وكأنها حرب عصابات, يبدو المشهد السياسي في مصر ملتبسًا بقدر ما يحمل من مفارقات عدة, فالمصريون الذين هللوا بتولي المجلس العسكري إدارة شؤون البلاد بعد تنحي الرئيس السابق حسني مبارك, هم أنفسهم الذين يتهمون المجلس بإعادة إنتاج نظام مبارك. الفيديوهات التي يرد بها النشطاء على تصريحات قادة المجلس العسكري ملونة بالدم, تحمل مشاهد درامية من عنف وسحل وضرب وقتل, وهتك أعراض, وفي حين يتحدث أحد قادة المجلس العسكري عن حادثة هتك عرض وتعرية فتاة مصرية بميدان التحرير ليبحث عن مبرر فج بقوله: "لا تنسوا الظروف". "فوتوشوب", أصبحت كلمة السر المتداولة بين الفريقين, الاتهام جاهز للرد على صور تعذيب أو فيديوهات توضح ضابط شرطة وهو يشهر مسدسه في وجوه الثوار, أو جندي يسحل فتاة على الأرض, وفي صور أخرى يضرب مجموعة من الجنود فتاة مصرية بالأحذية في مناطق متعددة بجسدها. حرب الفيديوهات لا تصلح دائمًا لنيل موقف سياسي على حساب الخصم, فالشائعات التي اتهمت الثوار بحرق المجمع العلمي, كلها جاءت كاذبة, سيما بعد أن خرج رئيس المجمع العلمي بنفسه على شاشة أون تي في وأعلن براءة الثوار من تهمة الحرق, وأثنى عليهم مساعدتهم في إطفاء الحريق. التصريحات الأخيرة لبعض قيادات المجلس العسكري جعلت من الاعتذار الذي يطالب به عدد من السياسيين، أمرًا قديمًا ومستهلكًا لا يطفئ غضب الثوار, فتصريحات اللواء عادل عمارة، عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، التي حذر فيها مما سماه "الاستخدام السيئ للحرية"، متهمًا أطرافًا لم يسمها، بالضلوع والتخطيط ل"هدم الدولة" تذكرني بالمثل القائل "ضربني وبكي .. ثم سبقني واشتكي", ولا أدري حقا هل يعلمنا السيد اللواء تنظيره ومفهمومه للحرية, ثم نرجوه أن يعلمنا أيضا كيف يمكنه تصديق أن هذا الشعب غبي, وأنهم وحدهم أمراء الصلاح والصدق والإخلاص. وأتمني أن يفعل رفيقه اللواء عبد المنعم كاطو مستشار إدارة الشؤون المعنوية -تخيل أنه مستشار- فالرجل يطلق تصريحات نازية, إذ يؤكد أنه يجب وضع هؤلاء الخارجين على القانون في "أفران هتلر", من أين يتحدث هذا الرجل, فتصريحاته تحريض واضح ومباشر على العنف والكراهية، وهو ما يخرج عن إطار حرية الرأي والتعبير في كل القوانين والمواثيق الدولية. سئمت الحديث عن الأطراف الخفية, وهي لها علاقة بالتأكيد باللهو الخفي, وربما تكون لها علاقة أيضا بقناة سبيس تون, إذ يتضح من اسم القناة عمالتها لدولة أجنبية, ثم إن معظم من يشاهدون القناة من أعمار متقاربة, إلا صحيح, هل يشاهد السيد الجنزوري بصلاحياته الكاملة هذه القناة, لعله يحاول.