لم يمت حسن عبدالرحمن محمد البنا الساعاتي في 12 فبراير 1949.. نعم أطلق مجهولون الرصاص عليه من سيارة "جيب" في شارع رمسيس أمام جمعية الشبان المسلمين حينما كان يهم بالدخول لاجتماع مهم.. لكنه لم يمت.. ظل حيا نحو 62 عاما كاملة.. ظن من حرضوا ومن أطلقوا النار على الرجل أنهم قتلوه وأنه قبر للأبد، ووئدت معه فكرة "الإخوان المسلمين" تماما.. لكن التاريخ لم يخلف ظننا ولا مرة.. الفكرة لايقتلها الرصاص.. الفكرة تميتها وتدفنها تحت سابع أرض فكرة مماثلة.. لا يفل الحديد إلا الحديد، ولا يهزم الفكر سوى الفكر. لهذا استمر البنا حيا في أفكاره التي توارثتها أجيال آمنت برسالته، وآرائه، رغم تعرضها للتشويه على أيدي قادة جلبتهم "الإخوان" لتعويض ضعف اعترى الجماعة بعد المرشد الأول.. لم يكونوا أصلاء بل معتنقين للفكر الماسوني في الأساس.. استمرت الأفكار وازدادت انتشارا وتخطت حدود مصر.. صارت عابرة للدول والقارات.. وكثر الأتباع والمحبون. حارت الحكومات المتعاقبة من عهد الملكية مرورا بعبدالناصر والسادات حتى مبارك.. في تحقيق رغبة عارمة تملكت الجميع – سببها الصراع على الكرسي/ السلطة – للقضاء المبرم على البنا/ الفكرة/ المبادئ/ التعاليم.. وفشلوا تماما.. لم تفلح أحكام السجن وقرارات الاعتقال، بل وأحكام الإعدام في تنفيذ مآربهم.. ازداد التعاطف مع مريدي الجماعة.. ونظر إليهم المصريون والعالم باعتبارهم أصحاب قضية وشهداء وزعماء ومدافعين عن آراء وطنية ومناهضين للفساد. الحرب التي كانت تشن ضدهم أكسبتهم صلادة وقوة وإصرارا على تحقيق الهدف.. الشارع والرأي العام لم يفطن إلى هذا الهدف.. المعارضون لهم لم يصدقهم أحد. منذ عامين وبالتحديد بعد 25 يناير 2011 بدأ حلم البنا يتحقق.. ابتسمت الدنيا لتلاميذه "القطبيين".. وحالفهم الحظ بضعف المجلس العسكري.. وفازوا بكل ما جاهدوا من أجله.. السلطة والكرسي الكبير والمناصب كانت الهدف الحقيقي الذي سعوا إليه طوال تاريخهم الطويل، بذلوا من أجله النفس والنفيس.. الروح والدماء كانت الثمن الباهظ لأشياء دنيوية.. بعيدة كل البعد عن ميراث رسول الله "صلوات ربي وتسليماته عليه". حاولوا أن يوهموا الجميع أنهم سدنة الدين وحماة الإسلام وحراس العقيدة، انخدع بهم الكثيرون.. الآن استفاقوا.. بعد وفاة حسن البنا الساعاتي.. قتله أتباعه الخلص.. دفنوا معه فكرته.. "أستاذية العالم" انتهت للأبد.. لن تقوم لها قائمة بعد الآن. ربما بعد عشرات السنين تتفق أذهان شيخ "من الشيخوخة وليس المشيخة" عن فكرة أكثر شيطانية ويقوم بإجراء "عمليات غسيل مخ" لبعض المهووسين، فيعيد أمجاد البنا وتلاميذه.. ربما تبرز جماعة أخرى فصفحات التاريخ ملأى بمثل تلك التجارب الجنونية؛ الخوارج.. الحشاشين.. البوذيين.. القاديانيين.. عبدة الشيطان.. الإخوان.. إلخ. كل تلكم التجارب والأفكار الإبليسية مآلها معروف مسبقا، لكنها تستغرق وقتا يطول حينا ويقصر أحيانا إلى أن تلفظ أنفاسها، لا يستفيد من ورائها إلا صانعوها بشئ من الدنيا.. مناصب وأموال.. ويدفع الثمن المريدون الساكين والأتباع المنقادين. أفيقوا ياعبدة الأصنام؛ البنا قتل يوم 1 يوليو 2013.. قتله مرسي وبديع والشاطر والبلتاجي وحجازي.. "عصابتهم".. وبرهامي وعبدالماجد وعبدالهادي.. "حلفاء الشيطان". اقتلوهم حيث ثقفتموهم، ولا تأخذنكم بهم شفقة.