لم يصمت رئيس الحكومة السابق أحمد شفيق لا شهرًا ولا دهرًا، وبقي- منذ سقوط نظام رئيسه حسني مبارك - حاضرًا في الصورة بأشكال عدة، و لسان حاله يقول: أيها الداعمون، أريد الترشح فاهتفوا!. تجول في العديد من مناطق مصر، ودخل في حوارات، كان هو نفسه - يضن بها - على الناس عندما كان في السلطة. سمع مديحًا، وتلقى تشجيعًا، لكن كل ذلك كان من باب المجاملات التي ينتهي مفعولها بمجرد خروجه من باب مضيفيه. وصل به الأمر، حد المشاركة في أفراح الغلابة، بل و التوقيع كشاهدعلى إحداها، ومع ذلك لم يخرج من المناسبة بغير هتاف تعيس بأنه "رئيس بغير انتخاب". واليوم ( الإثنين )؛ عاد الرجل ليقول لمصر إن حلمه ما زال قائما؛ سأرشح نفسي للرئاسة، فتأهبوا! ، فلما لم يُسمعه رواد "معرض صحاري الدولي الزراعي" هتافات مؤيدة، كتلك التي كان رئيسه يسمعها كلما قال أو تحرك، أضاف عبارة تشويق تستر دهشته: سأترشح إذا لم تواجهني عوائق، والمعنى الضمني لذلك هو أن الرجل يلاعب الناس (والإعلام تحديدا) بلعبة الاحتمالات المفتوحة!. مثل هذه اللعبة، أجادها شفيق، عندما كان وزيرا للطيران، ثم أعاد تكرارها لما تولى رئاسة آخر حكومات مبارك. يومها وعد بديمقراطية كاملة، ودعا الأحزاب للحوار، بينما كان رجاله يحاولون تمزيق صفوف ثوار التحرير بسكين الإغراء، فلما فشلوا؛ أطلق تهديداته الشهيرة؛ ثم وقعت في عهده "موقعة الجمل"، ومع ذلك ظل مصرا على مواقفه المؤيدة للنظام، حتى أنه لم يجد لوصف ما كان يحدث في ميادين مصر، غير كلمة فورة! رغم ذلك؛ عاد شفيق - بعد نجاح الثورة بوقت وجيز- ليعلن نيته الترشح للرئاسة، وكأن شيئًا لم يحدث في هذا البلد، غير أن المؤشرات الأولى خذلته، فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه المجلس العسكري على صفحته ب"فيس بوك"، أن الرجل يحتل ترتيبا لا يشجع على الترشح لرئاسة حي وليس دولة، ثم جاءت ردود الفعل الغاضبة على ظهوره مع قادة القوات المسلحة خلال حفل تخريج دفعة من الكلية الجوية، لتؤكد أن أحلام الرجل للرئاسة، أمامها عائق كبير اسمه؛ الأغلبية. وزاد موقف شفيق صعوبة مع اتهامه بالتربح من خلال استغلال منصبه الوزاري، ورغم إحالة القضية للقضاء العسكري، حيث يصعب متابعتها، بقي مضمونها معوقا ثانيا أمام وصول شفيق لقصر الرئاسة، علما بأن القانون يبيح للمتهمين، في مختلف القضايا، ممارسة حقوقهم السياسية كاملة، والقاعدة ثابتة: "المتهم بريء حتى تثبت ادانته". في مقابل ذلك، يملك شفيق ورقة إيجابية مهمة، وهي تاريخه كواحد من أشهر طياري القوات الجوية المصرية، فضلا عما يحوزه من شهادات كزمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا وزمالة كلية الحرب العليا للأسلحة المشتركة بباريس ودكتوراه الفلسفة في الاستراتيجية القومية للفضاء الخارجي. كما أنه يستطيع، أن يستقطب تأييد القطاعات الموالية للنظام السابق ومن بينها مجموعات، في مقدمتها "آسف ياريس"، التي أعلنت بالفعل أنها ستتبناه وتدعمه لخلافة مبارك، باعتباره امتدادا لنظامه و رجاله وظله !!.