وصلت الرسالة التى أرادتها التيارات الدينية أن تصل لنا، ومفردات الرسالة، كما أطلقتها التيارات الدينية يوم الجمعة الماضى، فى مليونية ميدان التحرير، أن علينا أن نثق فى غلبة هذه التيارات وأغلبيتها على جميع قوى مصر واتجاهاتها السياسية المختلفة!، ثم علينا أن نسلم بالقدرات التنظيمية الضخمة لها، فقدت استطاعت أن تحشد كل الحشود التى امتلأ بها الميدان بخيامها ومنصاتها وانتماءاتها الجغرافية من العاصمة إلى الأقاليم!، وانطلقت الكلمات والخطب من المنصات بمكبرات الصوت التى جعلت من يريد أن يستمع لا يستطيع أن يميز كلمة واحدة مما يقال على كل منصة، وأبلغتنا الرسالة كذلك بأن فى مقدور التيارات الدينية والإنفاق الذى يفاجئ أى متأمل لبذخ الأموال التى أتت بالجماهير التى أريد حشدها بسيارات الأتوبيس المكيفة والانتظار حتى العودة بها من حيث أتت!، فعرفنا أن التيارات الدينية تملك الإمكانيات المادية التى تعوز جميع القوى الأخرى!، وبينما ينقل التليفزيون المصرى وجميع القنوات العربية حشود ميدان التحرير التى جاءت بمطالب شتى على رأسها أن يسلم المجلس العسكرى السلطة إلى المدنيين!، وأن تسقط الوثيقة التى أصبحت شهيرة باسم «وثيقة السلمى» بما حملته من المضامين!، كانت الشاشات ذاتها تتداول خبراً مسجلاً بالصورة لرئيس الوزراء عصام شرف، وهو يجرى حواراته مع زعماء التيارات الدينية المطالبة بإسقاط وثيقة السلمى، وصاحب الوثيقة جالس حاضر هذه الحوارات، فبدا الأمر غريباً عندى!، إذ ما فائدة هذا الحوار الذى يجريه رئيس الوزراء والدكتور على السلمى صاحب الوثيقة، مادامت هذه الحوارات لا تنتظر التيارات الدينية نتيجتها التى سيحملها إليها قادة التيارات!، وقد صرح البعض من المنتمين إلى هذه التيارات تصريحات مستفزة للجميع أبرزها أنه حتى لو تخلت الحكومة عن وثيقة السلمى، فلن يقعد هذا بالتيارات عن الاحتشاد فى مليونيات قادمة مادام المجلس العسكرى على حد قولهم يتحدى مطالب المصريين!، ولا غرابة فى ذلك!، فهم يتصرفون الآن كأنهم وكلاء الشعب المصرى أمام المجلس العسكرى وحكومته سواء كانت لعصام شرف أو غيره! وعلى العكس من ذلك، تنتظر جماهير الناخبين المصريين ساعة التصويت فى الانتخابات حتى تثبت للتيارات الدينية أنها على العكس تماماً مما قصدته رسالتها الأخيرة فى ميدان التحرير!، فهذه الجماهير تريد دولة ديمقراطية ليبرالية مدنية!، وهى ليست الأغلبية الساحقة التى ظنتها التيارات الدينية لها فأوكلت إليها من الآن الحديث باسمها أمام أى جهة!، ولكن التيارات الدينية شاءت أن تستعرض قوتها بعيداً عن صناديق الانتخاب!، فوصل مضمون رسالتها التى حملت أوهام هذه التيارات!