طلال سيف كاتب شاب له رواية بعنوان "عضو من القاعدة" تنتمي للأدب الساخر، بالإضافة إلى اهتمامه بالعمل التليفزيوني كمخرج في التليفزيون المصري، وله مجموعة من الكتب تتحدث عن الاعداد التلفزيوني وبرامج الاطفال، بالاضافة الى كتابة الفيلم التسجيلي، و"المشهد" تقدم لقرائها قصة قصيرة للكاتب بعنوان "الخارطة": حينما تجد في استقبالك شواهد القبور، أو الست التي تحتكر تجارة الدوم في قريتنا والقرى المجاورة، اعلم أنك قد أصبت الهدف. كي يطمأن قلبك سل عن تجار المخدرات، إن جاءك الجواب أن هذه قريتهم، تأكد أنك في منية سمنود. بعد مسيرة عشر دقائق على قدميك. ساعة ونصف بسيارات أجا - منية سمنود الأجرة التي اتهمت أنها من أسباب ثقب الأوزون، ستجد شرطي المرور الطيب. إلق أمامه على الإسفلت قطعة معدنية فئة العشرة قروش وحذار أن تسلمها له باليد، ثم سله عنى، فربما يحالفك الحظ ويدلك على طريقي، غالبا ما سيقول لك: هو في مقهى عباس، لا تنزعج حينما لا تجد هذا العباس وتجد زوجته هي التي تدير المقهى، فعباس التهمته مقابر سيدي أبى غانم والملقب بأبي ليمونه تيمنا لما كان لليمون معه من معجزات. روى جدي يوم وقفة مولده أن السيد كان يتعاطى مخدر الحشيش وحينما يأتي رجال الشرطة للقبض عليه، يتحول مخدر الحشيش إلى ليمون، وأكد كل أهل القرية ما رواه جدي. رحم الله الجميع، جدي وأبو ليمونه وعباس الذي كرمته زوجته ورواد مقهاه ولم يغيروا اسم المقهى كي لا تنزعج روحه المعبقة برائحة الحشيش والماريجوانا. بفرض أنك لم تجدني، فالحذر كل الحذر من ذى الشعر الناعم ورفيقه على الدرب، فهما وجهان لعملة واحدة، قد يفعل بك الثاني كما كان يفعل عندما سافر إلى العراق، سيداهمك بكلماته المعسولة وقلبه الحنون من أجل إخراج ما في جيبك، وقد احترف هذه اللعبة حينما نسب نفسه للإمام على بن أبى طالب. قال لأهل النجف أن الإمام جده، كان يبكى على ضريحه حتى تتورم عيناه، فكانت لهذه القرابة بالغ الأثر في إثرائه دون أية عمل، أما فى منية سمنود فينسب نفسه للسيد أبو غانم، وفى طنطا للسيد البدوى، وهكذا إلى أن يصل للسيد القناوي بقنا. قد يحاول ذو الشعر الناعم إيقاعك بين فخذى وردة الناريين، سيقول لك: ابحث عنه في بيت وردة، في هذه اللحظة تأكد أنه يريد إيقاعك فى شرك سيدى "ناصب"، على الفور قل لهما إنك ابن شرعي لسيدي " أشفورى". لا تتعجب فسيدى ناصب وأشفورى هما من الألفاظ المتداولة فى بلدتنا ولا توجد على أى بقعة من الأرض سواها، وهما الهان للنصب والتفليسة، عندنا مشهوران كما فينوس ورع فى التاريخ القديم، هنا فقط سيدلانك على طريقى، هو فى مقهى أبو الفضل على النيل. فى طريقك الى المقهى ستمر بمقاه عديدة ، لا تحاول النظر إلى أي منهم، فأنا غنى عن المشاكل، كما فى غنى عن الذهاب خلفك إلى مركز الشرطة، فكل رواد هذه المقاهي من مرشدي المباحث ومدمني المخدرات والقمار. قبل وصولك الى المقهى لا تتوقف أمام مسجد عباد الرحمن معقل الاخوان فى بلدتنا، خوفا من أن تحتويك عيون بصاصى جماعة السلفيين المتوارين فى الوحدة الصحية المهجورة قبالة المسجد، وقتها سيرسلون لك شيخا منهم لاستقطابك ناحيتهم وكذلك سيفعل الإخوة، وتحدث المشاجرة المعهودة بينهما حينما يتهم الاخوان أندادهم السلفيين بسرقة "الأنفار" منهم. دع الجميع وفر بحياتك الى المقهى. حينما تسأل عنى، ستجد الترحيب من كل رواده. من رجال البنك إلى العمال والفلاحين. ملحوظة بسيطة كى لا تنخدع، رجال البنك لا يعملون فيه أو فى غيره، بل هو رمز لدينا يطلق على كل من يأتى من الخارج ويضع أمواله فى أحد البنوك مقابل الفوائد. إن لم أكن موجودا سيستدعينني صاحب المقهى من دكان عيسى غانم البقال، وهو أكبر دكاكين منية سمنود التي بلغ عددها ألفى دكان، لذا فهو مشهور كما النيل وبيوت وردة الثلاثين ومقاهى قريتنا الثمانين وتجار المخدرات وتاجرة الدوم . إن لم آتى إليك فاعلم أننى فى حضرة الفن والأدب عند صاحبي الجنايني وأبوعيسى الذي لايعرفهما في القرية سواى..