رغم إعلان تحرير ليبيا رسميًا بعد سقوط معمر القذافي ونظامه، فإن الخلاف القائم بين المليشيات في طرابلس ينذر بتحول حلفاء الأمس إلى أعداء اليوم، مما أدى إلى وقوع معارك خطيرة دارت رحاها في الأسابيع الماضية، فيما يلقي المتقاتلون اللوم على عناصر خارجية. ولا تزال العاصمة الليبية تفتقر للاستقرار الكامل، إذ يرى كثير من ابناء الشعب الليبي أن الوقت قد حان ليغادر الرجال المدججون بالسلاح شوارع المدينة. ويعد إعادة بناء القوات الأمنية ونزع سلاح المليشيات واحدة أصعب التحديات التي تواجه الحكومة المؤقتة التي سيتم تشكيلها قريبًا، وكذلك بناء الثقة من جديد بين جميع الأطراف. ويقول حسام نجار، أحد ثوار ليبيا السابقين: "نحن نرحب بهم كمدنيين، إذ يمكنهم أن يكونوا جزءا من طرابلسالجديدة. نحن لا نريد طردهم ولكن بقاءهم قد يبدو صعبا مع هذه البنادق والأسلحة الثقيلة في الشوارع. لقد رأيت بعضهم يدخلون إلى المتاجر وهم يحملون أسلحة مضادة للطائرات، كل هذا يجب أن ينتهي". ويتابع قائلا: "إن السبب وراء هذه التوترات يعود إلى أزمة ثقة خلقها نظام القذافي، إذ أن معظم أجزاء البلاد شعرت بالإقصاء طوال عقود لأن الأموال كانت تصب في داخل العاصمة طرابلس فقط ". ويضيف نجار: "إنهم يشعرون بأن الفرصة سانحة الآن ويجب استغلالها وإلا سيتم تنحيتنا جانبًا. لذلك، أود أن أطمئن الجميع أن ذلك ليس ما يصبوا إليه أهل طرابلس". وشهدت الفترة الأخيرة معارك خطيرة دارت رحاها في الأسابيع الماضية بين مسلحين من الثوار . وكان مستشفى طرابلس المركزي شاهدا على إحدى هذه المعارك، إذ قال العاملون في المستشفى إنه تحول إلى ساحة معركة حين قام أعضاء إحدى المليشيات باقتحامه، وحاولوا قتل أحد الجرحى الذي ينتمي لمليشيا أخرى، غير أن الأطباء منعوهم في اللحظة الأخيرة. تقول سندس بن عليو، طبيبة في مستشفى طرابلس المركزي: "نحن جميعا هنا نعمل تحت التهديد، ولا نعلم كيف يمكن تأمين سلامتنا، إذ يصعب علينا التركيز في عملنا في الوقت الذي يكون الخطر محدقا بنا. من جهة أخرى، يقود مختار فرنانة الآلاف من الرجال الذين يعملون في الجزء الغربي من البلاد، ويؤكد أن اتفاقا قد تم بين جميع القيادات وأنهم يقومون بالفعل بسحب الأسلحة الثقيلة من الشوارع . ويضيف أن ما يقارب 25% من المقاتلين قد انسحبوا من الشوارع ويمكن أن ينسحب آخرون إذا تم تأمين الأمن الكافي في طرابلس. ولكن الانسحاب الكامل لن يحدث إلا عندما تكون قوات الشرطة والجيش قادرة على تولي زمام الأمور في البلاد .