المشهد السياسى المصرى فى قمة التوتر والارتباك.. أهم ما فيه هو موجة الاحتجاجات التى تمثل استكمالًا للثورة رغم التغطية الإعلامية المنقوصة لها توقع المفكر السياسى ناعوم تشومسكى أن يتم التصدى لها بقسوة من الشرطة والجيش، فسيدافع الجيش عن دولته الاقتصادية الخاصة ولن يسمح بوصول نظام ديمقراطى حقيقى يهدد مصالحه.. كما أشار تشومسكى إلى أن المؤسسة العسكرية لها قناة اتصالها الخاصة والمستقلة والمباشرة بالمخابرات الأمريكية، فإذا أضفنا إلى ذلك أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تتلاقى مصالحها مع مصالح المؤسسة العسكرية المصرية فى محاربة قيام أى نظام ديمقراطى حقيقى يعبر عن مصالح الشعب المصرى والتى ستتعارض بالضرورة مع مصالح أمريكا فى استمرار كامب ديفيد واستمرار تبعية مصر فى تسليحها بأمريكا ... ثم إن الرأى العام المصرى لا يرى فى إيران عدوًا بلا إنه يعتبر امتلاكها السلاح النووى نوعًا من التوازن النووى المطلوب للمنطقة، فضلا عن أن وصول تيار سياسى مستقل سيعيد علاقة مصر بإيران إلى طبيعتها مما يؤثر بالسلب فى إسرائيل. ويرى تشومسكى أن التحدى قوى أمام القوى الثورية وعليها أن تتخطى ليس فقط قمع جهاز الأمن ولكن أيضًا تدخل الجيش بعد ذلك لقمع الثورة، وإذا أضفنا إلى ذلك ميليشيات الإخوان المسلحة سنجد أن التحديات عاتية وأن التضحيات ستكون كبيرة وأن الموجة الحالية من الثورة ستكون دموية. السيناريو الثانى هو ما طرحه الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل عندما أكد أن الضوء الأخضر الممنوح للإخوان بالوصول للسلطة الهدف منه استبدال الصراع الإسرائيلى العربى بصراع شيعى سنى ن الهدف من الضوء الأخضر الذى منحته الولاياتالمتحدة الضوء يقضى على طموحات إيران فى المنطقة ويترك مصر باعتبارها رأس حرب النظام السنى المقبل منهكة ومفتتة ومقسمة مما يصب فى مصلحة الولاياتالمتحدة وإسرائيل فى النهاية.. ويتلاقى ذلك مع توقع عمر سليمان من أن الجيش لن يسمح باستمرار الإخوان فى الحكم وأنه سينقلب على حكمهم، ولكن لتتحقق توقعات سليمان لابد أن خلافًا حادًا يحدث بين كهنة المعبد وقادة العجلة الحربية وهو أمر يبدو بعيدًا وفق ما يظهر من تنسيق يصل إلى درجة الصفقة فى خروج آمن لقيادات المجلس العسكرى مع وضع المادة 8 فى مسودة الدستور والمحصنة لأعضاء المجلس العسكرى من أى محاسبة سواء أثناء فترة خدمتهم العسكرية أو إدارتهم شئون البلاد فى المرحلة الانتقالية أو حتى بعد خروجهم للمعاش.. هذه سيناريوهات 3 لا نرى فيها الشعب والقوى الثورية إلا فى سيناريو المفكر الأمريكى تشومسكى الذى يرى موجة ثورية آتية سيتوقف نجاحها على مدى صلابة وقدرة صناعها على الاستمرارية والمقاومة. فشل الثورة سيفتح الباب لسيناريو هيكل أو لسيناريو عمر سليمان! ولكن نجاح الثورة وصمودها سيطيح بمخططات الجميع، الأمر الثانى أن الثورة لكى تنجح لن يكفيها الصمود فقط ولكن سيكون عليها أن تختار قائدها الذى ربما يولد فى الميادين وفى آتون المعركة. السيناريوهات ال3 لم تضع فى حسبانها حدوث متغيرات دولية أو أحداث مفاجئة ربما تعدل أو تغير من مسار السيناريوهات.. ومن المفارقات أن يبدو سيناريو الثورة الدموية هو أكثر السيناريوهات (الآمنة) وأقلها خطرًا على مصر والوطن العربى؛ لأن البديل لنجاح الثورة هو استمرار سياسات التبعية لإسرائيل وأمريكا أو وقوع مخططات التقسيم والتفتيت بل إن استمرار سياسات التبعية لإسرائيل وأمريكا لن يكون بديلًا عن سيناريو التقسيم ولكنه مجرد جسر سيقود إلى تفتيت مصر لنجد نوبة مستقلة ودولة للأقباط وأخرى للمسلمين ورابعة تتخذ من سيناء أرضًا لتوطين الفلسطينيين. نجاح الثورة أصبح ضرورة حياة وضرورة استقلال وهوية وتماسك وهو طوق النجاة من كل السيناريوهات المشبوهة.