حينما كنت على أبواب الجامعة عام 1973 كان الجيش المصرى يدك حصون بارليف ويعبر أكبر مانع مائى ويحتل أكبر مانع صناعى وقتها وهو "خط بارليف" ويحقق المعجزة الكبرى التى طالما حلم جيلنا بتحقيق بعضها وهى النصر ولو مرة واحدة على إسرائيل التى كسرت عزيمتنا وإرادتنا وقتلت الأمل فى جيلنا فى 5 يونيه 1967 . وبعد فترة قصيرة من الحرب علمنا بإصابة شقيقى /صلاح إبراهيم على الضفة الشرقية للقنال ..وبعدها علمت الأسرة باستشهاد ابن خالتى بطل الصاعقة "مراد سيد عبد الحافظ "الذى ودعناه بدموع غزيرة ,ولم يخفف من حزن الأسرة عليه سوى حصوله على أرقى وسام عسكرى مصرى هو نجمة سيناء من الطبقة الثانية مع تسمية إحدى المدارس باسمه وتكريم خالتى وزوجها وزوجة الشهيد مراد تكريماً يفوق الوصف ..وقد رفضت زوجته بأن تتزوج عليه رغم صغر سنها وتفرغت لتربية ابنتها الوحيدة /عبير التى تزوجت منذ فترة وانجبت البنات والبنين. وقد أدركت بعد فترة أن الشهيد مراد كان تلميذاً نجيباً للشهيد العظيم أسد الصاعقة العميد /إبراهيم الرفاعى الذى وجدت نفسى أحبه حباً كبيراً دون سبب ظاهر .. وأتابع سيرة حياته كلها .. وحين تأملتها جيداً وجدت أن مصر كلها قصرت مع هذا البطل العظيم الذى دوخ الإسرائيليين وأذل كبرياء الجيش الإسرائيلى بشجاعته النادرة وعبقريته العسكرية الفريدة .. فمجموعته الفريدة التى أطلق عليها " مجموعة 39 قتال " تعد النموذج الأمثل للصاعقة المصرية فى بطولتها وشجاعتها . والغريب أن مصر لم تنتج أى فيلم وثائقى ولا روائى عن هذا البطل العظيم ولا عن أمثاله .. واكتفت طوال 30 عاماً فى عهد مبارك بترديد الكلمات الباهتة عن الضربة الجوية وعبقرية قائد الضربة الجوية مختصرة نصر أكتوبر فى سلاح واحد وشخص واحد .. وهذا يعد إقصاءً معيباً لكل الأبطال الآخرين بداية من الشاذلى واحمد إسماعيل ومحمد على فهمى والجمسى وعبد المنعم واصل وعبد المنعم خليل وسعد مأمون وغيرهم وغيرهم ... ولو كان "الرفاعي" هذا إسرائيلياً أو أمريكياً أو أمريكياً لصنعوا من بطولاته أسطورة يتغنى بها العالم ولأنتجوا فى سيرته عدة أفلام روائية .. ولكن مصر دوماً تبخس رجالها وأبطالها . لقد كتبت الشئون المعنوية للقوات المسلحة كتاباً عن "الرفاعي"وكتبت مسرحية عن بطولة ابن خالتى "مراد سيد" ولكن هذا لا يكفى مع أمثالهما . لقد كان الرفاعى أسداً حقيقياً فهو أول من عبر إلى الضفة الشرقية للقناة بعد هزيمة 5 يونيه واستطاع نسف قطار إسرائيلى فى الشيخ زويد ونسف كل مخازن الذخيرة التى تركها الجيش المصرى أثناء انسحابه من سيناء. وهو أول من أحضر أسيراً إسرائيلياً بعد النكسة .. فقد أستطاع أسر الملازم " دانى شامعون "بطل الجيش الإسرائيلى فى المصارعة دون إصابة وأحضره من بين أحضان جيشه وزملائه فى شجاعة نادرة . وهو صاحب الرد الحاسم مع مجموعته على استشهاد الفريق عبد المنعم رياض حيث عبروا القناة موقع المعدية رقم 6 على الضفة الشرقية التى أطلقت المدفعية على الفريق رياض وأستطاع قتل 44 جندياً وضابطاَ إسرائيلياً وفجر المعدية ورفع العلم المصرى عليها .. وقد طالبت إسرائيل بعدها مجلس الأمن بإلغاء سلاح الصاعقة المصرية لأنهم غير آدميين.. ناسيين أن إسرائيل هى التى ذبحت آلاف الأسرى المصريين بعد نكسة 1967 مخالفة بذلك كل الأعراف والقيم الدينية والإنسانية والقانون الدولى . وهذه المجموعة هى التى أذلت قوات شارون فى الثغرة وأجبرتها على الانسحاب. وفى معارك الثغرة استشهد الرفاعى ومعه مراد سيد ابن خالتى بعد أن قامت المجموعة 39قتال بأكثر من 72 عملية فدائية كانت سبباً فى رفع رأس الجيش المصرى عالياً بعد النكسة وأثناء نصر أكتوبر. لقد تأثر الرفاعى وكل الأبطال بهزيمة يونيه التى لم يكن لهم فيها ناقة ولا جمل حتى أصيب الرفاعى وقتها بقرحة معدة من شدة الحزن على ما آل إليه حال مصر وعلى احتلال إسرائيل لسيناء والقدس . فهل يهتم المنتجون والدولة ببعض سير هؤلاء الأبطال وغيرهم فى أفلام وثائقية أو روائية بدلاً من إطلالات فيفى عبده و5 مواااااه على الشاشة.. وبدلاً من إطلالات سعد الصغير ودينا وانتصار وأمثالهم الذين لا هم لهم سوى تعليم أمة " اقرأ " الرقص الشرقى والعرى والميوعة والتخنث .. فلا تحيا الأمم بالرقص ولكن بالعلم والإرادة والعزيمة والفداء والتضحية والعرق والتدريب والكسب الحلال . رحم الله الشهيد العظيم ابراهيم الرفاعى وابن خالتى /مراد سيد.. ورحم الله الرئيس السادات الذى حول الهزيمة إلى نصر .. ورحم الله كل من ساهم فى إنجاز هذا النصر بدمائه أو بعرقه أو بقلمه أو بمؤازرته .. رحم الله كل من يرعى وطنه ويذود عنه . المشهد .. لاسقف للحرية المشهد .. لاسقف للحرية