وزير الخارجية يجري اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الرواندي    حزب "الوعي" يفتتح مقره في الجيزة    «ترشيد المياه والحد من التلوث».. مشروعات طلاب جامعة بنها الأهلية بالمؤتمر الدولي للمناخ    مصادر طبية في غزة: 70 قتيلا و189 إصابة خلال الساعات ال 24 الماضية    تقرير: فرحة الأضحى تغيب عن نازحي مخيم جنين وسط فقد وتشتت    القنوات الناقلة مباشر لمباراة السعودية والبحرين في تصفيات آسيا لكأس العالم 2026    «ضغط الفشل في العمل العام».. رسالة نارية من عضو مجلس الأهلي بعد إساءة هاني شكري    «يسافر مع الخطيب».. الغندور يكشف موعد طائرة زيزو إلى أمريكا    حجاج السياحة يؤدون الركن الأعظم من الحج.. و1200 شركة تشارك في التنظيم هذا العام    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    اليوم.. «قصور الثقافة» تقدم عروضًا فنية مجانية بمتحف الحضارة ونادي 6 أكتوبر    تهنئة عيد الأضحى 2025.. أجمل العبارات المكتوبة (ارسلها لأحبائك الآن)    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    رئيس"التأمين الصحي" يتفقد مستشفى مدينة نصر بالتزامن مع عيد الأضحى    لإفطار يوم عرفة.. طريقة عمل طاجن البامية باللحمة (بالخطوات)    وزير الكهرباء يبحث مع «أميا باور» الإماراتية تعزيز التعاون بمجالات الطاقة المتجددة    المصرية للاتصالات WE تعلن الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس في مصر    جامعة بنها تشارك في النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    أول تعليق من بسمة بوسيل بعد تحسن حالة نجلها آدم تامر حسني الصحية    تردد القناة الناقلة لمباراة الزمالك وبيراميدز في نهائي كأس مصر    من عرفات.. دعاء مؤثر للشيخ خالد الجندي    بمناسبة عيد الأضحى.. الرئيس السيسى يتبادل التهنئة مع ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية    نتنياهو: غزة لن تشكل مستقبلًا تهديدًا على إسرائيل    الأعلى للمستشفيات الجامعية يخصص 56 مركزًا لعلاج الأمراض الوراثية لحديثي الولادة بالمجان    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    صيام يوم عرفة لمرضى السكري.. متى يجب الإفطار؟    أثناء كلمة مندوب إسرائيل.. انسحاب وفد مصر من مؤتمر العمل الدولى بجنيف تنديدًا بجرائم الاحتلال    21 ألف جنيه تراجعًا بأسعار "باجاج كيوت" أرخص مركبة جديدة بمصر.. التفاصيل    محمد حماقي يشعل حفل زفاف محمد شاهين| صور    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    مجلس الزمالك يصرف دفعة من مستحقات اللاعبين قبل نهائي الكأس    بث مباشر من عرفة الآن.. الحجيج على عرفات وصلاة الظهر والعصر جمعًا والمغادرة عند الغروب    "معقولة بيراميدز يتعاطف مع الزمالك ويمنحه الكأس؟".. شوبير يطلق تصريحات نارية    الأهلى يرفع شعار التحدى فى كأس العالم للأندية بعد صفقات الميركاتو    هزات كريت تصل إلى الإسكندرية.. والحديث عن تسونامي لم يعد بعيدًا.. خبيرًا باليونسكو يكشف ل "الفجر"    ألمانيا تسعى لبناء أقوى جيش أوروبي.. تحديات ملحة وخطط طموحة حتى 2029    "الأعلى للإعلام" يستدعي ممثلي وسائل إعلامية في شكوى طليقة أحمد السقا    «24 ألف ماكينة ATM».. خطة البنوك لتوفير النقد للمواطنين خلال إجازة العيد    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    داعية: زيارة القبور في الأعياد من البر وتذكره بالآخرة    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    «في وقفة عرفات».. موعد أذان المغرب بالمحافظات    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    إنزاجي: الهلال فرصة عظيمة.. وأرغب بتحقيق البطولات وتقديم كرة ممتعة    من مسجد نمرة إلى جبل الرحمة.. الحجاج يحيون الركن الأعظم في تنظيم استثنائي    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    اليوم وغدًا.. نجوم الإعلام ضيوف معكم منى الشاذلي    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللعب بالأبيض والأسود وبالزمن في "رحلة العمِّ ما"
نشر في المشهد يوم 17 - 02 - 2013


* كتب
كتب- خالد حماد
في روايته (رحلة العمِّ ما) وهي الجزء الأول من ثلاثية الكالباس للكاتب الجابوني چان ديڤاسا نياما الحاصل على جائزة الأدب الكبرى لأفريقيا السوداء في العام الماضي(2009) من باريس..يغوص چان ديڤاسا نياما في أعماق المجتمع الأفريقي الذي قلَّ ما نعرف عنه شيئاً..يعيش هذا المجتمع فوق أرض تملؤها الخرافات وتلازمها الأساطير ويديرها الصراع ما بين القديم وبين الحديث ..ما بين الآخر/ الأبيض ونقيضه / الأسود.. إضافةً إلى الصراع الدائر أبداً ما بين القرية بما تمثله من أعراف وعادات وتقاليد متوارثة من زمن الأجداد وبين المدينة التي تُصَدِّرُ الحداثة والعصرنة وتشعل بكل ما فيها الثورة على كل ما هو قديم وعتيق.
من العمِّ ما يتخذ چان ديڤاسا نياما بطلاً مركزياً لروايته وهو البطل المحوري تبدأ الأحداث منه وتنتهي إليه.أما ما يتم سرده فهو أحداث الرحلة التي قام بها العم ما بناءً على دعوة قدمتها له ابنته نُنْ التي تقيم في المدينة بهدف أن تعالجه في إحدى مستشفيات المدينة بعد أن أصابه المرض.
تبدأ الرحلة حال ركوب العم ما العربة شيري كار واتجاهه صوب المدينة..وفي كل مكان تمر عليه العربة هناك أحداث ووقائع يتم التعرف عليها في حينها.
ولأن العم ما هو كبير قبيلته /شيخ القبيلة وعمدتها فهو يبدأ الرواية بسؤال جوهري خاصة وهو يُعدُّ نفسه للسفر إلى المدينة لدخول المشفى ولا يعرف إن كان سيعود مرة أخرى إلى منزله وأهله أم لا:ما الذي سأتركه لأبنائي؟ ...لقد تساءل العم ما بعد أن أحس أن جسده غير قادر على الإجابة وهو يشعر بوخات غريبة وبآلام مُبرّحةٍ.
وكما هي عادة القرية التي تعيش في هدوء بعيداً عن أعين وتفكير المسئولين بل تنال بإعجاب منقطع النظير تجاهلهم وليس لها من نصيب سوى فقر في الخدمات إن لم يكن انعدامها.يقول العم ما بعد أن مرض:لم يقدّموا لي في مستشفى موابي سوى بعد الأقراص..وماذا أفعل ببعض الأقراص؟
المحارب القديم
كان العم ما يظن أنه سيتلقى عنايةً أفضل لا سيما وهو المحارب القديم الذي سهر الليالي بجوار أَسِرَّةِ الجرحى والمصابين..لكن ماذا تُقدم مستشفى في قرية لمريض؟
إن ما يُقلق العم ما هنا ليس مرضه وحسب بل كذلك خوفه على مستقبل ابنه الصغير بامبو الذي يرى فيه امتداداً له والذي لا يزال أصغر من أن يستطيع التحليق بحناحيه في فضاءات الحياة المختلفة.
تراچيديا مؤلمة
غير أن القرية التي لا تتجه إليها أنظار المسئولين لا تخلو من وجود العلاقات الإنسانية الفطرية والتي تجسد التكافل الاجتماعي في أفضل صوره والتي لو انعدمت لتحول المجتمع إلى آلات حديدية تتحرك بتروس لا حس فيها ولا روح:لقد اندهش العم ما وهو يرى بيته يكتظ بالزائرين..الأقارب..الأصدقاء الحميمين والحزن يكسو وجوههم جميعاً.
واللافت للنظر أن الرواية تحتوي على كم كبير من الكوميديا لكنها الكوميديا التي تغلفها التراچيديا المؤلمة: يا عم ما إنْ كنتُ أضحك فهذا بفعل ما أحس به من مرارة في حَلْقي.
لا رأس ولا ذَنَب
كذلك نلاحظ أن أحد مستويات الصراع في الرواية هو الصراع بين ذوي البشرة البيضاء وبين ذوي البشرة السمراء الذين يظنون أن البيض لن يساعدوهم في فعل شيء..لذا عليهم أن يعتمدوا على أنفسهم وعلى مجتمعهم هم أنفسهم أن يقوم بإيجاد حلول للقضايا الحقيقية بدلاً من الشجار في الحانات على أمور لا رأس لها ولا ذَنَب.أو يتحولون إلى قرود تأتي لرؤية ثمرة موز لذيذة قرب قفصها دون أن تدري هل ستأكلها أم لا.
كما تنقل الرواية صورة للعلاقة بين الأزواج في المجتمع الأفريقي الذي يسير في طريق الحفاظ على كيان الأسْرة:أتسمِّي هذا حباً لزوجتك؟..المرأة التي عليك أن تحبها في لحظات الخير والشر..نحن لا نتزوج فقط من أجل السراء..بل أيضاً من أجل الضراء!
صراع مرير
كذلك تصور الرواية المجتمع الأفريقي الذي نظنه ونحن لا نعرف عنه أي شيء غارقاً في أعمال السحر والشعوذة وهو يحض أبناءه على التعليم والذهاب إلى المدرسة.وها هو العم ما يقول لابنه الصغير بامبو بعد أن تمكن من قراءة الخطاب الذي أرسلته أخته نُنْ إلى أبيها /العم ما:بامبو..لقد فعلتَ ما لم يستطع أن يفعله شخص آخر..المدرسة هي الطريق التي جعلتك تكتشف الحقيقة..وستنكشف لك أسرار العالم فيها..فلابد أن تتشبث بهذه الفرصة.الفرصة المتاحة لك هي وسيلتك إلى المستقبل..إنها المَعين الذي لا ينضب ولن تكف عن الارتواء منه..فواصِلْ انطلاقك..لقد سجَّل أسلافنا تاريخ بلدنا هذا على حجر أبيض وأنا أذكّرك بهذا لتدرك ألا شيء يتم الحصول عليه إلا بصراع مرير.
أما الخلاصة فيقدمها بطل الرواية في هذه الكبسولة:ذات يوم سيكون عليك أن تشارك في بناء أمتنا..أنا افتقرت إلى هذه الفرصة..لكن فرصتك أنت فريدة.
عالم المدينة
حين يصل العم ما وهو من يقيم طوال حياته في القرية يرى عالم المدينة المختلف..لقد أدهشته المدينة بشوارعها وبأعمدة إنارتها وبصخب مَنْ فيها غير أن هذا لمْ يُنسِ العم ما ما كان يسمعه عن ارتفاع الأسعار وصعوبة الحياة..وبالطبع لم يتواءم مع جو المدينة الذي تُحوّله مكيفات الهواء في المنازل إلى جو بارد خاصة وقد اعتاد على حرارة القرية الشديدة إذ لا مكيفات هواء ولا غيرها.
في منزل ابنته نُنْ يجلس العم ما أمام شاشة التليفزيون منبهراً بالنسوة الفاتنات اللاتي يظهرن أمام عينيه وهن يرتدين أزياءهن الأفريقية ويصففن شعرهن بطريقة تقليدية..لقد جعلنه يستعيد شبابه المنصرم.ولما رأت نن اهتمام أبيها بالاستماع بنشرة الأخبار كي يتابع أحوال أهله في القرية نصحته بألا يُكْثر من هذا خصوصاً وأن هذه الأخبار قد أُعدّتْ لقطع الشهية وتفريق الجماعات. كذلك تقرر نن ابنة العم ما أن ترسل أبناءها في أجازتهم الصيفية إلى القرية كي يتعلموا هناك المباديء والتقاليد الرصينة والتي لن يعثروا عليها أبداً وسط زحام المدينة وحتى يستزيدوا من حكايات العم ما التي تحض على الخيروالحب والجمال.
أساطير
وعلى الرغم من توالي أحداث الرواية الخاصة برحلة العم ما فإن چان ديڤاسا نياما قد أضفى عليها بحرفية روائية بارعة مسحة إمتاع من خلال تضفيرها بعدد من الخرافات والأساطير التي تخلق مناخاً مغايراً لما هو سائد ومألوف وتُمْسك بتلابيب القاريء ولا تفلته حتى ينتهي من قراءتها نظراً لما تحققه من متعة في عالم مختلف بحق.
وتنتهي رحلة العم ما لدى عودته إلى منزله فيهرول الجميع إليه للاطمئنان عليه ولكي يحكي لهم تفاصيل رحلته منذ أن وضع رجله في العربة شيري كار في بداية الرحلة وحتى نزل منها في نهايتها. كان الجميع في حالة شوق شديد لسماع ما شاهده العم ما في المدينة التي لم يذهب الكثيرون منهم إليها قط.
ويتمتع مترجم رحلة العم ما "عاطف محمد عبدالحميد" بحس لغوي يتضح فى قدرته على التوحد مع الرواية الاصلية وادراكة التام ووعية بهذه النوعية من الروايات التى قل او نادرا مانجد الطريق اليها.
Tags:
* رحلة العم ما
* رواية
* جان ديقاسا نياما
مصدر الخبر : البداية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.