وهي تقود سيارتها، تتحسب المنتقبة من منغصات كثيرة؛ زملاء طريق فضوليون، مارة عيونهم تخترق كل السواتر، باعة مناديل يخترقون بأيديهم النوافذ دون استئذان، ثم رجال مرور يمنحهم القانون حق التوقيف والتفتيش ومطابقة ملامح الوجه بالصورة الموضوعة على رخصة القيادة. لا تملك المنتقبة، في مواجهة ذلك كله إلا الصمت والتجاهل، فإذا فاض بها الكيل، فإنها تعبر عن غضبها بصوت قد لا يسمعه الجالسون بجوارها، على اعتبار أن علو الصوت لا يتسق مع الزي الذي اختارته لنفسها، لكن الأمر لا يخلو من استثناءات، فقد وصلت الحال ببعض المنتقبات إلى حد التعدي على رجال المرور بألفاظ خارجة. وتثير قضية قيادة المنتقبات للسيارات في مصر، العديد من الأسئلة، التي تبدأ، حسبما تقول تسنيم عرابى - مدرسة منتقبة - من لحظة تعلم القيادة، حيث إنها تعلمت قيادة السيارات فور ارتدائها النقاب، فكان ذلك سببا في الكثير من العقبات التي واجهتها، وأولاها الثمن المرتفع لدورات التعليم. واضافت "عرابى" أنها تواجه عددا من المعوقات منذ أن بدأت القيادة في شوارع القاهرة يأتي على رأسها الاستهزاء والسخرية من نقابي، بالإضافة الى تعنت السائقين في التضييق عليّ اثناء السير في الطريق وقالت: "لو حصل اى خطأ أثناء القيادة أسمع ما لا يليق من الكلام". وأوضحت أن ضباط الشرطة يتعنتون في طلب الرخصة، كما يطلبون منها اظهار وجهها للتأكد من شخصيتها مما يثير حالة من الغضب والضيق جراء هذا الصنيع، واستطردت "بعد الثورة تغير الوضع فلم تعد هناك مضايقات من المرور وهناك تسهيلات فى التعامل مع المنتقبات، خاصة أن الإدارة العامة للمرور أوجدت مسئولة للتعامل والتأكد من هوية المنتقبة دون انتهاك حرمة النقاب، ولكن هذا الامر يتطلب منا حضور انتظار الموظفة المسئولة مما ينتج عنه التأخر فى انجاز مصالحنا". وأوضحت أن النقاب لا يمثل عائقًا يربكها اثناء القيادة بل الأمر طبيعى كما هي الحال لدى المحجبة وغيرها. اما آيات عزت - مهندسة - فأكدت أن هناك حالة من التعنت الواضح تجاه قائدة السيارة المنتقبة وكأنها خرجت على العرف والعادة بقيادة السيارة، و ترى آيات أن ذلك يعكس نظرة المجتمع الذى ينظر للمرأة المنتقبة على أنها جارية لا حقوق لها وأنها ليست كغيرها من السيدات سواء المحجبة او غيرها. وأشارت آيات عزت إلي أن التجاوزات مع المنتقبات كثيرة من قبل رجال المرور بدءا من تعنتهم في كل اشارة مرور بطلبهم ابراز تحقيق الشخصية ورخصة القيادة، مرورا بإصرارهم على التأكد من شخصيتها بإظهار وجهها وانتهاء بفحص محتويات السيارة خوفا من حوزتها ممنوعات.. وقالت: "المنتقبة دائما محل شك واشتباه لدى رجال المرور". من جهته أوضح محمد سعيد - ضابط مرور- أن شرطة المرور دائمًا ما تواجهها مصاعب مع المنتقبات اللاتي يرفضن ابراز تحقيق الشخصية, ويوقفن سيارتهن في المكان الخطأ. وأضاف:"بالرغم من أن الإدارة العامة للمرور أوجدت مسئوله للتأكد من شخصية المنتقبة فإن ذلك ايضا يثير غضبهن نتيجة انتظارهن حضور الموظفة مما ينتج عنه مشادات كلامية وتطاول من قبل المنتقبات"، مطالبا الجهات المسئولة بتقنين هذا الوضع . وأشار إلى ان نسبة من المنتقبات اللائي يقدن سيارات من اجمالي النساء لا تتعدى 30%، منوها بأن قيادة المنتقبات عموما تكون ركيكة ومشاكلها كثيرة، كما أنهن لا يلتزمن في الأغلب بتوجيهات المرور ما يعكس جهلهن بأساسيات القيادة. وأضاف أن المنتقبات لهن معامله خاصة فلا مخالفات قيادة أو غيرها تُفرض عليهن وانما مخالفات تعطيل سير الطريق فقط وهذا نوع من التهاون الذى نتعامل به مع المنتقبات. ويؤكد ضابط مرور آخر، هو اسماعيل محمود، أن المنتقبات كثيرا ما يتعاملن مع العلامات المرورية واشارات المرور كأنها غير موجودة، ومعظم المخالفات تأتى نتيجة توقفهن في نهر الطريق والحديث خلال التليفون الذى عادة ما يختفى تحت النقاب. وقال: "عند تحرير المخالفة تبدى المنتقبة حالة من الاعتراض الساخر من الضابط وسبب المخالفة، وأشار الى انه يواجه صعوبة شديدة في التعامل مع المنتقبات لأنه لا يراها مما يجعل المنتقبة موضع شك. وانتقد شرطي المرور إبراهيم صبرى الطريقة التي تتعامل بها المنتقبة مع المرور، فهي لا تليق بكونهن منتقبات.. ويروى صبري قصة تعرضه للإهانة من منتقبة تطاولت عليه بالألفاظ غير اللائقة، عندما طلب منها أن تزيل النقاب حتى يتحقق من شخصيتها، مضيفًا: "طلبت من إحدى المنتقبات أن تزيل النقاب لكى أطابق الرخصة مع الوجه الا أنها رفضت بدعوى أنه لا يجوز أن أرى وجهها، فأنهيت الامر بتحرير مخالفة فقط حتى لا أثير مشاكل على الرغم من اننى لا أطبق سوى قوانين عملي".