فى مثل هذا اليوم منذ عامين .. كنت امام قصر الاتحادية .. و عقب اعلان التنحى مباشرة هاتفنى رئيس التحرير يوسف سيدهم قائلا :" رجعنا للحكم العسكرى .. اللى حصل ده مش صح يا ثوار " .. على اقدامى كنت عائدة من محيط قصر الرئاسة الى التحرير .. انتابتنى حالة من البكاء مع الفرح الممتزج بالخوف .. سرت على اقدامى معظم المسافة الى التحرير .. و قبل ان ادخل الميدان التقيت بضابط جيش بصحبته زوجته و ولديه .. يتابعون مظاهر الاحتفال بالتنحى .. كنت فرحة باكية خائفة مما قاله لى رئيس التحرير .. استوقفته و سالته عن مخاوفى.. ابتسم ابتسامة ساخرة .. و امتنع عن الرد .. ابرزت له كارنيه نقابة الصحفيين و بكيت :" ارجوك قوللى انا فرحتى انطفت فهمنى انت اعلم منى و لا اريد معرفة اسمك " قال مبارك ادانا كلنا اكبر خازوق .. مبارك انتقم من مصر .. مبارك عمل زى نيرون بالظبط لما سلمها للجيش و كان يقدر يعمل غير كده لكنها رغبته فى الانتقام و بكرة الاخوان هايركبوا وتخرب البلد .. .. يا ترى فرحتك لسه مطفية و لا ماتت .. كنت عايزة تفهمى فهمتى ؟؟ " تركته و الذهول يلفنى .. ظللت ابكى حتى وصلت ميدان طلعت حرب حاولت جاهدة ان اتغلب على ما قاله و انخرط فى الفرحة.. ابدا لم استطع .. و فى اليوم التالى و الثالث - الاحد - عدت الى الميدان فوجدت بعض الشباب معتصمون بجوار محل " كنتاكى" .. وكل من يمر ينتهرهم لبقائهم فى الميدان بعد التنحى .. فسالت احدهم لماذا انت باق فاجاب :" لان الثورة لازم تحكم و الا نبقى علمنا هوجة " .. تركته و رحلت و من حينها لم ار الثورة تحكم . عامان من الدماء و الدموع و لم تحكم .. شباب يحلم و فى اقرب مدفن يرقد هناك حلمه مطويا فى ثنيات جسده الذى اعياه التظاهر و مبيت الليالى فى الميادين و مقاومة القمع و الفاشية و لم تحكم .. عامان ارتدت مصر فيهما السوا د على اغلى من فيها – شبابها – ولم تحكم الثورة .. و اليوم يدعى اليمين المتطرف انه الثورة و من بشر بها ..و ينكل بالمعارضين و يصفهم بالمحرضين و الكافرين و يمارس كل صنوف الاقصاء مستخدما ذيوله الملوثة .. حقا خير وريث لمبارك لو جاء جمال لما كان بكل هذا الولاء للارث العفن بكل تفاصيله القذرة