بدأت اليوم الخميس في دولة الكويت الاجتماعات التحضيرية للقمة العربية الإفريقية الثالثة بانعقاد اجتماع كبار المسئولين لمناقشة البنود المدرجة على مشروع جدول أعمال اجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة للتوافق حولها، تمهيدا لرفعها إلى القادة العرب والأفارقة لاعتمادها في القمة التي ستنعقد بقصر بيان في 19 و20 نوفمبر الجاري. ويأتي انعقاد القمة بعد أن أرست قمة سرت عام 2010 مبدأ الانعقاد الدوري للقمة العربية الإفريقية كل ثلاث سنوات، وقد حرص الطرفان على أن تُكرّس أعمال القمة الثالثة للقضايا الاقتصادية والتنموية التي تستجيب لمصالح شعوب المنطقتين، وتم اختيار شعار يعكس هذا التوجه "شركاء في التنمية والاستثمار". ويتضمن جدول أعمال اجتماع كبار المسئولين مناقشة التقرير المشترك لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي والأمين العام لجامعة الدول العربية، وتقرير وقرار الاجتماع الثاني لوزراء الزراعة العرب والأفارقة لتنمية الزراعة والأمن الغذائي الذي انعقد في الرياض في الثاني من شهر أكتوبر الماضي، وكذلك نتائج وتوصيات المنتدى التنموي الاقتصادي العربي الإفريقي الذي انعقد في الكويت يومي 11 و12 نوفمبر الجاري. كما يناقش الاجتماع الاقتراح الخاص بتعزيز التعاون العربي الإفريقي في مجالات التجارة والاستثمار والنقل والاتصالات والطاقة والهجرة، وآلية التمويل العربية الإفريقية للمشاريع والأنشطة المشتركة، فضلاً عن الاقتراح المتعلق بتفعيل لجنة الشراكة العربية الإفريقية، والتقرير التقييمي لأداء المعهد الثقافي العربي الإفريقي. وفي الختام، ستعتمد القمة الإعلان الكويت والقرارات للإسراع في تحقيق أهداف هذه الشراكة. وقال وكيل وزارة الخارجية الكويتية السفير خالد الجارالله اليوم إن تركيز الكويت على الجوانب الاقتصادية وإطلاق "شركاء في التنمية والاستثمار" شعارا للقمة العربية الإفريقية يأتي استشعارا منها بأهمية الانطلاق بالعمل العربي الإفريقي المشترك إلى آفاق تحقق تطلعات الشعوب. وأضاف - في كلمته خلال ترؤسه اجتماع كبار المسؤولين التحضيري للقمة العربية الإفريقية الذي بدأ اليوم بالكويت - "إننا مطالبون في ظل انعقاد أعمال القمة الثالثة أن نثبت للعالم، بشكل عام ولشعوب دولنا بشكل خاص، بأننا قادرون على صياغة استراتيجيات تنهض بدولنا إلى مستوى الطموح وتحقق لأبنائه آماله وتطلعاته". وأشار إلى أن أبناء الأمتين العربية والإفريقية يراقبون نتائج القمة العربية الإفريقية الثالثة، وما ستتمخض عنه من قرارات تصب في صالح التعاون المشترك. وشدد الجارالله على أن تحقيق التعاون الاقتصادي المنشود يحتاج إلى خلق الأجواء الملائمة للاستثمار، وسن التشريعات اللازمة لتشجيعه، وتحفيز التجارة البينية بين دولنا، والاهتمام بالبنى التحتية المشتركة، لاسيما المواصلات والاتصالات التي من شأنها زيادة حركة تبادل السلع والخدمات. وقال إن تحقيق التنمية المستدامة التي يتطلع لها الجميع لن تأتي إلا بعد وضع الخطط والاستراتيجيات التي تتطلب تعاونا صادقا في المجالات الاقتصادية بعيدا عن السياسة ومشاكلها واختلافاتها وخلافاتها. ودعا المسئول الكويتي المجتمعين إلى التركيز على الجوانب الاقتصادية وتلمس آفاق التعاون ووضع الخطط في إطار زمني محدد حتى يمكن مراقبة تنفيذها ومنع تعثرها وإزالة عوائقها. وعبر عن التفاؤل لارتباط العالمين العربي والإفريقي بروابط تاريخية وجغرافية منذ زمن بعيد امتزجت فيها الثقافات وتقاربت فيها الشعوب وانسجمت أفكارهم، مما يسهل التخطيط لمستقبل افضل يزيد من التقارب بين الشعوب ويحقق آمالهم ويرقى إلى مستوى الآمال والطموح. وقال السفير الجارالله إن الحقائق الجغرافية توضح أن أكثر من 70 في المائة من إجمالي أراضي الدول العربية تقع في القارة الإفريقية، وأن ما يقارب نصف سكان العالم العربي يقطنون في تلك الدول. وأضاف أن العلاقات التاريخية العميقة التي تربط الكويت بالدول الإفريقية انطلقت من أرضية تجارية عبر تبادل السلع بعد استقلال الكويت من منطلق حرصها على مد جسور التعاون مع القارة الإفريقية. ولفت إلى أن الكويت أقامت علاقات دبلوماسية مع العديد من الدول الإفريقية، حيث كان عملها الدبلوماسي يسير بالتوازي مع حرصها على تنمية هذه القارة عبر الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، الذي لعب دورا بارزا في تقديم المنح والمساعدات والقروض للعديد من المشاريع التنموية والاقتصادية الرائدة في إفريقيا. وأعرب السفير الجارالله عن التقدير لما تقوم به الدول المشاركة في المحافظة على عقد لقاءات سنوية على مستوى كبار المسؤولين لبحث السبل الكفيلة التي من شأنها تحقيق مستويات عالية من التعاون الاقتصادي والتنسيق، ما يؤكد على حيوية هذه اللقاءات وأهميتها وانعكاساتها الإيجابية على أرض الواقع. وأكد "أن استثمار إمكانيات دولنا على الوجه الأمثل، والتعاون لخلق تكامل اقتصادي، سيمكننا من إقامة اقتصاديات قوية راسخة قادرة على مواجهة التحديات وتجاوز العقبات، مما سيحقق نقلة نوعية برفع المستوى المعيشي لأبناء أمتنا". يذكر أن الكويت تسلمت رئاسة الاجتماع الذي يستمر يومين في بدايته من ليبيا التي كانت ترأس القمة الماضية التي عقدت في مدينة سرت عام 2010 بمشاركة الجابون بالرئاسة. ومن جانبه، أكد الدكتور عبد الرزاق محمود القريدي وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي في ليبيا، باعتبار ليبيا الرئيس السابق للقمة - أن دول المنطقة شهدت خلال الثلاث سنوات السابقة منذ قمة سرت وحتى الآن أحداث وتغيرات سياسية أكدت الحاجة الملحة إلى تكاتف الجهود وحشد الطاقات وضرورة الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية والبشرية ومواجهة كافة التحديات والمشاكل التي تعترض مسيرة التعاون من أجل الارتقاء بالتعاون العربي الإفريقي ليحقق الشراكة الاستراتيجية. وعبر عن تطلع بلاده أن تشهد القمة الجديدة تحولا ملموسا في مسيرة التكامل الاقتصادي العربي الإفريقي من خلال آليات فعالة، داعيا المجتمع الدولي إلى الوفاء بتعهداته لتخفيف عبء المديونية عن الدول الإفريقية، وزيادة المساعدات التنموية، وإصلاح النظام المالي والنقدي العالمي، وتحسين شروط التجارة الدولية. وأكد القريدي حرص بلاده على تفعيل برامج الشراكة العربية الإفريقية بما يضمن مساعدة بلدان الجانبين، خاصة الأقل نمواً، من خلال تبني قرارات في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتجارة والزراعة والثقافة. وشدد على أن حرص الجانبين على عقد هذه القمة في موعدها المحدد وفق ما تم الاتفاق عليه في سرت يؤكد طابعها المؤسساتي، لافتا إلى أن مشاريع الوثائق المطروحة تعبر عن الإرادة المشتركة للعمل حثيثا على تنفيذ استراتيجية الشراكة وخطة عمل للسنوات 2011 – 2016. ومن جانبه، أكد نائب الأمين العام للجامعة العربية أحمد بن حلي أنه منذ عقد قمة سرت في 2010 شهدت عدد من دول المنطقة متغيرات صعبة أثرت على تنفيذ قرارات القمة السابقة، مشيرا إلى أن المشاريع التي تناقشها قمة الكويت يتطلع إليها مليار و300 مليون نسمة من الشعوب العربية والإفريقية من أجل تحقيق تطلعاتهم. وأوضح بن حلي أن مجالات التعاون التي تركز عليها القمة هي 3 مجالات رئيسية؛ منها المجالات السياسية والأمنية، والشراكة الاقتصادية والتنموية، ومشروع ثقافي وعلمي يرتكز على المكونات الحضارية والثقافية والتواصل بين الجانبين. ونوه نائب أمين عام الجامعة العربية بدور دولة الكويت في إضفاء الطابع التنموي على أجندة هذه القمة التي حملت شعار "شركاء في التنمية والاستثمار"، معبرا عن أمله في زيادة حجم التبادل التجاري المتواضع الذي يبلغ 25 مليار دولار. وأكد أن مناقشات كبار المسئولين تستهدف وضع الصياغات النهائية لوثائق القمة، وعرضها على وزراء الخارجية العرب يوم الأحد المقبل، تمهيدا لرفعها للقادة لإقرارها.