السياسة الخارجية البحرينية لا تميل كثيراً إلى تدويل قضايا الصراع الداخلي سواءً تعلق هذا الصراع بالبحرين أو حتى دول الجوار، وهي سمة ميّزتها منذ بدء نشاطها الدبلوماسي الأول عام 1971. ومنذ نهاية السبعينيات والدولة تعاني كثيراً من التدخلات الإيرانية لزعزعة الأمن والاستقرار الداخلي في المنامة، ووصلت أقصى حالات التعامل مع مثل هذه التدخلات إلى خفض العلاقات الدبلوماسية نهاية الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات الماضية عندما وصل «الإصلاحيون» إلى سدة الحكم في طهران. ذروة التدخلات الإيرانية بلا شك أن تتدخل طهران في دعم قوى سياسية بحرينية سعت إلى إسقاط النظام وتغيير شكل الدولة البحرينية خلال فبراير ومارس الماضيين، وتزامن ذلك مع حملة إعلامية إيرانية قوية مضادة للبحرين تقوم على تشويه سمعتها الدولية، وانتهت - حتى الآن على الأقل - إلى مرحلة إيقاظ الخلايا الإرهابية النائمة في المنامة ودول مجلس التعاون الخليجي لاستهداف شخصيات وبنى تحتية. ماذا تنتظر البحرين حتى تحسم موقفها إزاء طهران؟ لا أعتقد أن المنامة تنتظر تدخلاً عسكرياً من طهران في أراضيها، ولا أعتقد أن المنامة تنتظر اندلاع حرب أهلية بين طوائف البحرين. حتى لا نصل إلى هذه المرحلة التي لا نتطلع إليها، لابد من خطوات جادة أكثر حسماً تجاه طهران، وقد يكون من المناسب جداً في هذا التوقيت قطع العلاقات الدبلوماسية البحرينية - الإيرانية، لأنها بالتأكيد علاقات ليست نافعة تماماً، بل ضررها أكبر من نفعها حسب تقديري الشخصي البسيط. أما الخطوة الأهم في اعتقادي، فهي تدويل إرهاب إيران في البحرين، بحيث يكون قضية دولية، لأن مثل هذا الإرهاب لا يهدد الأمن الوطني البحريني، وإنما يهدد الأمن والسلم الدوليين الذين على أساسهما أُنشئت هيئة الأممالمتحدة عام 1945، وذلك بحكم الأهمية الاستراتيجية التي تحتلها البحرين في جغرافيا الخليج العربي. ليس مطلوباً تماماً طلب قوات حفظ السلام من الأممالمتحدة في البحرين، وليس مطلوباً إيفاد بعثات تقصي الحقائق إلى المنامة، بل المطلوب ألا تكون البحرين لوحدها في مواجهة الإرهاب الإيراني الذي لا يقل خطورة عن إرهاب القاعدة أو أي تنظيم إرهابي آخر. خيارات البحرين في تدويل إرهاب إيران في المنامة كثيرة ومتعددة، ولا أعتقد أنه من المناسب طرحها هنا، فهي بحاجة إلى بحث ونقاش أكبر، والمدرك لأبعاد القضية يفهم ما أقصده هنا. ------------------------------- عن صحيفة "الوطن" البحرينية