عاد الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى إلى المشهد السياسى الفرنسى عبر بوابة الإعلام والصحافة الباريسية. وعلى الرغم من أن ساركوزى قد غادر الإليزيه قبل نحو عام ونصف العام (مايو 2012) بعد خسارته فى السباق الانتخابى أمام الرئيس الحالي فرانسوا أولاند، إلا انه لا يزال فى عقول الفرنسيين ويتصدر من آن إلى آخر عناوين الصحف الفرنسية التى تترقب عودته فى الانتخابات الرئاسية القادمة المقررة فى عام 2017 لاسيما على ضوء الأوضاع التى تشهدها حاليا البلاد خاصة على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعى ومع حالة الضعف التى يشهدها حزبه اليمينى، وتراجع شعبية الرئيس الحالى إلى أدنى مستوياتها. إمكانية عودة ساركوزى إلى الساحة السياسية لا تتوقف عن إثارة الجدل بين الطبقة السياسية وفى أروقة الأحزاب وأيضا فى الحديث بين معظم أبناء الشعب. وفتحت مجلة "لوبوان" الأسبوعية الفرنسية – فى عددها الصادر اليوم " الخميس" - النقاش فى هذا الصدد من جديد حيث كتبت ان نيكولا ساركوزي يفكر في العودة إلى الساحة السياسية ك"واجب عليه". وأشارت الأسبوعية الفرنسية إلى أن الرئيس السابق قال أمام مقربيه مؤخرا ان "السؤال ليس ما إذا كنت أريد أن أعود من عدمه.. لايمكننى إلا أن أعود.. ليس لدي خيار.. أنه أمر لا مفر منه". ونقلت "لوبوان" عن جون لوى بورلو الوزير السابق فى عهد ساركوزى أن الأخير يرغب فى العودة ، وهو الأمر الذى يؤكده أيضا المقربون منه لاسيما الوزيرين السابقين جون بيير رافاران وجيرار لارشيه اللذين يجتمعان بشكل منتظم مع الرئيس السابق. وذكرت المجلة الفرنسية أن ساركوزي قال قبل بضعة أشهر خلال مأدبة غداء مع كبار رجال الأعمال انه "يتعلق بمصير فرنسا"..وانه لا يمكنه أبدا فصل نفسه عن اهتمامه بفرنسا. وفى السياق ذاته..علقت سيجولين رويال المرشحة الرئاسية السابقة (2007) والرفيقة السابقة للرئيس الحالى وأم أولاده – عبر أسير "أر تى ال" اليوم - بقولها "اعتقد ان الفرنسيين ليس لديهم ذاكرة قصيرة"..وتساءلت " لماذا مثل هذه العودة؟"، لان حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" (اليمين المعارض الذى ينتمى له ساركوزى) "في حالة يرثى لها"، على ضوء الانقسامات وعدم وجود مقترحات. من ناحيته.. عبر السيناتور اليمينى جيرار لونجيه وزير الدفاع السابق (فى عهد ساركوزى) عن أمله فى أن يوجه الرئيس السابق كلمة لأبناء الشعب الفرنسى ..معتبرا أن الترشيحات للرئاسية لا تتم إلا قبل الإنتخابات. وردا على سؤال حول طموحات الرئيس السابق..اضاف لونجيه – فى مقابلة اليوم مع قناة "اى تيليه – ان الانتخابات التى ستنظم فى عام 2017، ستجرى كباقى الانتخابات. وأشار "أتمنى أن يتحدث ساركوزى بشأن ما يقوم به وما ينبغي القيام به فى فرنسا، باعتباره رجل سياسة يهتم ببلده" التى تشهد حالة من الإحباط..موضحا أن الرئيس السابق يتمتع بميزة كبيرة، ويمكنه أن يتحدث مباشرة إلى الفرنسيين حول "الماضى المشترك والمستقبل المشترك" أيضا. التأكيدات التى نقلتها "لوبوان" عن مقربين من ساركوزى بشأن عودته السياسية تتزامن مع نتائج إستطلاع الرأى الذى أجراه معهد "إيفوب" وأعلنت أمس " الأربعاء" والتى أظهرت تأييد حوالى نصف الفرنسيين لعودة "ساركو"، كما يلقبه أبناء الشعب، إلى الحياة السياسية، وربما طرح نفسه فى الانتخابات الرئاسية القادمة. وبحسب نتائج الاستطلاع، فإن 46 بالمائه ممن شاركوا فى الاستطلاع الذى جرى على عينة عشوائية بنظام الكوتة، يفضلون الرئيس السابق، فيما لم يحظى الرئيس الحالى أولاند إلا بتأييد 27 بالمائه فقط منهم ، فيما امنتع 27 بالمائه أخرين. من جانبها..طرحت مجلة "لو نوفيل أوبسرفاتور" الأمر بشكل آخر حيث ذكرت أنه خلال مراسم تأبين الزعيم نيلسون مانديلا أمس الأول "الثلاثاء" بجوهانسبرج، ظهر الرئيس السابق ساركوزى للمرة الأولى إلى جانب فرانسوا اولاند، للمرة الأولى منذ الانتخابات الرئاسية..مشيرة إلى أن ساركوزى الذى أعلن بعد إعلان نتائج الانتخابابت انه سيغادر الحياة العامة "ولكن يبدو الآن أكثر من أي وقت مضى انه يعد عودته إلى الساحة السياسية". وذكرت المجلة الفرنسية أن نيكولا ساركوزى يستعد لإنشاء حزب جديد لخوض الانتخابات الرئاسية المزمعة فىعام 2017، معتبرة أن الكيان الجديد سيسمح للرئيس السابق بالخروج عن إطار حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" بعد أن اهتزت صورة الحزب بسبب مشاكله الداخلية. ونقلت "لونوفيل أوبسرفاتور" عن توما جينوليه أستاذ القانون الدستورى الفرنسى بمعهد الدراسات السياسية بباريس قوله أن هناك استراتيجيتين يمكن الاختيار بينهما: الأولى تأسيس حركة تسعى لمنافسة حزب "الاتحاد من أجل حركة شعبية" (اليمين المعارض حاليا)، والاخر تهدف إلى إدماج الحزب فى حركة أو حزب جديد أكبر. وأضاف انه يؤيد الفكرة الثانية لاسيما وان "الاتحاد من أجل حركة شعبية" يعانى من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية ..موضحا أن ساركوزى يعتزم تأسيس هيكل جديد لحملة انتخابية تساعده فى أن يصبح على رأس الأحزاب الموجودة حاليا، فقد استوحى ساركوزى ذلك مما يسمى بنظرية "بونابرت وديجول".