تكتب : قطعا ليس دفاعا عن الزند بل خوف من محاكم التفتيش كان سيعد من دواعى فخري أن تتم اقالة وزير العدل المستشار المحترم أحمد الزند على خلفية مخالفته للدستور فى كثير من تصريحاته الصادمة المستفزة والمخاصمة للعدل وهو وزيره !! كنت سأرفع القبعة للرئيس تبجيلا لو كانت الإقالة تمثل رجوعا عن اختيار كان صادما ومرفوضا من كثيرين يعرفون تاريخ الرجل وكراهيته الشديدة لثورة 25 يناير وخصومته للشعب الذى ثار والدستور الذي كان نتاجا لثورته !! أما تصريحاته العجيبة فإنها كان يجب أن تكون مانعة لذلك التعيين بسبب افتقارها للمنطق وتبنيها لعنصرية مقيتة تضفى على فئة القضاة قداسة لايقرها عقل او ضمير رغم أنهم حراسه !! الامثلة كثيرة ومفزعة ... منها إعلانه منع أولاد البسطاء من حق الالتحاق بالسلك القضائى حتى لو كانوا متفوقين ، وذلك فى تأسيس مقيت لعنصرية اجتماعية تصورنا أنها ذهبت بلا عودة !! أو تصريحه أن باستطاعة المصرى ان يعيش بجنيهين فى اليوم فى ازدراء قبيح لحق البسطاء فى العيش بكرامة والذى يخاصم الجنيهين بالقطع !! وأشياء كثيرة أقلها غلظة خصوماته وتربصه بالصحفيين او الطامة الكبرى المتمثلة في مطالبته المحاكم باستخدام حقها في رفض الاستماع الى شهود المتهم ، وذلك فى تغول صريح على الحق فى محاكمةعادلة والتى يظل عمودها الفقرى شهادة الشهود .!! ولكن لم أكن أتخيل أنه يقع تحت مقصلة السلفيين والوهابيين ويجبر على الاستقالة أو ينحى لأنه صدرت منه كلمة لا يقصدها ولا يعنيها واعتذر عنها .. فى نموذج فج لمحاكم التفتيش لم تمرعلى مصر مثلها!!! ربما اضيف صوتى لصوت ابراهيم عيسى القوي وهو يحذرنا من السلفية المقيتة التى هى الإبنة الشرعية للوهابية الغليظة والتى كانت السبب المباشر لتغيير هوية المصريين منذ هجرتهم للبحث عن لقمة العيش التي عزت فى موطنهم وعادوا لنا بالعباءة والحجاب واللحية والفكر المتطرف المخاصم للعصر أو المعاكس للبهجة والرافض للفنون والإبداع والمعادى للتفكير والخيال والذى يخلط عن قصد بين العادات وشرع الله فى مؤامرة فكرية دفع العالم ثمنها من إرهاب مقيت بنى على تلك الافكار الغليظة ! من هنا بدأت مشكلتنا .. السماح للفكر المتطرف أن يحكم حياتنا مقابل صفقات سياسية أصابت أول ما أصابت من أبرموها وأدخلت البلاد فى نفق مظلم لم نستطع الخروج منه حتى اليوم !! كان بودى أن يقال وزير العدل أو أى وزير مهما كان ، بسبب تغوله على الدستور أو تعديه على الحريات أو منع تنفيذ الأحكام أو الظلم بكل انواعه أو إفلات الأهل والعشيرة من العقاب لدعمهم النظام ، لكنه للاسف لم يحدث. كان أملى أن يطاح بسيادة المستشار أحمد الزند لأنه أطلق تصريحا لايليق بمكانته كوزير للعدل المطلق وليس العدل لمن يحكم ومريديه ومطبليه وعشاقه. ولكن لا أؤيد أبدا أن تكون اليد التى أطاحت به هى يد محاكم التفتيش التى لم ترهب الزند وهو من هو ، إنما جعلت منه عبرة لمن اعتبر حتى يصمت الجميع رعبا !! ليس دفاعا أبدا عن وزير العدل الذى لم يعدل لا فى كلامه ولا فى خصومته ، إنما عن حقه فى اقالة مسببة حقيقية ، تعطى به المثل بأن الوظيفة العامة لها معاييرها وأصول ممارساتها وحيثيات بقائها ودواعى استمرارها أو الإقالة منها وحدود سلطاتها والتزامها بمبادئها وقدرتها على العمل السياسى مع كفائتها المهنية !! لا و الله لا أرضى للزند ومن هو أقل منه أو أكبر ، أن يصبح رهينة تيار سلفى ، رأينا منه ما رأينا من فكر شاذ مريض أحادي لا يرى فى الآخرين إلا أعداء يستحقون الذبح أوعبيدا يستحقون العبودية حتى ولو كانوا أهل ذمة أو إخوانا فى الإنسانية !! لا أرضى للزند أن يكون ضحية لحاجاتنا التى تجعلنا أسرى الوهابية وثروات تابعيها بحيث استحت عيوننا ، لحاجة الفم لطعام عجزنا عن توفيره أو لفساد استشرى ولم يعاقب ، وإطاحة بأهل الكفاءة من أجل عيون أهل الثقة حتى كادت الدولة أن تسقط بدون حاجة لمؤامرات وهمية أو حقيقية!! لن أكون أبدا من المتشفين فى المستشار ضحية كلمة خرجت سهوا بعيدا عن مقصدها ، ويعرف من أقالوه قبل أى أحد آخر أنه لم يقصدها ولكنهم ربما وجدوها فرصة للتخلص من سيادة المستشار الذى اصبح عبئا على النظام فى محاولة تهدئة رأي عام غاضب ويخشون من تبعات ذاقوا مرارتها من قبل ! اختيار الوزراء كاشف عن توجهات النظام . وأسباب اقالتهم كاشف أكثر عن الطريقة التى تدار به الدولة فى وقت حرج كوقتنا هذا ولا أتصور أنه قارب النجاح ولومن بعيد ! ليكن الزند آخر ضحايا السلفيين وصفقاتهم المريبة وانبطاح الدولة لهم فى صفقة صحراوية ليست بخافية على أحد ، ولكنها تهدد النظام ولن اقول الدولة للفروقات بينهما ، لابد أن تعيها مداركنا .. وتقلص من شعبية الرئيس التى تتناقص بسرعة مخيفة ، حتى لو أنكرها إعلاميو الأمن ، و تنذر بانفجار لا أحد يتمناه ولكنه على الأبواب كما انبأتنا به زرقاء اليمامة من قبل ولم يستمع إليها أحد ، وقد كان ما كان !! الزند آخر سلسلة ضحايا الدولة الدينية الغليظة ، الدولة التى تسجن مفكريها ومبدعيها وصحفييها ومعارضيها ، وقبلهم تسجن مستقبلها المتمثل فى شبابها ، هى دولة منزوعة العقل قبل الضمير ولكن للأسف عندما يأتى الطوفان لن يفرق بين المستشار الزند وبين إسلام البحيري وبين عبد الرحيم على وفاطمة ناعوت ، فكلنا سنكون ضحايا الصمت المخجل قبل التواطؤ الفج !!! المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية