لا شك أن الاضطرابات الأخيرة وحالة الفوضى السياسية التي حدثت في مصر العروبة قد أضفت نوعًا من القلق والخوف في قلوب أبناء الأمة العربية على ثورة مصر المجيدة.. والتي أصبحت محركًا نفسيًا يبعث الأمل ويجدد الصحوة في قلوب وعقول الشعوب العربية.. تلك الثورة والتي كانت خير نموذج عكس روح الحرية المكبوتة وحضارة الفكر لدى كل مواطن عربي لطالما كان يتغنى بأمجاد ظن أنها خلت، ويستحضر صورًا من متحف التاريخ العربي ليسلي نفسه ويتقوى على آفات الذل والهوان التي أكلت من لحمه وشربت من دمه فترعرت لتنجب فسادًا وقهرًا وقمعًا وفقرًا.. أثقل كاهله الذي بقى صامدًا بدعائم العزة والكرامة والشرف.. التي ورثها من الآباء والأجداد ومن ثقافةٍ لطالما كانت الأرواح فيها ثمناً للكرامة والعزة والشرف. ولأن الشعر مرآة التاريخ ولسان الثقافة فلا زالت أشعار عنترة بن شداد وعمرو بن كلثوم والمتنبي والفرزدق وصولًا إلى فؤاد الخطيب وأحمد شوقي وأبي القاسم الشابي والذي كانت قصيدته ليست "لحن الحياة" كما سماها بل هي "لحن الحرية" ومغناة المجد.. ولأن الحاضر امتداد للماضي فلقد كانت معلقة 25 يناير.. قصيدة العرب "الشعب يريد.." لكنها لم تجد من يصيغ لها جملاً وكلمات بليغة بل صاغتها أفعالٌ ومشاعرٌ وأحاسيس أشبعت نفوس كل الأحرار.. ولا زالت هذه القصيدة تحاكي النفوس وتجذب الأفئدة والألباب.. خوفاً وطمعاً.. خوفاً عليها من سارقي الثورات.. وطمعاً بما ستضيفه من مجدٍ يضاف إلى أمجاد من سبقوا. والحمد لله أن في مصر رجالاً يصدقون وعدهم ولا تستكين عزائمهم برغم كل شيء.. فالروح التي بُثّت في 25 يناير ونُفخت في جسد تشكّل في ميدان التحرير لن يموت أو يفنى.. ربما أصابته وعكة لكنه بدأ يتماثل للشفاء وبدأت الدماء تتجدد في عروقه لينبض قلبه.. قلب العروبة من جديد.. فالتشخيص الأولي للانتخابات البرلمانية يشير إلى صحة جيدة تعززها المؤشرات الحيوية في ميدان التحرير.. ناهيك عن أن المحاولات المستميتة والتي كانت تهدف في الفترة السابقة الى نزع الشرعية عن ميدان التحرير قد باءت بالفشل وثَبُت أن الشرعية لميدان التحرير باقية وصامدة ولن تنال منها سيناريوهات السياسة.. وسيبقى أحرار مصر بالمرصاد لكل من يحاول سرقة الثورة أو إعادة برمجتها لحساباته الخاصة. ---------------------------------- عن صحيفة "العروبة" الفلسطينية