غياب ملحوظ، وغير مبرر لدور الثورة المصرية الموعود والمأمول، ازاء الأحداث العاصفة التي تشهدها المنطقة، وتنذر بانفجارات رهيبة ...بد أت نذرها تتجمع في سماء سوريا الشقيقة. ففي الوقت الذي تفاءلت الامة كلها بثورة 25 يناير المجيدة ، التي اسقطت الطاغية ، ونظام التبعية والعمالة لأميركا ، والسمسرة للعدو الصهيوني،، وبشعاراتها العظيمة في الحرية والكرامة ... لم تستطع الثورة حتى الأن ، ورغم مضي أكثر من عشرة أشهر على انتصارها المدوي، أن تضطلع بدورها الثوري المنتظر ، وتعيد مصر لأمتها ، وتعيد أمتها لها...وبقيت مشغولة بالشأن المصري، ولم تخرج من هذا المربع الذي فرض عليها قسرا، حتى لا ترمي بثقلها في الشأن العربي، وتأخذ دورها في قيادة الأمة، وخاصة في ظل هذه الظروف الخطيرة والمستجدات اللاهبة، وقد تجمع أعداء الأمة من كل حدب وصوب، لضرب ثوراتها ، وتحويل الربيع العربي الى خريف مبكر. وفي هذا السياق ، فلا بد من التأكيد على الترابط الجذري والعضوي بين الهم المصري والهم العربي، فمصر الحرة الديمقراطية العروبية ... هي مصر التي ترفض التدخل الأجنبي في الشأن العربي، وتتصدى للغزوة الصهيونية ، وترفض وجود قواعد أميركية في الدول العربية، لأن هذا من شأنه أن يمس الأمن القومي المصري ، والامن القومي العربي، وهو سر حضورها في كافة مراحل التاريخ...حينما حارب جنودها وجنود بلاد الشام تحت قيادة صلاح الدين الصليبين، وحرروا فلسطين والقدس وبلاد العرب من الغزاة، وحينما أعاد التاريخ نفسه في معركة عين جالوت، فانتصر السلطان قطز على التتار، ورد غزوة الظلام، ومرة أخرى ، في حرب رمضان ومعارك العبور العظيم ، قادت مصر الامة كلها لسحق الغطرسة الصهيونية ، وأعادة الاعتبار للأمة، وللجندي العربي. ليس مبررا، ولا مقبولا،أن تغيب مصر ، فيما الأمة كلها تتعرض لهجمة جديدة تقودها واشنطن ، لمصادرة أحلام وأمال الشعوب العربية ، وأجهاض ثوراتها، واعادة تقسيم المنطقة من جديد .. وفرض الشرطي الصهيوني أمرا ناهيا عليها. ان ما جري في ليبيا الشقيقة، يجب أن يفتح عيون الثورة المصرية على خطورة التدخل الاجنبي ، وخاصة أنه يجري على حدودها، ويهدد امنها القومي، وها هو السيناريو نفسه يتكرر ثانية في سوريا الشقيقة ، اذ توشك الأحداث أن تفضي الى تدخل أجنبي، كما هو مخطط.. تقوده تركيا ، وبغطاء من الجامعة العربية ، كما حدث تماما في ليبيا ، وقبلها في العراق، وها هي النتائج ماثلة على الارض بكل ما تجسده من مآس وفظائع ، وقد حولت واشنطن العراق الى بلد يعيش في القرون الوسطى ، وسلمته الى ايران ، فيما دول الناتو اقتسمت الكعكة النفطية الليبية، ليبس معقولا، ولا مبررا أن تخطف الجامعة العربية ، وتصبح غطاء للمشاريع الأميركية ، فيما الثورة المصرية تقف صامتة ، وكأن الأمر لا يعنيها، شانها شأن اية دولة هامشية أخرى..!! ان ما يجري على الساحة العربية .. والسناريوهات التي تتداول لاعادة الثورات العربية الى الطاعة ، واعادة تقسيم المنطقة ، لقتل روح المقاومة واعادتها الى بيت الطاعة ، يفرض على الثورة المصرية أن تخرج عن صمتها ، وأن تعلن موقفها المنحاز للربيع العربي، وللامة وقضاياها ، ورفضها المطلق للتدخل العسكري وتحت اية صيغة ، ورفضها أن تكون لجامعة العربية غطاء للعدوان الاميركي وللمسشاريع المعادية . باختصار....انها لحظة تاريخية حاسمة تفرض على مصر والثورة المصرية ان ترمي بثقلها ، لاعادة الجامعة العربية المخطوفة للامة ، وحماية الربيع العربي من الرياح الصفراء التي تهدد بتحويله الى خريف. فهل تفعل قبل فوات الاوان ؟؟؟ ------------------------------------- عن صحيفة " الدستور" الأردنية