كشف بحث أكاديمي قامت به جامعة "تيلبوخ" الهولندية إلى أن الجيل الجديد من المسلمين المهاجرين في هولندا يفضلون أن يدفنوا في مقابر إسلامية، على عكس الجيل الأول من الوافدين الذين كانوا يفضلون أن يدفنوا في بلدانهم الأصلية. وأوضح البحث الذي أجرته الطالبة فورا دي يونغ ضمن أطروحتها لنيل شهادة الماجستير أن قبول المسلمين الجدد بأن يدفنوا في هولندا، مرتبط بتوفير مراسم الدفن التي يرغبون فيها والمقابر التي تحمي رفاتهم بعد الموت. ونوه بحسب منظمة المقابر الوطنية في هولندا، فإنه لا توجد مقابر إسلامية مستقلة خاصة بالمسلمين ولكن توجد أكثر من أربعين مقبرة في المدن الهولندية الكبرى التي بها كثافة كبيرة من المسلمين تحتوي على قسم خاص لدفن موتى المسلمين، وتتعاون إدارة المقابر مع مؤسسات إسلامية مختصة والمساجد والأئمة لإقامة شعائر الدفن على الطريقة الإسلامية للمسلمين الذين يدفنون فيها. وبين البحث الأكاديمي الذي ظهرت نتائجه في السادس من يونيو الحالي، فإن عدد الذين يدفنون سنويا من المسلمين في هولندا وصل إلى ألف مسلم، والبقية يتم نقلهم إلى بلدانهم الأصلية، مبينا أن 22% من المستطلعة آراؤهم يرون أن هولندا تأويهم أحياء وكذلك أمواتا. وذكرت دي يونغ في حديث مع الجزيرة نت أنها من خلال الاستطلاع الذي شمل مختلف الأعمار والأصول والحالات الاجتماعية، تبين حاجة المسلمين الملحة إلى مقابر تتماشى ومتطلباتهم الدينية، وأضافت أن هذه الحاجة تتنامى بحكم وجود شباب ولدوا وتربوا في هولندا وقلّت علاقتهم ببلدانهم الأصلية. وأوضحت دي يونغ أنه من الصعب الحصول على إحصائيات بعدد الوفيات من المسلمين في هولندا لعدم وجود جهات مختصة في هذا الشأن، لافتة إلى أن إحصائيات غير رسمية تتحدث عن أن حوالي 90% من المتوفين المسلمين يعودون إلى بلدانهم الأصلية، إلا أنها أكدت أن كل المؤشرات تتجه نحو تراجع هذا النسبة. من جهته قال رئيس مؤسسة المقابر الإسلامية في هولندا إبراهيم فايبنغا، إن القوانين الهولندية في مجال الدفن تتعارض مع الأحكام الإسلامية في الدفن، حيث لا يسمح القانون الهولندي بالدفن قبل انقضاء 36 ساعة من إعلان الموت، في حين يصر المسلمون على الدفن خلال 24 ساعة، كما أن أغلبية غير المتدينين في هولندا يفضلون حرق رفاتهم لأن ذلك أقل تكلفة لهم ولورثتهم. وبين إبراهيم في حديث للجزيرة نت أن حواره مع المؤسسات البلدية والحكومة في هولندا منصب على تمكين المسلمين كبقية الطوائف من حقوقهم الدينية في الدفن، وتمكينهم من مقابر خاصة تحمي الرفاة بطريقة أبدية، دون الإتلاف أو الحرق كما يحصل مع غير المتدينين، وضمان حق المسلمين في إقامة الشعائر الإسلامية على الميت بحسب ما تفرضه الشريعة. ووفقا للقانون الهولندي تستغرق مدة المحافظة على الرفات في المقابر العامة التي هي ملك البلدية عشر سنوات، وفي أغلب الأحوال يتم بعد مرور هذه الفترة إخلاء القبور أو إعادة دفن الجثث في وضع أكثر عمقا ليوفر مكانا لقبر جديد. أما القبور التي هي على ملك شركات خاصة فإنه يتم الحفاظ على الرفاة عقدين، وبعد مرور هذه الفترة يمكن تمديد الحق في الحفاظ على القبر من جديد كل عشر سنوات طالما تم الوفاء بالالتزامات المالية. وحول أسباب تزايد الطلب على المقابر الإسلامية بيّن رئيس مجموعة العمل للدفن الإسلامي في منطقة “برابنت” الهولندية موسى أيمو أن عدد المسلمين من الأجيال الجديدة واللاجئين من دول إسلامية وجاليات مقطوعة عن بلدانها يدفع إلى هذه الحاجة. وقال إن مسلمي هولندا لم يعودوا وافدين يستطيعون العودة إلى دولهم متى شاؤوا وكيفما شاؤوا، معتبرا أن على هولندا اليوم أن تتعامل مع موتى المسلمين وفق الخصوصية الدينية وليس وفق القوانين العامة. ويمنح القانون الهولندي الطوائف الدينية إنشاء وإدارة مقابر بأنفسها والحفاظ على الرفاة كما هو الحال لدى الكاثوليكيين والبروتستانت واليهود الذين لديهم مقابر خاصة بهم.