رغم أنه ليس عربيًا ولا يتحدث العربية ويعيش فى أقصى بقاع العالم، إلا أنه أصبح علمًا في سماء ثورة يناير، فمنذ الإرهاصات الأولى للثورة، يشارك "كارلوس لاتوف" بريشته في دعم مطالب شباب مصر، وتحولت رسومه الكاريكاتورية إلى منشورات ساخنة، تستقرئ الواقع الميداني بصدق ورؤية منطقية وقدرة على التحليل، الأمر الذي جعل كاريكاتيراته تتفوق على كثير من نظيرتها المصرية، لتعكس واقع الثورة وتتحول إلى أرشيف لها يومًا بيوم وحدثًا بحدث. التقى موقع تليفزيون دويتشه فيله الألماني "لاتوف" في حوار طال شؤون الثورة المصرية وهمومه معها: * لماذا تؤيد الثورة المصرية وثورات الربيع العربي عمومًا، هل لكونك من أصل لبناني؟ - جدي لبناني الأصل، لكنه لم يكن السبب الرئيسي لاهتمامي بالقضايا العربية، بل إن سبب تأييدي لكفاح النشطاء ضد الديكتاتورية والأنظمة القمعية يرجع إلى زيارتي للشرق الأوسط. فمنذ ذلك الوقت بدأت أدعم قضايا النضال والتحرر من الفساد، وبعد الربيع العربي ازددت قربًا من الدول العربية، وحاولت أن أدعم برسومي مطالب الثوار. * بعض المتظاهرين يقومون بعرض لوحاتك في ميدان التحرير بديلاً عن الشعارات السياسية، بهدف إرسال مضمونها إلى السلطات الحاكمة. فماذا يمثل لك ذلك؟ - هذا شيء يسعدني جدًا، وعندما أكون جالسًا في غرفتي في ريو دي جانيرو، وأرسل من خلال رسومى رسائل دعم إلى مختلف الأطياف والتيارات السياسية فإن هذا شيء مهم لي كفنان، لكن الشيء الأهم هو استيعاب المتظاهرين لرسومي، فحينما أرى المصريين يحملونها في ميدان التحرير، عندئذ لا تكون مجرد رسوم بل صوت كل شخص يحملها وحقه في التعبير. * تعتبر واحد من الفنانين الذين شاركوا فى ثورات الربيع العربي بإسهاماتهم الفنية ويثق الكثيرون في تجسيدك لواقع الأمور ببلادهم. كيف استطعت نيل تلك الثقة؟ - الإنترنت سهل تواصلي مع مختلف النشطاء في أماكن مختلفة، وساعدني الاستماع إلى مختلف الآراء في الوصول إلى حقيقة الأوضاع في مختلف البلدان بدون الاعتماد على تأثير وسائل الإعلام. كما أنني مهتم بقضايا الشرق الأوسط منذ فترات بعيدة وعلى دراية بالواقع السياسي للبلدان العربية. * يرى المتابعون أن لديك شهرة في مصر أكثر من البرازيل ويعتقد آخرون أنك تركز على قضايا الشرق الأوسط من أجل كسب الشهرة في تلك المنطقة ليقال إنك فنان عالمي. ما رأيك في ذلك؟ - أحيانًا لا يتفهم البعض فكرة دعمي للقضايا العربية رغم كوني برازيليًا، لأن الناس يتناسون فكرة التضامن مع الذين يناضلون من أجل قضية عادلة كالحرية. أما عن اهتمامي بمصر بشكل أكبر، فذلك لأن الثورة في مصر أدهشتني جدًا. خروج الناس بالملايين في الشوارع واعتصامهم في ميدان التحرير بعد تقبلهم فترة طويلة لديكتاتورية حسني مبارك، حفزني جدًا لأشارك بأفكار تتفاعل مع الوضع المطالب بالحرية والعدالة. * وهل تعتبر لوحاتك عن "خالد سعيد" بداية متابعة المصريين لأعمالك الفنية، خصوصًا أنه ضحية لقمع النظام السابق؟ - لوحاتي عن خالد سعيد ليست فقط للتضامن مع قضية ضحية تعذيب، إنما أيضًا كتخليد لذكراه، وأنا سعيد بكون البعض يعتبرني شاركت من خلال رسومي في الثورة المصرية، فدعمي لثوار مصر دفاعًا عن الديمقراطية والحرية هو من أفضل خبراتي التي اكتسبتها حين تفاعلت مع الأحداث بلوحاتي التي نالت شهرة واسعة في مصر. * أغلب أعمالك تأتي كرد فعل لما يحدث في الربيع العربي بشكل أسرع أحيانًا من الرسامين المحليين. فكيف تستطيع الوصول لحقيقة الأمور بتلك الدقة في وقت قصير؟
- أنا على تواصل مع الناس من بلدان عديدة، من صحفيين ونشطاء وسياسيين في قلب الأحداث، يدعمونني بالأخبار فأتمكن من تكوين صورة واضحة لحقيقة الأوضاع في تلك المناطق، وتصبح رسومي سريعة، كرد فعل على الحقائق التي تصلني. وأنا أتلقى الأخبار من أشخاص ذوي مصداقية، ومدافعين عن حقوق الإنسان. * تقول بأنه سيتم اعتقالك لو زرت إحدى البلدان العربية التي تنتقد سياسات الأنظمة فيها. ما تفسيرك لذلك؟ - بالتأكيد، لأن الفنانين أو أصحاب الآراء يثيرون قلق الأنظمة الديكتاتورية، فتحاول تقييد حريتهم. وأنا أعتقد أنه بمجرد وصولي إلى القاهرة سيتم اعتقالي، بسبب رسومي التي تنتقد سياسات المجلس العسكري، فالأعمال الفنية تنشر المعرفة والوعي، وهو ما تحول الأنظمة الديكتاتورية دون حدوثه، ولا أعلم متى سأستطيع زيارة مصر، ويبقى شرفًا لى أن أضع رسومي في خدمة الثورة المصرية، كداعم لمبادئها، فهذه الثورة أعطتني درسًا في الطموح والإصرار على الحقوق. وسعادتي كبيرة عندما يختارني البعض كفنان مشارك في الثورة المصرية.