فى الغرفة المغلقة فى أوسلو كانت الحيرة، من يستحق جائزة نوبل لهذا العام.. قال أعضاء اللجنة: إذا كان رئيس مصر أنور السادات قد فاز بجائزة السلام، فكيف سيعطون الجائزة بسبب تنحية الرئيس حسنى مبارك، الذى حافظ على ذلك السلام، وكان وقتها اسم وائل غنيم مطروحاً. لكن فى اليمن توجد بطلة اجتماعية مفاجئة، تذكرهم بمكانة النساء المنخفضة والبائسة، هذه البطلة المولودة بمحافظة تعز فى 7 فبراير عام 1977، تخرج كل أسبوع منذ خمس سنوات فى ظهر يوم الثلاثاء من حرم جامعة صنعاء، وهى زعيمة بارزة وشجاعة غير عادية، وتجلس داخل خيمة، تتظاهر على الرئيس، وتؤيد حقوق النساء، وتؤيد رفع سن الزواج (من 9 سنوات إلى 17 سنة)، وتعترض على الاعتقالات التعسفية والتعذيبات، وتؤيد حرية التعبير. وبذلك أصبحت "توكل كرمان" الناشطة والأديبة والشاعرة اليمنية المناهضة للرئيس على عبد الله صالح، فعمرها من عمر ولايته أول عربية تفوز بجائزة "نوبل" للسلام بعد أن منحها معهد نوبل النرويجى الجائزة يوم الجمعة. تقاسمت توكل الجائزة مع اثنتين غيرها هما: رئيسة ليبيريا "الين جونسون سيرليف" من مواليد عام 1938 فى العاصمة الليبيرية منروفيا، أول امرأة يتم انتخابها لرئاسة دولة أفريقية، وتولت فى السابق منصب وزير المالية خلال عام 1979، ولكنها اضطرت إلى مغادرة البلاد فى أعقاب انقلاب عسكرى فى العام التالى. وبعد عودتها إلى ليبيريا، خاضت جونسون انتخابات عام 1997، ولكنها حصلت على المركز الثانى بفارق بسيط، ثم أصبحت أول رئيسة لليبريا بعد فوزها فى انتخابات 2005، ونظراً لخوضها العديد من المعارك على الصعيدين السياسى والاقتصادى، يلقبها الليبريون ب"المرأة الحديدية". وتستعد جونسون حالياً لحملة إعادة انتخابها لفترة رئاسية جديدة، وقال رئيس حملتها الانتخابية، "مادينا ويساه"، إنها تستحق الجائزة بجدارة، "نظراً للعمل والنشاط الذى قامت به طوال حياتها، من أجل النساء فى القارة الأفريقية، ومن أجل الشعب الليبيرى، ومن أجل العالم ككل". أما الفائزة الليبيرية الأخرى، ليما غبوى، فهى مؤسسة والمدير التنفيذى لمنظمة أفريقية تُعرف باسم "المرأة من أجل السلام والأمن"، وسبق أن فازت بجائزة "الشجاعة"، التى تمنحها مؤسسة الرئيس الأمريكى الأسبق، جون كينيدى، فى عام 2009. وقال رئيس لجنة الجائزة فى أوسلو، إن النساء الثلاث كوفئن على "نضالهن السلمى من أجل ضمان الأمن للنساء وحصولهن على حقوقهن للمشاركة الكاملة فى عملية بناء السلام". وأضاف "لا يمكننا تحقيق الديمقراطية والسلام الدائم فى العالم إلا إذا حصلت النساء على الفرص نفسها التى يحصل عليها الرجال للتأثير على التطورات على جميع مستويات المجتمع". نعود للفائزة العربية توكل كرمان، التى أهدت فوزها بالجائزة لشباب الثورات العربية ول"جميع الشهداء والجرحى الذين سقطوا فى الربيع العربى"، وتعهدت بمواصلة التظاهر فى ساحات التغيير حتى "سقوط صالح". دخلت كرمان السجن مرتين، وفى كل مرة تخرج سريعاً بسبب المظاهرات العنيفة التى تطالب بالإفراج عنها، ورغم ذلك نالها الأذى فى التحقيقات، فضلاً عن محاولة اغتيالها بطعنات سكين. كرمان متزوجة وأم لثلاثة ومثقفة ولها مكان عمل مضمون، فلماذا تجرى فى الشوارع وتقامر على حياتها. واختارتها مجلة التايم الأمريكية فى المرتبة الأولى لأكثر النساء ثورية فى التاريخ، كما حصلت على المرتبة الثالثة عشر فى قائمة أكثر 100 شخصية مؤثرة فى العالم، حسب اختيار قراء مجلة التايم، كما تم تصنيفها ضمن أقوى 500 شخصية فى العالم، وحصلت على جائزة الشجاعة من السفارة الأمريكية. وتم اختيارها كأحد سبع نساء أحدثن تغييراً فى العالم من قبل منظمة "مراسلون بلا حدود". جميع المنظمات الاجتماعية المحلية تهنئ توكل بالفوز، وهى توصى رفيقاتها فى منظمة صحفيات بلا حدود بأن تستمر فى الحفاظ على حواس يقظة، وأنه لا يجوز أن يعتبر هذا التكريم شهادة تأمين حياة.