بينما لا تزال الأوضاع مشتعلة في ميدان التحرير بعد مليونية "المطلب الوحيد"، وحضور عشرات الآلاف في ميدان التحرير هاتفين ضد المجلس العسكري، ومنادين بجدول زمني لتسليم السلطة، استطلعت "المشهد" آراء بعض المثقفين والكتاب الذين أكدوا أن ترتيبات "العسكري" غامضة، وأن الشعب ملّ الانتظار. الشاعر محمد فريد أبو سعدة أكد أن الأسباب الداعية للتظاهر تتلخص في سببين رئيسيين، وهما التنديد بوثيقة "السلمي"، والمطالبة بجدول زمني لتسليم السلطة. ويرى أبو سعدة أنه من الجيد توافق القوى السياسية والإسلامية على هذه المطالب، ومن ثم فالموقف المقبل هو انتظار رد واضح وصريح من المجلس العسكري بشأن هذه المطالب، وتحديد موعد انتقال السلطة. إلا أن أبو سعدة أبدى قلقه من غلبة المنتمين إلى التيار الديني على المنتمين للتيارات المدنية، و"هو شيء مزعج" لمن زار الميدان، حسب قوله، ويجعلنا نتساءل: أين القوى المدنية؟ وبالنسبة لوثيقة السلمي، شدد أبو سعدة على تجديد رفضه لها في صيغتها الحالية، محددًا المادتين 9، 10، مؤكدًا أنهما يعطيان الجيش وضعية فوق القانون وفوق الشعب، الذي هو مصدر السلطات. وحول توقعاته لردود الأفعال قال أبو سعدة: " لو أن المجلس أصدر قررًا بانتقال السلطة، وحدد لذلك موعدًا، فإنه في رأيي سيضع بنفسه العراقيل والعواقب أمام تنفيذ ذلك، وفي واقع الأمر لم نعد كشعب ملّ الانتظار وكمثقفين نثق في وعود وقرارات المجلس أو قياداته". الناقد والباحث عبد الحكم سليمان، أكد أن "غلبة التيار الديني" على المليونية الأخيرة تعني تقاعس القوى السياسية، وقال:"كل ما شاهدته هو "تغزل" القوى الإسلامية في نفسها، واستعراض لعضلاتها، والاستفادة من المليونية في الدعاية الانتخابية". وبالنسبة لموقف المجلس العسكري، أوضح سليمان أنه ككل المواقف السابقة إزاء جميع القضايا، وهو "الصمت"، الأمر الذي يجعل البلد بين شقى رحى "الإسلاميين" و"العسكري" وكلاهما لا يملك رؤية واضحة لإنقاذ البلاد. وبقية الأحزاب المدنية غير فاعلة ولا قيمة جماهيرية لها. ودعا سليمان القوى المدنية، و" الجمعية الوطنية للتغيير"، و" 6 أبريل"، و" كفاية"، وجميع ائتلافات الثورة إلى توحيد الجهود والقوى، وتشكيل ائتلاف موحد يضع برنامجًا سياسيًا واقتصاديًا، يكون هدفه الانتقال بمصر من هذا النفق. الناشط عبده إبراهيم، الباحث في العلوم السياسية، اعتبر أن المجلس العسكري يتبع سياسة معينة قوامها أنه من يملك القوة، لذلك يملكون حق تسيير الأمور، وعلى المتضرر الالتزام بمراسيم المجلس " الفيس بوكية". وأضاف إبراهيم أن: " العسكري" يرى أن ما يجري الآن هو مجرد ضجيج بلا طحن على بالونات اختبارية يشغل بها الشعب، من عينة الوثيقة، فهو عندما أراد أن يصدر بيانًا دستوريًا أصدره بليل ولم يعرف أحد عنه شيئًا، وكان من الممكن أن يمرر الوثيقة بنفس الشكل. لكن فيما يبدو أن "العسكري" له ترتيبات "غامضة" يجري التجهيز لها قبل انتخابات البرلمان. وعن رؤيته لما يمكن أن يحدث قال إبراهيم: إن ما تعيشه البلاد من انفلات أمني يبدو أنه مرتب، ومن هنا فإن لم تلتزم السلطة القائمة على شؤون البلاد بمسؤوليتها، وتحفظ أمنها، فهي مقبلة على " كارثة"، وهى وحدها تعرف مصيرها، والذي رسمته لها. أما إذا انقلب السحر على الساحر، فالميدان لنا.