يحبس الليبيون أنفاسهم غدا الجمعة، تحسباً لمواجهات محتملة بين مناهضي التمديد للمؤتمر الوطني العام ، الذين توعدوا بتحركات في الشارع لإجبار المجلس على الالتزام بالأجل المحدد لنهاية ولايته يوم غد الموافق "7 فبراير"، وبين الثوار الذين تعهدوا بحماية المجلس باعتباره ملاذاً للشرعية يهدد زواله بفراغ دستوري. يذكر أن المؤتمر الوطني العام الليبي (البرلمان) قرر تمديد ولايته إلى حين استكمال استحقاق إقرار دستور جديد وإجراء انتخابات بموجبه. وقد توافق البرلمان الليبي منذ يومين على خارطة طريق جديدة تسحب الثقة من الحكومة الليبية المؤقتة برئاسة علي زيدان في موعد غايته أسبوعين، كما توافق على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة العام الجاري، في حالة عدم كتابة الدستور الجديد في موعد أقصاه 120 يوما من تاريخ عمل لجنته التي من المقرر أن تباشر نشاطها مطلع مارس المقبل. واعتبر البرلمان تلك التوافقات بمثابة "خارطة طريق جديدة للمرحلة الانتقالية"، مشيرا إلي أنه عقب سحب الثقة من حكومة زيدان سيتم تشكيل حكومة أزمة لإدارة المرحلة المقبلة. وفي السياق ذاته، قال مفتي عام ليبيا الشيخ الصادق الغرياني إن الخروج للتظاهر غدا الجمعة ضد عدم التمديد للمؤتمر الوطني العام لا يجوز؛ لأن هذا سيدخل البلاد في فوضى. وأضاف الغرياني، في تصريحاته، أن هناك توافقا وخارطة طريق وجسم شرعي موجود وفترة زمنية محددة يجب التسليم لها والاستمرار في هذا الوضع. وطالب الغرياني الليبيين بالتجمع والوقوف معا على كلمة حق واحدة، وعدم الالتفات للقنوات المغرضة التي ولاؤها لجهات معينة- حسب تعبيره. وبدورها، أكدت المجالس المحلية ومجلس الحكماء والشورى ومؤسسات المجتمع المدني بوادي البوانيس (تمنهنت- سمنو-الزيغن) الليبية على دعم الشرعية المتمثلة في المؤتمر الوطني العام والحكومة المؤقتة. وطالبوا، في بيان لهم، تفعيل قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، مؤكداً على الإسراع في تفعيل الجيش والشرطة وحماية الحدود. وأدان البيان كل التصرفات التي وصفها بالخارجة على القانون. وقال رئيس كتلة الوفاء للشهداء محمد عماري، إن كل الكتل صوتت على خارطة الطريق المتفق عليها في واحدة من أكبر التوافقات في تاريخ المؤتمر. وأوضح أنه في الأيام الثمانية السابقة من الحوار المستمر جرى الاتفاق على الموقف من الحكومة ومن الإصلاحات الداخلية في المؤتمر، مؤكدا على أن الإصلاحات سوف تطرح للتصويت الأسبوع القادم. واستغرب عماري، اتهام رئيس اللجنة التسييرية لتحالف القوى الوطنية عبد المجيد امليقطة، كتلة الوفاء بالهيمنة على المؤتمر، مبينا أنه لو كان الأمر صحيحا لمررت الوفاء الخارطة التي تريد وما كانت مضطرة للجلوس إلى طاولة التفاوض. ونبه رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان إلى أن المرحلة الحالية تحتاج إلى لم الشمل وتوحيد الصف، مؤكدا على أن هذه ليست شعارات بل هي واقع تجسد في تصويت المؤتمر. وقال صوان إنه لا يمكن أن نترك المحكم ونذهب إلى المتشابه، والمحكم هو أن أعضاء المؤتمر صوتوا أمام الناس وانحازوا إلى الخيار الوطني- بحسب قوله". وفي المقابل، رفض تحالف القوى الوطنية خارطة الطريق التي أقرها المؤتمر الوطني العام بالإجماع، معتبرا إياها تمثل تجسيدا لرؤية فريق نأى بنفسه عن التوافق الوطني، وارتضى خيار المغالبة متجاهلا نبض الشارع بحسب البيان. وطالب التحالف على لسان رئيس لجنته التسييرية عبدالمجيد امليقطة أعضاءه بالمؤتمر الوطني بالاستقالة العاجلة، مشددا على أنه في حل ممن سيخالف القرار، حاثا إياهم على عدم المشاركة في المسرحية "الهزلية الدائرة الآن" حسب قوله. وأكد امليقطه أنه يتوجب على المؤتمر التوجه إلى الشعب للحصول على توافق مجتمعي شامل أو إجراء استفتاء عام، واصفا تصويت المؤتمر على الخارطة بالأغلبية "بالإجماع غير ديمقراطي". وأضاف أن جميع القرارات الصادرة عن المؤتمر الوطني العام مستفزة للشعب الليبي وهي بعيدة عن الشرعية، باستثناء قراري انتخاب رئيس المؤتمر وانتخاب رئيس الحكومة. ودعا التحالف من سيُنتخبون للهيئة التأسيسية لصياغة الدستور إلى رفض أي إلزام لهم من قبل المؤتمر بتحديد مدد زمنية لعمل الهيئة، معللا بأن الهيئة منتخبة من الشعب مثلها مثل المؤتمر. وشدد على أنه لا يمكن كتابة الدستور دون توافق جميع الليبيين، كما لا يمكن كتابته في ظل غياب شريحة من المجتمع ومهجرين في الخارج. وبدورها رفضت تنسيقية المجتمع المدني بمدينة طبرق، تمديد عمل المؤتمر الوطني العام إلى ما بعد السابع من فبراير. وقال رئيس التنسيقية حسين الصغير إن غدا الموافق السابع من فبراير الجاري سوف يشهد مظاهرة تحت شعار "لا لتمديد المؤتمر" في ميدان الشهداء بطبرق. وأشار الصغير إلى أن المظاهرة ستكون بشكل سلمي، منوهاً إلى أنهم لن يسمحوا لأي عابث بالمساس بمؤسسات الدولة سواء المدنية أو العسكرية -حسب تعبيره. والسؤال الذي يطرح نفسه على الساحة الداخلية الليبية هل ستعبر ليبيا هذه الازمة المستعصية ليعود الاستقرار للبلاد وعدم الدخول في فوضى عارمة قد تؤثر على الدولة الليبية.