هذا بالضبط حال البرلمان الجديد . ولد مشوها بعد مخاض عسير بين مماطلة وتأجيلات وطعون وشكوك حول دستورية قانون إنتخابات معيب ومعركة إنتخابية شابها الفساد والإحتكار وهيمنة والهيمنة لتكون النتيجة مجلس نواب مفكك غير متجانس مازال لاصحاب المصالح من رجال الأعمال فيه اليد الطولى تتنافس مع وجوه أخرى عائدة من قبر نظام فاسد لم تنجح الثورة فى إتمام وأده وبين هذا وذاك تظهر الذراع الأمنية تحرك بسفور مجموعة أخرى تبدو هى الابرز وإن كانت لاتسلم من مناوشات بغية تحجيم دورها أو على الأصح إنتزاع أكبر قدر من المناصب داخل اللجان التى تعكف على توزيع حصتها .البدايات المضطربة كانت تمهد للواقع الأكثر إضطرابا الذى يبدو عليه أعضاء البرلمان الآن . ومع ذلك لم يكن أكثر المراقبين تشاؤما يمكن أن يتوقع أن تصل الخلافات بهذه السرعة وبتلك الحدة ولا ذلك العمق الذى آلت إليه . اصدقاء الأمس الذين إجتمعوا على " حب مصر " كما زعموا وسوقوا لقائمتهم الموحدة سرعان مادبت بينهم الخلافات التى تكشف رغبة كل منهم لإقتناص أكبر حجم من المناصب وأكبر عدد من اللجان إضافة إلى المناصب القيادية بالمجلس .هذه الحقيقة بلا تجميل أو تزييف وليس كما تحب الأطراف المتصارعة تسويقه على أنه رفض لإستنساخ حزب وطنى جديد وهيمنة سامح سيف الليزل مقرر إئتلاف دعم مصر . فمن المؤكد أن بذور الهيمنة كانت واضحة لكن البعض آثر التغاضى عنها لحين جنى أكبر مكاسب والحصول على أكبر مقاعد ممكنة فى البرلمان وبعدما تحقق الهدف كان الصراع على اللجان والأدوار التى يتعين كل قوة أن تلعبه وحجم هذا الدور .من هنا بدأت الإنتقادات للإئتلاف بداية من التحفظ على إسمه "دعم الدولة " ليتم التوافق على تغييره لدعم مصر مرورا بالإعتراض على تهميش دور الأحزاب وإنتهاء برفض الوثيقة التى طرحها الإئتلاف وإعتبرتها الأحزاب بمثابة إقرار بالهيمنة الكاملة للإئتلاف وإلغاء للتعددية داخل البرلمان وصل الخلاف لذروته بإنسحاب حزبى الوفد ومستقبل وطن من الإئتلاف ورفض حزب المصريين الأحرار الإنضمام إليه . الإنسحاب كاد بالطبع يودى بإنهيار الإئتلاف وبالرغم من الهدوء الظاهر الذى بدا على تحركات قياداته إلأ أنها لم تستطع أن تخفى حقيقة المأزق الذى تواجهه وحجم المشكلة التى احاصرها بعدما فقدا بين عشية وضحاها الامل فى تشكيل الاغلبية وتنصيب المنسق العام لللإئتلاف سامح سيف الليزل زعيما لها . نيران الإتهامات كانت قوية كادت تعصف به وصلت لحد إعتباره "جماعة محظورة " مخالف للقانون بعما إنتحل صفة الحزب وبدأ التحرك على هذا الأساس فأصبح له هيئة عليا ومقرات ويتلقى تبرعات فضلا عن تلك الوثيقة التى تلزم الأعضاء بالإمتثال لأوامره وعدم الخروج عن قرراته "على حد تعبير شهاب وجيه المتحدث بإسم حزب المصريين الأحرار . عنف الإتهامات وقوة الرفض وكارثية الإنسحاب دفعت الإئتلاف للتراجع وبدأنا نسمع عن التفكير فى التضحية باليزل بإعتباره أحد الاسباب الرئيسية للأزمة بتكريسه للهيمنة والسيطرة لحد وصفه بأنه أحمد عز جديد. لكن الأهم هو إضطرار الإئتلاف لإعادة النظر فى الوثيقة التى اثارت غضب الأحزاب وسعيه لتغييرها . وبالطبع إنتهزت هذه الأحزاب الفرصة لإملاء شروطها برفض تدخل الإئتلاف فى إختيارات الأحزاب للإنتخابات المحلية والاهم منح كل حزب عدد من المقاعد داخل هيئة مكتب الإئتلاف يتناسب مع عدد نوابه فى البرلمان . وهنا مربط الفرس الذى يكشف حقيقة الصراع وأنه لايكمن فى تخوف من إستنساخ حزب وطنى ولاخشية على التعددية ولاتوجس من ديكتاتورية فالهدف الحقيقى هو البحث عن الشو البرلمانى وإغتنام أكبر قدر ممكن من اللجان التى تسمح بإستعراض القوى وتحقيق المصلحة والهيمنة على المجلس .لأعتقد أن هناك أمل يمكن أن نعلقه على برلمان ولد مشوها وقدر له أن يعيش معاقا بفعل نواب أعمتهم مصالحهم عن رؤية مصير مظلم لوطن يحتضر . المشهد .. درة الحرية المشهد .. درة الحرية