قررت الحكومة المصرية إعادة هيكلة قطاع البنوك بعدة طرق تمثلت فى بيع حصص البنوك العامة في البنوك المشتركة للحد من مشكلة الديون المتعثرة ورفع الحد الأدنى لرأس المال المدفوع لأى بنك إلى 500 مليون جنيه كحد أدنى بدلاً من 100 مليون جنيه، وزيادة نسبة كفاية رأس المال إلى 10% بدلاً من 8% ورفع رأس المال الخاص بفروع البنوك الأجنبية عن 50 مليون دولار، وهو ما دفع البنوك التي فشلت في توفيق أوضاعها إلى الاندماج أو التصفية، وكان بنك «مصر اكستريور» هو أول البنوك التي تم دمجها في بنك مصر يوم 16 سبتمبر 2004، بعد تعرضه لمشاكل كثيرة بسبب سوء الإدارة والفساد وتراكم الديون المتعثرة، وقد حكم على رئيس مجلس إدارته السابق بالسجن بتهم تتعلق بالفساد وإهدار الأموال، ومنح المركزي 1.6 مليار جنيه قرضًا لبنك مصر لتمكينه من إتمام الصفقة، وفى صفقة بلغت قيمتها نحو 100 مليون جنيه استحوذ بنك الشركة المصرفية العربية الدولية فى أغسطس 2005على بنك بورسعيد الوطنى للتنمية. ولكن دعوى بطلان عقد بيع 80% من أسهم بنك الإسكندرية أثارت الجدل حول خصخصة البنك وبيع حصص البنوك العامة فى البنوك المشتركة، فعملية بنك الإسكندرية التى تمت فى أكتوبر 2006 هى الأكبر باعتباره أحد البنوك العامة الكبرى التى تم خصخصتها، وفاز بها البنك الإيطالي سان باولو بقيمة 1.6 مليار دولار، وإذا كانت دعوى بطلان عقد بيع بنك الإسكندرية ما زالت منظورة أمام محكمة القضاء الإدارى، فإن كثيرًا من المصرفيين يؤكدون أن الدعوى سيكون لها أثر سلبى على تعاملات البنك إلى حين الفصل فى القضية التى تم تأجيلها إلى يوم 14 يناير المقبل. تري كيف يقيم المصرفيون وضع البنوك بعد الدفع ببطلان عمليات البيع؟ يقول شحاتة محمد شحاتة – رئيس المركز المصري للشفافية -: "إن الحكومة وافقت على البيع على الرغم من أن البنك كان يحقق مكاسب سنوية وصلت إلى 532 مليون جنيه حسب ميزانية 2005، وكان يمتلك أثناء عملية البيع 188 فرعًا فى شتى أنحاء الجمهورية ومساحات كبيرة من الأراضى بالمناطق السكنية فى القاهرة والجيزة وغيرهما من المحافظات". وأوضح أن بيع البنك ألحق الضرر بالعديد من الشركات الإنتاجية المصرية، حيث كان البنك يسهم فى رؤوس أموال 12 مشروعًا و13 صندوقًا استثماريًا بالبورصة و154 شركة تعمل فى مجالات استثمارية عديدة، كما كان يشارك فى سندات تصدرها 9 جهات موزعة على بنوك وشركات مختلفة، مؤكدًا أن عقد البيع باطل لمخالفته قانون المزايدات والمناقصات. ويعلق أحمد قورة - رئيس مجلس إدارة البنك الوطنى المصرى السابق - على دعوى البطلان قائلا: "إن صفقة بيع بنك الإسكندرية كانت سليمة بنسبة 100% وتم إبرام العقود بمراجعة من خبراء قانون دوليين ومحليين وتمت صفقة البيع أيضًا طبقًا للقانون ومن خلال مناقصة شارك فيها أكثر من مجموعة مالية وفاز بالصفقة سان باولو الإيطالى وقام المركزى بالاستعلام عن المشترى وتم الالتزام بإجراءات وقواعد البيع التى حددها المركزى، وهذا الأمر ينطبق على باقى صفقات البنوك سواء عمليات الاستحواذ أو الاندماج التى تمت وكان أغلبها من خلال البورصة ولم يشوبها أى تلاعب، ويقلل قورة من تداعيات رفع الدعاوى القضائية المطالبة ببطلان عقود بيع البنوك على القطاع المصرفى، مؤكدًا أن القطاع يختلف عن القطاعات الأخرى، وتمت مراجعة عقود بيع هذه البنوك من قبل أكثر من جهة رقابية ولا تشوبها أى ممارسات فاسدة. ويقول عمرو طنطاوى - مدير قطاع الفروع والمعاملات المصرفية ببنك مصر "إيران للتنمية" - إن تكرار الدعاوى القضائية ضد البنوك والشركات العامة تعكس رؤية سلبية لما يحدث فى الشارع المصرى، ومن غير المقبول التشكيك فى علاقات تعاقدية لمجرد الأشخاص التى كانت قائمة بها، خاصة أن بطلان التعاقدات بين الأطراف الأجانب والمحليين يأتى من إخلال أحد الطرفين بتفاصيل التعاقد ويتم الإعلان عن أسباب ومبررات البطلان ويشدد على أهمية التزام الدولة بتعاقداتها طالما التزم الطرف الثانى بجميع المحددات والإجراءات التى وضعتها الدولة مسبقًا. ويؤكد أن تعاقدات القطاع المصرفى بما فيها صفقة بيع بنك الإسكندرية سليمة بشكل كبير، نظرًا للضوابط والقواعد المنظمة التى وضعها البنك المركزى وهى واضحة للجميع ولا يمكن التشكيك فيها. وتساءل طنطاوى عن أهداف رافعى الدعاوى القضائية ومكاسبهم من القيام بهذا الأمر؟ ويجيب قائلاً: لا أعرف إلا سببًا وحيدًا يدفع هؤلاء لرفع الدعاوى القضائية وهو الشهرة والظهور فى وسائل الإعلام بغض النظر عن المصلحة الوطنية والأضرار التى ستلحق بالاقتصاد القومى وإذا كان اعتقاد هؤلاء بأن الدعاوى القضائية ستجلب على خزينة الدولة فروق أسعار البيع إلا أنها ستكبدها خسائر كبيرة على المدى المتوسط والبعيد ولابد من توعيتهم بمخاطر هذه الممارسات وإعلاء المصلحة القومية فوق كل شىء حتى على حساب إرضاء الشارع وإلا فالجميع سيكون خاسرًا.