الأستاذ الدكتور / شاكر عبد الحميد – وزير ثقافة مصر رغم أننا التقينا مرة واحدة -كانت فى منزل الشاعر الصديق (إبراهيم داود) وقت أن كنا نحضر لعرض مسرحى عن (أصداء السيرة الذاتية) لنجيب محفوظ- إلا أنها كانت كافية بالنسبة لى كى أعرفك وطبقاً لمعرفتى هذه فإننى سأخاطبك د . شاكر .. حضرتك تعلم جيدا أن ثقافة مصر هى ثقافة العالم.. وأن وزارة ثقافة فى أى البلدان هى مجرد وزارة كغيرها من الوزارات الخدمية, لكن وزارة الثقافة فى مصر هى وزارة سيادية كالدفاع والخارجية و الداخلية، وتعلم حضرتك أيضاً أن مصر تستورد كل متطلبات الحياة, و تصدر فقط منتجها الثقافى (الفن والأدب وسياحة الآثار .. الخ) وتعلم حضرتك أن الثقافة المصرية كانت (القوة الناعمة) التى عن طريقها بسطت الدولة المصرية يدها على المنطقة وتعلم فى شؤون الثقافة ما لا أعلم سوف تواجه حضرتك فى وزارة الثقافة تركة صعبة وعصية على الحل.. لم يسعف الوقت د / عماد أبو غازى ليواجه تحدياتها.. وغرق فى لجة صراخ البطون والمطالب الفئوية (مع احترامى لهذه المطالب وتأييدها).. وهذه النبرة خفتت الآن مما يعطى فرصة للعمل الثقافى الجاد والمثمر ودعنا نقفز مباشرة الى أول الخيط وبداية الحل .. وهو (قصور وبيوت الثقافة) .. إن أكثر الفنون تأثيرا هى الفنون المباشرة (كالخطابة .. والمسرح).. ويتميز المسرح عن الخطابة بتعدد أطراف الحوار.. وهو ما يشيع فكرة تقبل الآخر.. ويرسخ فكرة الحوار نفسها.. وهذه الميزة هى ما تفتقد إليه الخطابة.. حيث إنها صوت واحد.. وجهة نظر واحدة غزّت التلقين والانقياد وضيق الأفق والروح ونفى الآخر بين الشباب فكانت النتيجة ظلام وانعزالية وفتنة. وطوال السنوات الثلاثين الماضية.. تم تغييب المسرح.. لصالح ثقافة التشريفات النخبوية.. وحرمت الأمة من نور أكثر من مائتين وخمسين (250) قصر وبيت ثقافة على اتساع أرض مصر. و تُركت عقول الشباب نهباً لكل من يعتلى منبرا.. فكانت النتيجة التى رأيناها.. ونود الخلاص منها. السيد الدكتور.. ضع أمامك خريطة مصر.. وانثر مائتين وخمسين بؤرة نور.. وانظر.. هل يبقى من درننا شيء؟ .. دعنا نوقظ عملاق الثقافة النائم.. فالثقافة هى ملامحنا التى إذا رأيناها فى المرآة سنطمئن.. ونثق فى أنفسنا.. و(نطوّل بالنا) د. شاكر هذا هو السبيل ل.. (إيقاظ الوعى) و(ترطيب الوجدان).. وهى عملية يحمل المسرح والثقافة رسالتها ومسؤوليتها.