الإعلامى إبراهيم عيسى عبر أحد برامج التوك شو على فضائية "القاهرة والناس" شن هجوماً شديداً على إستراتيجية وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالكامل، وعلى وزيرها الشاب المهندس ياسر القاضي بصورة شخصية، وبني عيسى هجومه المكثف على شروع القاضي في تنفيذ مخطط القطاع الرامي لإنشاء عدة قرى ذكية في أنحاء الجمهورية بتكلفة تصل إلى 2.8 مليار جنيه يتم تحصيلها كمساهمة من جهات القطاع المختلفة على حد قوله..ولا أدرى من أين أستقى كاتبنا معلوماته التي بني عليها هجومه، ومن وجهة نظري أرى أن الصواب قد جانبه فيما يلي: 1- بداية ليس عيباً أن يبحث المسئول عن مشاريع وإنجازات تخلد أسمه في ذاكرة التاريخ، ولعل حفر ديليسبس لقناة السويس على سبيل المثال أضاف قيمة كبيرة للملاحة والتجارة العالمية والمحلية والإقليمية، وسيظل خالداً على الرغم من التوقيت والطريقة والأسلوب الذى تم إتباعه لحفرها. 2- مع التطور العلمي والتكنولوجي في كافة مجالات الحياة نشأت أفرع إعلامية أخرى حديثة منها الصحافة التخصصية، والتي تضم ضمن أقسامها صحافة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي هي وصحفييها الأقدر والأكثر علماً ودراية بمستجدات ومتطلبات هذا القطاع. 3- وجب على الإعلاميين أن يتحروا الدقة فى معلوماتهم وآرائهم، ودراسة صداها جيداً - خاصة الصدى الشعبى- حيث أن الملايين من البسطاء قد وثقوا فيهم، وأسلموا لهم أمرهم، وأصبحوا يحبون من يحبون ..ويلعنون من يلعنون. 4- شركة القرية الذكية المصرية تأسست عام 2001 بمفهوم إيجاد مكان متميز يجمع المشتغلين بالتكنولوجيا والإبتكار والإبداع، والقرية الذكية بالطريق الصحرواى تبلغ مساحتها بعد التوسعة 663 فدان، ويتكون المشروع من 15% مباني و85% الباقية مساحات خضراء ومساحات تجميلية، تمت المرحلة الأولى من المشروع وتحوي حاليا على أكثر من 160 مقر شركة يعمل بها أكثر من 40000 موظف وعامل، ومن المخطط أن يصل هذا العدد إلى 100000 بحلول العام 2016..ولنا أن نتخيل كيف كانت الصورة التكنولوجية المصرية دون بناء تلك القرية. 5- إنطلاقاً من المفهوم الاساسى للقرى الذكية والتوجه القومي والوطني وجب إتاحة وتوطين تكنولوجيا المعلومات وأسبابها في كافة ربوع الجمهورية كحق رئيسي للمواطنين، ومن هنا جاء التفكير في وضع بذور للقرى الذكية بأقاليم الدولة. 6- قرار إنشاء القرية الذكية بالطريق الصحراوي عام 2001 حدد مساحتها ما يقارب 317 فدان تم شغلها بالكامل تقريباً، تمت إضافة 150 فدان أخرى كتوسعة للمرحلة الثانية لتغطية الإقبال عليها. 7- بدأ العمل في البنية التحتية للقرية الذكية في 2001 وانتهى في 2003، ومن 2003 إلى 2010 فقط نمت القرية بشكل مطرد، وأنجزت ما يتخطى 60% من إنشاءاتها. 8- بدءً من 2011 توقفت الحركة في مصر كلها، وفقد المستثمرون الاهتمام، وانتابهم الخوف من الأوضاع المريرة التي مر بها الوطن،ومع ذلك .. كانت نوعت إدارة القرية ودعمت أنشطتها لتعوض تراجع الإقبال على الاستثمار في العقارات الإدارية. 9- تخلفت مصر عن الركب التكنولوجى العالمى لعقود كثيرة، وأستطاعت قيادات القطاع المتتالية خلال السنوات الأخيرة دفع عجلة النمو لتسابق الزمن لتحتضن هذه الصناعة ومقدميها الوطنيين، وتضع مصر فى مكانها الصحيح على الخريطة التكنولوجية الإقليمية والأفريقية ومن ثم العالمية، وأستطاعت خلال سنوات معدودة أن تصبح من النمور العالميين فى صناعة "تعهيد الخدمات" والتى وصلت الإستثمارات العالمية بها إلى مئات المليارات من الدولارات. 10- فى سؤال شخصى للمهندس أسامة ياسين الرئيس التنفيذى للشركة المصرية للإتصالات نفى تماماً أى شائعات حول طلب مبالغ من الشركة، ونفس الرد حصلت عليه من قبل المهندس عصام الصغير رئيس هيئة البريد. 11- مشروع القرى الذكية ليس وليد اليوم، وتم عرضه من قبل الوزير الأسبق المهندس عاطف حلمى كأحد بنود إستراتيجية القطاع فى سبتمبر 2014، وكان القاضى وقتها رئيساً لإيتيدا. 12- دعم مشروع القرى الذكية تمت الموافقة عليه من قبل مجلس إدارة إيتيدا فى يناير الماضى، فى ظل رئاسة المهندس الجريتلى للهيئة. 13- إنسحاب المسئول من منصبه نوعاً من الجبن يقصد به الضغط والتعجيز، وأعتبره يندرج تحت بنود الخيانة الوطنية، خاصة فى ظل الحالة الإقتصادية التى تمر بها الدولة. 14- عشرات الدول تتصارع فيما بينها لإجتذاب الشركات التكنولوجية العالمية، وتتيح لها الكثير من التسهيلات والتنازلات، ومعظمها يفضل مصر لأسباب كثيرة، لذا وجب تهيئة المناخ التقنى اللازم لتشجيع مثل هذه الإستثمارات..والقرية الذكية الأولى خير مثال، حيث بدأت بعدد قليل من الشركات ووصلت الآن إلى أكثر من 160 شركة، وغير صحيح أن نسبة الإشغال بها متواضعة حيث تم إضافة توسعات جديدة لها منذ أعوام قليلة. 15- قصر التفكير الغير متخصص فى أولوية التمويل أم الإستثمار يعد إهتماماً فارغاً من محتواه وليس ذى جدوى ولا يقدم قيم مضافة، فالعوائد لها أوجه وأشكال كثيرة بعيداً عن العائدات المادية، ومنها توطين التكنولوجيا ونشرها وفتح أبواب العمل أمام مئات الايدى العاملة على سبيل المثال لا الحصر. 16- إرتفاع المدلول العلمي والتصنيفات والقياسات والمؤشرات العالمية لمصر تشجع الإستثمارات والمستثمرين، ويهون في سبيل تحقيق ذلك كل الجهود، ولن نقف عند التفكير العقيم "البيضة الأول وألا الفرخة"، الأهم أن ننول أحدهما أو كلاهما في النهاية. ##