يبدو أن "الإخوة فى الله" -السلفيين- يعيشون في كوكب آخر، ويصرون على دفع البلاد الى معارك قد تؤدى إلى حالة أعلى من الفوضى، وأجزم أن أحدًا -ومنهم "طوائف" سلفية- لا يعرف ماذا يريد هؤلاء من خطاب لا معنى له، وكلمات ممجوجة، وسط حالة من عدم الفهم لما يجرى؟! في جمعة ما سمي "جمعة تطبيق الشريعة" أمسك قادة من الجماعة الإسلامية وسلفيين ب "مكرفونات" الميدان في حالة اتسمت بالصوت العالي، وسط هتافات "الشعب يريد تطبيق شرع الله" والسؤال: أىُ شريعة يريدون.. وفي أى زمان ومكان؟.. أم أن الأمر مجرد "أصوات عالية" و"شهيق وزفير". فالإخوة في "الله" يقفون في ميدان التحرير، متخيّلين أنهم على "منابر المساجد" وعلى الجميع الأمر والطاعة، ولا نقاش ولا جدال، فالحوار مع الإمام وردّه أمر غير جائز، ومن يفعل ذلك فهو "كافر وزنديق" ومن الواجب تطبيق "حد الله" عليه"، ولم يخرج "الميدان" بأي رسالة، سوى حالة من الهتافات، ولم نسمع أحدهم قد ناقش هموم الناس، ومواجعهم، ولم يتعرض إلى حالة الفقر، والجدل مع صندوق النقد ومخاطر تعويم الجنيه. وتلخص الأمر كله في "الشعب يريد تطبيق شرع الله"، فأين شرع الله ومازال موظف في الحي والمشفى، وعلى الرصيف، يتقاضي راتبًا لا يتعدى ال 500 جنيه، وأين شرع الله، في بلد مأزوم بالديون المحلية والخارجية، وأليس الأولى أن نحقق للناس الحياة الكريمة، ويأكل الجائع، ويعمل "العاطل"، ويتزوج الشباب وتتزوج الشابات بعدما تجاوز منهم الثلاثين وربما الأربعين من العمر. وأين هؤلاء أو من يطالبون بتطبيق شرع الله من أزمات البلاد الطاحنة.. فهل يجوز تطبيق شرع الله في بلد تأكله الأزمات.. أم أن "فقه الأولويات" قد غاب عن "الإخوة في الله"؟ فأين هؤلاء من تاريخ الصحابة ومواقف خليفة المسلمين "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه وأرضاه.. أم أن الأمر مجرد أفواه وحناجر يملأون بها الدنيا مزيدًا من الضجيج؟!!. وهل من فقه الأولويات تطبيق الشريعة قبل توفير حد الكفاف للناس وجمهور المجتمع.. ومن نصب هؤلاء ليفرضوا رأيهم على المجتمع؟ فليس هم المسلمون وحدهم، وحقهم أن يُبدوا رأيهم، ولكن ليس من حقهم فرض نصوص "فوق دستورية" في دستور شعب مصر، ولا تشكيك فى وطنية وإسلام كل من يطالب بديمقراطية مصر، وكفانا "اتهامات تكفيرية". ويبدو أن "جر" مصر نحو مجهول آخر، خط لا نهاية له، فقد خرج أحد أعضاء السلفيين، ومن الجماعة الإسلامية ليُحرمّ، ُ و"يُكفر" من يحضر، وربما يشاهد حفل تنصيب "البابا" الجديد!! أخشى أن يمتد الأمر ليصل إلى أن زيارة غير المسلم مصر ستدخل في المحرمات، وأن يعيش فيها غير المسلم في مصر، يحتاج إلى حرب "تحرير"!!، ارحموا مصر من أفكاركم، وفتاواكم، قبل أن تجففوا مياه النيل، لأنها ترد من بلاد غير إسلامية.