تحدث الدكتور عمار علي حسن، الباحث في علم الاجتماع السياسي، عن التصوف في أدب نجيب محفوظ، وذلك خلال ندوة أقامها بيت السناري بالسيدة زينب، حيث قال: "ادعي البعض أن أدب محفوظ يحض علي الرذيلة، في حين أنها تعبر عن الثقافة المصرية وفقاً لجريدة "المصري أفندي" التي كانت تصدر أثناء الاحتلال الإنجليزي لمصر، حيث رصدت واقعًا ملموسًا عاشته مصر، هذا إلى جانب تعمق كتاباته في التصوف المصري والتي تكاد تكون جميع شخصياته الروائية متصوفة". وأضاف حسن أن صوفية نجيب محفوظ التي اكتشفها وهو يعد رسالة الماجستير الخاصة به، تنبض بالواقعية الشديدة، ما يدل على أنه عايشها ولم يشاهدها فقط من الخارج، فنجده يتحدث عن الطريقة الأكرمية في رواية "بداية ونهاية" وهي من الطرق الصوفية غير المتوفرة في مصر، لكنه يتناولها بتفاصيل تضج بالحياة وتجعلك تشعر أنك واحد من تابعيها"، ثم أشار إلى أن محفوظ أعاد إنتاج ما هضمه من التاريخ والأدب والعلوم و السينما والتي عبر عنها في رواية اللص والكلاب على سبيل المثال. واضاف حسن أن محفوظ تعلم الفلسفة علي يد الشيخ مصطفي عبد الرازق وهو أحد تلامذة الأمام محمد عبده، كما ساعدته الفلسفة على تشكيل خبرته ورؤيته في الحياة، ومثل كل ذلك جزءاً من صوفيته، فأدب نجيب محفوظ يُقرأ من زاويا متعددة، من الحارة والموظفين من ناحية، و من الملاهي والتجار والغواني من ناحية أخرى، وزاوية ثالثة للطلاب والثوار، وعليه فإن من يريد فهم تاريخ مصر عليه ان يفهم أدب نجيب محفوظ جيدًا. كذلك أشار دكتور عمار علي حسن، إلى أن دفع البعض بعدم وجود علاقة للصوفية بالسياسة، هو اعتقاد خاطئ لأن السياسة اقترنت بالصوفية في عهد صلاح الدين الذي أخرجها من حيز التصوف الفردي إلى الجماعي، وذلك بسبب المد الشيعي للدولة الفاطمية، هذا بالإضافة الي مشاركة الطرق الصوفية في الاحداث السياسية في تاريخ مصر الحديثة ك"ثورة عرابي" وحتى أثناء تحرير اندونسيا من الاحتلال الهولندي، و الطريقة السنوسية التي حررت ليبيا من الاحتلال الإيطالي، إلي جانب دخول الإسلام بعض البلدان التي لم تدخلها خيول الفتوحات الإسلامية، والصوفية التي دافعت عن عبد الناصر بعد خلافاته مع الإخوان المسلمين، وعن سفر السادات إلى تل أبيب.