لقد ابتلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حياته بأناس سفهاء لا عقل لهم ولا ضمير .. غلبتهم الأحقاد وحركتهم الكراهية فأساءوا للنبي (صلى الله عليه وسلم) فقالوا عنه "ساحر" وقالوا عنه "مجنون" .. وقالوا عنه "كاذب" وقالوا عنه " لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم"، استخفافا ً به واستغرابا ً أن ينزل الوحي على رجل فقير ويتيم تاركا ً أكابر القوم .. ولكن الله انتقم من كل هؤلاء وهزمهم شر هزيمة وحمى رسوله . وقد قابل رسول الله ( صلى والله عليه وسلم ) ذلك الصدود بالصبر الجميل والحلم الجميل ولم يقابل سفاهتهم بمثلها بل أمره ربه " فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاًً".. وأمره "فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ".. "فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ "وانتصر الرسول ( صلى الله عليه وسلم). إن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) لن ينتصر بقتل السفراء ولا الهجوم على السفارات أو الاعتداء عليها .. لأن ذلك مخالف لهدي النبي ( صلى الله عليه وسلم) الذي نهى عن قتل الرسل " أي السفراء والقناصل ) حتى في حالة الحرب .. وشريعته سبقت القانون الدولي الحديث الذي يحمي السفراء والقناصل والسفارات فقد قال ( صلى الله عليه وسلم) لرسولي ملك اليمن اللذين أساءا الأدب معه ( لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكما ) إن الرسول ( صلى الله عليه وسلم) لن ينتصر بالاشتباك مع الشرطة لتكون المعركة بين أبناء الوطن الواحد والدين الواحد ويسقط أكثر من مائة جريح من الفريقين.. فضلا ً عن حرق سيارات الشرطة وإطلاق الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين . فهل ننصر رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) بأن يحارب بعضنا بعضا ً .. ويدمر بعضنا السيارات العامة التي سندفع ثمنها من الضرائب. وهل ننصره بأن يشتبك بعضنا مع بعض ويشتم بعضنا بعضا ً عند السفارات ليكون مظهرنا أسوأ ما يكون ؟ وهل نحن أقل من المغاربة الذين تظاهروا سلميا عند السفارة الأمريكية هناك دون اشتباكات ولا شتائم ولا غاز مسيل ولا جراحات ؟. إن الرسول ( صلى الله عليه وسلم) لن ينتصر بأن يدخل البعض أقباط مصر في القضية رغما ً عنهم لتتحول مصر إلي حرب بين المسلمين والمسيحيين .. ويقتل بعضنا بعضا لنحقق هدف صانعي ومروجي الفيلم. إنني أخاف أن يقع البعض في ظلم مسيحي مصر الذين أدانوا جميعا ً الفيلم بجميع كنائسهم .. وعلينا أن نذكر المبدأ القرآني العظيم الذي أرساه القرآن العظيم وسبق به القانون الوضعي الحديث حيث قال تعالى:" أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى* وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى" إن هذا الفيلم يمكن أن يجمع الأمة المصرية على قلب واحد .. وعلينا ألا نفرقها أو نمزقها .. ويمكن أن يجعل موقفنا جميعا ً موحدا ً حكومة وشعبا ً .. فلا يتخذ البعض هذا الفيلم ذريعة لصدام مفتعل بيننا وبين د/ مرسي وحكومته الذي لا نشك لحظة أنهم لا يقلون عنا في حب النبي ( صلى الله عليه وسلم) والرغبة في نصرته .. ولكنه يتحرك حسب وسعه والمتاح أمامه. وبدلا ً من إحداث صدام مفتعل معه لدغدغة العواطف علينا أن نساعده في مهمته ونوزع أدوار الدفاع عن النبي ( صلى الله عليه وسلم) بين الجميع إننا لن ننصر النبي ( صلى الله عليه وسلم) بالربط بينه وبين القاعدة التي تقتل المدنيين عادة .. فالرسول نبي المرحمة ونبي الجهاد الشريف النظيف وهو القائل لقادته : " لا تقتلوا طفلا ً ولا امرأة ولا وليدا ً ولا فانيا ً ولا راهبا ً في صومعة ".. فهو المعني ( صلى الله عليه وسلم ) بالرحمة بالخلق حتى في حالة الحرب. إننا نحتاج إلي فكر جديد للمواجهة يختلف عن الأفكار القديمة التي تقتصر على المظاهرات والخطب والدروس فحسب.