أمام المئات من جمهور السيدة زينب، قام الشاعر الشعبي أحمد حواس بالارتجال، وهو يروي قصة الصراع بين الأمير أبو زيد الهلالي واليهودي كافر خان ووزيره توما، ضمن أحداث السيرة الهلالية، ليسلط بذلك الضوء على الصراع العربي- الإسرائيلي، ويتغنى بمآثر المقاومة العربية ويرسخها. ولا يتوقف ارتجال حواس عند هذه القضية، في جزء من السيرة التي يروي معظمها في ليالي رمضان الثقافية، التي تقيمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، لكنه يعرج على الثورات العربية، خاصة الثورة الليبية ليبارك نجاحها ويتغنى بمآثرها. ويقول حواس: بدأت الانشغال بالسيرة الهلالية منذ أن كنت طفلا، لأن ولدي الشاعر سيد حواس شاعر ابن شاعر، كما أن ثقافتي واطلاعي جعلاني أكتشف السيرة وأحاول جمع تراثها من الذكريات، وحتى ما سجله والدي للإذاعة، من المواليد وحتى نهايات السيرة. ويضيف: أحببت سيرة بني هلال، عندما كنت أستمع لوالدي وهو يعزف على آلة الفيولا وينشد أبياتا منها، كان يجذبني صوته وأسافر وراءه إلى حيث يحيي الحفلات في وجه بحري كله. وعن أول حفلة أحياها، يقول: كانت في نهاية عام 1974 في بلدة ميت غمر، وكان الجمهور أمامي بالآلاف، وكنت خائفا من أن أحل محل والدي، لكنه شجعني. وعلى عكس احتفاء رواة الصعيد بالثأر والحروب والصراعات، لا يحب حواس حوادث القتل في السيرة الهلالية، ويقول: رأينا في هذا العصر هموما كثيرة، وأفضل أن أحكي قصص الفوارس فهي ما يجذبني، ولا أتعاطف مع مسألة القتل مطلقا. وعن تأكيدات رواة الصعيد بأن رواية قبلي للسيرة الهلالية هي الأصل، يقول الشاعر الشعبي أحمد حواس: جميع مقاهي القاهرة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي كانت تشتغل على السيرة البحرية المعروفة باللهجة العامية، ولا تقتصر على المربع مثل السيرة القبلية، مشيرا إلى أن الشاعر عبد الرحمن الأبنودي نفسه استخدم نظام الفواصل عندما جمع السيرة، وهو نظام معروف في الوجه البحري، ويبدأ بمديح الرسول مثل "أنا عبد من يعشق جمال محمد". ويؤكد حواس أنه ما يزال هناك جمهور للسيرة الهلالية، وهو بالآلاف في محافظات بحري، لافتا إلى أن السيرة تمتلك المباديء والقيم، فمثلا كان هناك شاعر نزل أرض الهلايل حيث أمتع القبائل والجمهور بأشعاره، ثم حملوا له جملين من الخيرات، فقال له الملك حسن، ملك العرب وابن عم الأمير أبو زيد سلامة: هل هناك من أعطاك أكثر من ذلك.. فقال له الشاعر: زيد العجاج بن فاضل أعطاني جواهر، فاستشاط الملك غضبا، فاستمر الشاعر وقارن بين الجازية أخت الملك حسن والناعسة من قبيلة زيد العجاج بن فاضل، فأمر الملك بقتله، لكن أبو زيد أنقذه، وأقنع الملك حسن بأن قتله سيجلب للقبيلة العار. وأضاف أن أبو زيد- عندما كان يريد استكشاف المجهول- كان يركب ناقته ويأخذ ربابته ويتنكر، فقام بذلك ودخل بلدا فوجد حربا قائمة بين طائفتين من اليهود والعرب، وجاء ليحكم في القضية، ويرى الناعسة أجمل أم الجازية.. والحسن أكرم أم زيد العجاج، فاضطر إلى الدخول في الحرب، لما رأى اليهودي يحاول طعن زيد العجاج بن فاضل، وينقذه من حربته المسمومة. ويخشى الحاج أحمد حواس على ضياع السيرة، وبلهجة حادة يهدد: سأذهب لليونسكو للمحافظة على سيرة سيد حواس.