الداخلية فالس أو وزير الخارجية لوران فابيوس الذى سبق وأن ترأس الحكومة فى عهد فرانسوا ميتران. وعزز هذه التوقعات فرانسوا ريسبمان عضو مجلس الشيوخ الاشتراكى والمقرب من الرئيس الفرنسى، الذى قال "إن الأخير سيوجه كلمة متلفزة للشعب فى وقت لاحق اليوم، حيث قد يتطرق إلى مصير الحكومة الحالية ورئيسها أيرولت". وكشف استطلاع للرأى أجراه معهد "بى.فى.آه" اليوم أن 74 % من الفرنسيين يرغبون فى تغيير رئيس الوزراء أيرولت، مقابل 21 % يرون أنه ينبغى أن يواصل مهامه، كاشفا أن وزير الداخلية فالس هو المفضل لترأس الحكومة (فى حال تغييرها) حيث يحظى بتأييد 31 % من الفرنسيين، مقابل 16 % لفابيوس، و17 % لمارتين أوبرى. ووسط المآزق اليسارى.. يحتفى اليمين المعارض الذى يمثله حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" بنشوة الانتصار والصفعة التى لقاها منافسه التاريخى الاشتراكى فى الانتخابات البلدية، وفى نفس الوقت يسعى اليمين المعارض من خلال تصريحات قياداته إلى إبراز فشل الحكومة وأيضا الرئيس أولاند فى قيادة البلاد لاسيما على المستوى الاقتصادى. وفى هذا الإطار، رحب آلان جوبيه وزير الخارجية السابق وعمدة مدينة "بوردو" (جنوب) بالتقدم الكبير للتيار اليمينى المعارض فى تلك الانتخابات، مشددا على ضرورة أن يستعد حزبه "لإعداد التناوب" بعد الانتخابات البلدية، وذلك فى إشارة إلى الاستحقاقات الانتخابية الرئاسية والتشريعية المقررة فى 2017. وأضاف جوبيه، فى تصريحات له اليوم /الاثنين/، أنه ينبغى على الرئيس أولاند أن يجرى تغييرا عميقا بالتشاور مع المهنيين، قائلا "إن اليسار منى بهزيمة ساحقة، وهذا يجب أن يضعنا (اليمين) أمام مسؤولياتنا". وأشار وزير الخارجية السابق إلى أن الفرنسيين عبروا عن معارضتهم فى المقام الأول "للهواة المتواجدين بالحكومة، وهذا النشاز الذى نراه منذ أشهر، معتبرا أن الفرنسيين يرغبون فى حكومة محترفة، ذات خبرة، وتحقق نتائج". ومن ناحيته، أكد جون فرانسوا كوبيه أمين عام حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" انه من المستحيل أن يحتفظ الرئيس الرنسي بفريقه الحكومى الحالى، مشددا على ضرورة تغيير رئيس الوزراء، معتبرا أن التغيير الوزارى لا يكفى، لكن لابد من تغيير كامل للسياسة، واصفا النتائج التى حققها حزبه بأنها "تاريخية". وقال "إن حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، الذى برهن أمس على أنه لأكبر فى فرنسا، سيواصل جهوده وعمله، كما يعد حاليا مشروعا لتحقيق تغيير جذرى لنموذجه، كما سيعمل الحزب اعتبارا من اليوم استعدادا للانتخابات الأوروبية المقررة فى مايو القادم. وانتظارا لما سيعلنه الرئيس الفرنسى اليوم أو على أقل تقدير غدا، فإنه من المرجح أن يضحى التيار اليسارى برئيس الوزراء ليكون كبش الفداء لفشل الحكومة والحزب الاشتراكى وتراجع شعبيته بعد الثقة التى أعطاها إياه غالبية أبناء الشعب الفرنسى سواء فى الانتخابات الرئاسية التى جرت فى مايو 2012 أو تلك التشريعية التى شهدتها البلاد فى شهر مايو من العام نفسه. مصدر الخبر : البوابة نيوز