نصرة الرسول "صلي الله عليه وسلم"پ حيا ً وميتا ً من أعظم الفرائض.. وموالاة من يواليه ومعاداة من يعاديه.. وهجو من يهجوه هي أعظم مصلحة.. وليست هناك أنصاف حلول في ذلك الأمر.. إذ أن إهانته "صلي الله عليه وسلم" بطريقة أو بأخري هي إهانة لكل مسلم.. والتعدي علي شخصه الكريم يعد تعديا ً علي مليار مسلم أو يزيد.. فليس لدينا أغلي من محمد "صلي الله عليه وسلم".. وليس لدينا أحب إلي قلوبنا منه.. وعلي الجميع أن يقدر غضبه المسلمين العفوية التي اجتاحت الدنيا كلها. ولكن هذه الغضبة تحتاج إلي عقل يرشدها وفكر ناضج يوجهها إلي مسارها السليم.. بحيث تصب في مصلحة الإسلام وتقويه.. وتنفع بلاد المسلمين ولا تضرها أو تمزق نسيجها الوطني. الفيلم المسيء للرسول "صلي الله عليه وسلم" فيه من الابتذال والإسفاف وعدم الموضوعية ومخالفة كل قواعد النقل والتاريخ الصحيحة والتهجم وسوء الأدب والخلق ما فيه.. والجميع يعلم ذلك وقد تبرأت منه جميع الكنائس المصرية وتبرأ منه كل إنسان عاقل حتي لو لم يكن مسلما ً.. وإذا كان هؤلاء الذين صنعوا الفيلم وروجوه قد أساءوا إلي الرسول " صلي الله عليه وسلم" فعلينا أن نحسن إليه وأن نتبع سيرته ونهجه.. فقد نهي رسول الله " صلي الله عليه وسلم" عن قتل ¢الرسل¢ أي السفراء والقناصل وأسرهم وعائلاتهم حتي في وقت الحرب.. بل إنه قال لرسولي ملك اليمن اللذين أساءا الأدب معه "صلي الله عليه وسلم": "لولا أن الرسل "أي السفراء" لا تقتل لقتلتكما".. ترسيخا ً لهذا المبدأ العظيم الذي سبق به الرسول الكريم والإسلام العظيم القانون الدولي الحديث الذي يسبغ الحماية القانونية علي السفراء والقناصل وأعضاء البعثات الدبلوماسية والسفارات. إننا نقع في خطأ شرعي وخطر استراتيجي علي مصر حينما نعتدي علي السفارات الأجنبية ردا ً علي أي حادث.. تاركين الردود التي تتفق مع شريعتنا وتنفع بلادنا. فهل يكون المغاربة أرقي منا وهم الذين تظاهروا بطريقة سلمية أمام السفارة الأمريكية ثم أقاموا الصلاة وصلوا في مظهر حضاري جيد يتوافق مع الشريعة ويحافظ علي مصالح بلادهم الإستراتيجية ولا يوقع حكامهم في مشاكل سياسية وإستراتيجية.. ولا يحدث تصادم بين أبناء الوطن الواحد من المتظاهرين والشرطة. إن الرسول " صلي الله عليه وسلم" لن ينتصر بأن يدخل البعض أقباط مصر في القضية رغما ً عنهم لتتحول مصر إلي حرب بين المسلمين والمسيحيين.. ويقتل بعضنا بعضا لنحقق هدف صانعي ومروجي الفيلم. إنني أخاف أن يقع البعضپ في ظلم مسيحي مصر الذين أدانوا جميعا ً الفيلم بجميع كنائسهم.. وعلينا أن نذكر المبدأ القرآني العظيم الذي أرساه القرآن العظيم وسبق به القانون الوضعي الحديث حيث قال تعالي: "أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةى وِزْرَ أُخْرَي- وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَي". إن هذا الفيلم كان يمكن أن يجمع الأمة المصرية علي قلب واحد.. وعلينا ألا نفرقها أو نمزقها.. ويمكن أن يجعل موقفنا جميعا ً موحدا ً حكومة وشعبا ً.. فلا يتخذ البعض هذا الفيلم ذريعة لصدام مفتعل بيننا وبين د. مرسي وحكومته وشرطته الذي لا نشك لحظة أنهم لا يقلون عنا في حب النبي " صلي الله عليه وسلم"پ والرغبة في نصرته.. ولكنه يتحرك حسب وسعه والمتاح أمامه. وبدلا ً من إحداث صدام مفتعل معه لدغدغة العواطف علينا أن نساعده في مهمته ونوزع أدوار الدفاع عن النبي "صلي الله عليه وسلم"پ بين الجميع. فهل ننصر الرسول "صلي الله عليه وسلم" بحرق سيارات الشرطة.. والفرحة بذلك.. وكأنها سيارات الأعداء.. أو حررنا القدس. وهل ننصر الرسول "صلي الله عليه وسلم" بأن ندخل البلطجية في الهجوم علي السفارة وقد سمعهم الجميع وهم يسبون الدين لبعضهم البعض ويسبون الدين لجنود الشرطة المصرية. إننا لن ننصر النبي "صلي الله عليه وسلم" بالربط بينه وبين القاعدة التي تقتل المدنيين عادة.. فالرسول نبي المرحمة ونبي الجهاد الشريف النظيف وهو القائل لقادته : ¢ لا تقتلوا طفلا ً ولا امرأة ولا وليدا ً ولا فانيا ً ولا راهبا ً في صومعة ¢..پ فهو المعني " صلي الله عليه وسلم " بالرحمة بالخلق حتي في حالة الحرب. إن غياب العقل المفكر والمبدع والمخطط لخدمة الإسلام والأوطان لدي البعض جعلها تساهم ببراعة في الإساءة للرسول والترويج بحسن نية للفيلم حتي أصبح أشهر فيلم في العالم كله.. دون أن يتكلف منتجوه ثمنا ً لذلك.. لقد أحيوا الفيلم من العدم وأخرجوه من قبره ليراه العالم كله بأيدي المسلمين. وكان غياب الفكر المبدع للبعض سببا ً في إظهار المسلمين في صورة قتلة للرسل ¢ أي السفراء والقناصل ¢.. أو مقتحمين للسفارات.. أو منتهكين لحرمة السفارات أو غافلين عما ينطوي عليه ذلك من أخطار علي الأمن القومي العربي أو المصري.. وبعضهم يمكن أن يجر بلاده جرا ً إلي حروبپ باردة أو ساخنة مع الغرب لا تريدها بلادنا وليست مستعدة لها اقتصاديا ً أو سياسيا ً أو عسكريا. إن الذين دعوا إلي التظاهر أمام السفارة الأمريكية يتحملون نتائج ما حدث من أخطاء شرعية وأخطار علي الأمن القومي واندساس البلطجية بين الصفوف وحدوث القتل والحرق والجراحات. وقد أحسن الإخوان حينما نأوا بأنفسهم عن التظاهر أمام السفارة الأمريكية لأنها ستكون مرتعاً للمزايدين علي البطولة في غير ميدان.. وساحة لاندساس البلطجية وبعض الذين يكرهون الشرطة ويرغبون في الصدام معها بأي ثمن. وهل ننصر رسول الله "صلي الله عليه وسلم" بالتحرشات اللفظية والمكتوبة والهتافات ضد أقباط مصر الذين استنكروا الحادث ؟!!. وهل نصنع مشكلة لبلادنا يريدها صانعو الفيلم.. وكأننا ننفذ كل ما خطط له أعداؤنا دون تبصر أو عقل أو تفكر؟!! وهل نؤذي مشاعر أقباط مصر لينضموا إلي قائمة خصومنا وأعدائنا؟.. أم نكسبهم إلي جوارنا في معركتنا في الدفاع عن الرسول " صلي الله عليه وسلم " ونصرته؟!! إن البعض بحث في هذه الأيام عن بطولة زائفة يزين بها جبينه علي حساب الوطن.. وعلي حساب مصالحنا الإستراتيجية ووحدتنا الوطنية. اللهم إني أشكو إليك تطاول هؤلاء السفهاء من أقباط المهجر علي مقام النبي العظيم محمد "صلي الله عليه وسلم".. واعتذر إليك مما فعله البعض في طريقة نصرتهمپ الخاطئة للرسول "صلي الله عليه وسلم"پ. اللهم إني أشكو إليك كل من جحد عطاء الرسول الكريم "صلي الله عليه وسلم" للبشرية جميعا ً حتي أنقذها من الظلمات وولج بها إلي ضياء الحق والنور والفضيلة والخير والبر. واعتذر إليك عمن يريد استغلال الحدث لأغراض دعائية أو لجمع الأعوان أو تمزيق المجتمعات العربية.. فالتعدي علي السفارات لا يحل المشكلة.. بل يعقدها.. وقتل السفراء يحول الأصدقاء إلي أعداء وينذر بحرب مدمرة.. فضلا ً عن افتقاره للغطاء الشرعي الصحيح ومخالفته لسنة النبي "صلي الله عليه وسلم" إننا نحتاج إلي فكر جديد للمواجهة يختلف عن الأفكار القديمة التي تقتصر علي المظاهرات والخطب والدروس فحسب.