فجرت الإحصائيات الدولية لمنظمة الجمارك العالمية مفاجأة مدوية، حيث أكدت أن حجم تجارة الأدوية المغشوشة في العالم يصل إلى 200 مليار دولار فى عام 2010، الأمر الذي يشّكل خطرًا حقيقيًا على صحة الإنسان وتحديًا كبيرًا للمنظمات الصحية، حيث ارتفعت نسبة الأدوية المغشوشة عالمياً في عام 2007- 2008 إلى 596%، وتبيع الصيدليات وتجار السوق السوداء، خاصة أفريقيا، العقاقير المغشوشة بأسعار زهيدة. وتقول منظمة التجارة العالمية، إن عقاقير الملاريا المقلدة تقتل 100 ألف أفريقى سنوياً، وإن السوق السوداء تحرم الحكومات ما بين 5,2% و5% من إيراداتها، أما خبراء الصحة فيؤكدون أن الدواء المزيف يسبب ما يصل إلى مليون وفاة سنوياً، وصادقت الدول الأعضاء بمنظمة الجمارك العالمية البالغ عددها 176 دولة في بروكسل في 24 يونيو 2010 على إعلان للتصدى لظاهرة الأدوية المغشوشة. وذكرت وكالة أنباء "شينخوا" فى تقرير لها نقلاً عن المنظمة الدولية، أن مبيعات الأدوية المزيّفة عالمياً تجاوزت 75 بليون دولار أمريكي في 2010، وقد ارتفعت بنسبة 90% في خمس سنوات بحسب تقديرات نشرها مركز الأدوية ذات الصالح العام في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ومن الصعب تقدير حجم المشكلة عند وجود هذا العدد الكبير من مصادر المعلومات والتعاريف المختلفة لل"التزييف". وقالت سابين كوب، أمين السر التنفيذي المؤقت لفريق العمل الدولي المضاد لتزييف المنتجات الطبية ومدير برنامج منظمة الصحّة العالمية ضد التزييف: إنَّ منظمة الصحّة العالمية تجرى مسحاً لمقارنة التشريعات والمصطلحات المستخدمة في مكافحة تزييف المنتجات الطبية في بلدان مختلفة، وفي تطور مقلق اكتشف على نحو متأخّر نسبياً أنَّ النسخ المزيّفة من الأدوية المنقذة للحياة الموصوفة لعلاج السرطان والأمراض القلبية الوعائية الخطيرة تباع إلى الزبائن عن طريق الإنترنت أيضاً، بحسب التحالف الأوروبي للحصول على تقارير الأدوية المأمونة. ويرى محلّلون أنّ البلدان النامية تعدّ هدفاً صريحاً للمزيفين بسبب عدم قدرة الكثير من السكان على تحمّل تكلفة الأدوية المشروعة، وضعف الرقابة القانونية في أغلب الأحيان. وفى السياق نفسه، أصدرت هيئة الرقابة الدولية للمخدرات التابعة للأمم المتحدة، والتي تتخذ من فيينا مقراً لها، مؤخرا دراسة تفيد بأن هناك نمواً في الطلب على العقاقير المزيفة أو الرخيصة التي تباع عن طريق الإنترنت. وهذه الأدوية وفقاً للتقرير"لا تقتل الأوجاع ولكنها تقتل المرضى". ويشير التقرير إلى أن تدفق هذه الأدوية إلى الدول النامية كبير، بل إنه في بعض هذه الدول تفوق نسبة الأدوية المزيفة أكثر من 50% من الأدوية الأصلية، وأضاف التقرير أن تجارة الأدوية تشكل جزءاً من شبكة تجارة عالمية غير قانونية أو قد تكون من صنع محلى. وقال الدكتور فيليب إيمافو، العامل لدى هيئة الرقابة الدولية للمخدرات: إن تناول هذه الأدوية خطير جداً وقد يكون في بعض الحالات قاتلاً.. وطالب المسؤول الدولى بضرورة التعاون على مستوى الدول والحكومات من خلال إقامة شبكة لتبادل المعلومات فيما بينها لمتابعة وتعقب ظاهرة الاتجار بالأدوية المزيفة. من جانبه، كشف تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية مؤخراً أن قارة آسيا تعد صاحبة النصيب الأكبر فى تجارة الأدوية المزيفة وان الأدوية المنقذة للحياة غير مستثناة في تجارة الأدوية المزيّفة، وتعمل منظمة الصحّة العالمية مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول) على تفكيك الشبكات الإجرامية التي تجمع مليارات الدولارات من هذه التجارة البائسة، حيث تم مصادرة عشرين مليون حبة وزجاجات وأكياس من الأدوية المزيّفة غير المشروعة في عملية دامت خمسة أشهر نسّقتها منظمة الشرطة الجنائية الدولية في الصين وسبع من الدول المجاورة لها في جنوب شرق آسيا. وفى الصين قالت (شينخوا): إن السلطات الصينية وجهت ضربة لأكثر من 1800 وكر لصناعة وبيع الأدوية المزيفة فى حالات شملت 3.35 مليار يوان صينى (530 مليون دولار أمريكى) خلال حملة وطنية لتنظيم الأدوية استمرت سنتين، حسبما ذكرت مصلحة الدولة للأغذية والأدوية. وقال بيان تشن جيا، نائب رئيس المصلحة، إن 13 قطاعًا حكوميًا حشدت أكثر من مليون موظف لإنفاذ القوانين لمكافحة بيع الأدوية المزيفة من خلال نشر الإعلانات وإرسال الأدوية عبر شبكة الإنترنت، وصادرت أكثر من 500 نوع من المنتجات غير القانونية، وأضاف بيان أن الحملة استهدفت أيضًا الإهمال أثناء عملية التصنيع وكذلك بيع المنتجات غير الدوائية كأدوية. وقامت السلطات خلال الحملة بأكثر من 2800 حملة تفتيشية على مواقع إنتاج الأدوية وأوقفت إنتاج 98 نوعاً من الأدوية، لكنه أشار إلى أن المشكلات مازالت موجودة وتتمثل فى نشر الاعلانات حول الأدوية غير الشرعية، وبيع الأدوية المزيفة عبر شبكة الانترنت، وإجراء ممارسات تصنيع غير صحيحة وخارج نطاق القوانين واللوائح تتعلق بأمن الأدوية.. وأضاف أن الإدارة ستواصل التعاون مع القطاعات الحكومية الأخرى وتعزز مراقبة ومكافحة بيع الأدوية المزيفة عبر الانترنت. وفى أوروبا تواجه دول وسط أوروبا وشرقها "تحديات كبيرة" في مكافحة تجارة أدوية وهمية بمليارات اليورو، غالباً ما تكون قاتلة، بحسب الصيادلة والجهات الأمنية، وفى هذا تحاول بعض دول أوروبا الشرقية محاربة هذه التحديات عبر سنّ قوانين صارمة لمكافحة المهربين، إلا أن الأمر لا يبدو سهلاً، خصوصا أن مكتب الأممالمتحدة للمخدرات والجريمة أعلن أنه في عام 2010 وفرت السوق غير المشروعة للأدوية المزيفة أكثر من 75 مليار يورو كمردود للمهربين بزيادة قدرها 92 فى المائة مقارنة مع العام 2005.. أما خبراء الصحة فيؤكدون أن الدواء المزيف، يسبب ما يصل الى مليون وفاة سنوياً. أما فى أفريقيا فتنتج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 7% من الإنتاج العالمي من الأدوية المغشوشة، وتعانى معظم الدول العربية لاسيما الفقيرة منها من انتشار هذه الأدوية في أسواقها بسبب رخص أسعارها مقارنة بالأدوية الأصلية، حيث تعد المنطقة العربية مرتعًا لتصنيع وترويج هذه الأدوية.