الصفقة التي أتمها نادي مانشستر سيتي الأحد والتي انتقل على اثرها رحيم سترلينج إلى صفوفه قادما من ليفربول، جعلت الجناح الشاب أغلى لاعب في تاريخ كرة القدم الإنجليزية وثالث أغلى لاعب في الملاعب الإنجليزية، الأمر الذي يزيد حجم الآمال المبنية عليه خلال الموسم المقبل. ودفع مانشستر سيتي مبلغا قدره 49 مليون جنيه استرليني للحصول على خدمات سترلينج الذي أصر على ترك ليفربول والإنتقال إلى ناد آخر رغم أن النادي الأحمر قدم له عرضا محسنا ومغريا للبقاء معه. ولا يتفوق على سترلينج في الملاعب الإنجليزية من حيث المبلغ المدفوع لشرائه سوى جناح مانشستر يونايتد أنخيل دي ماريا ومهاجم تشيلسي السابق فرناندو توريس، لكن لا يوجد على الإطلاق لاعب انجليزي أغلى منه. في انجلترا، لا يتفاءل كثيرون بمسمى "أغلى لاعب إنجليزي"، وآخر من حمل هذا المسمى قبل سترلينج هو المهاجم أندي كارول الذي وبعد تسميته بصاحب الصفقة الأعلى قيمة، اتجهت مسيرته نحو مستويات فنية متدنية. في الجهة المقابلة، قد يجلب هذا اللقب لصاحبه الحظ السعيد تماما كما حدث مع المدافع المعتزل حديثا ريو فرديناند الذي امتلأت خزائنه بالكؤوس والميداليات عقب انتقاله إلى مانشستر يونايتد. صحيفة (دايلي ميل) البريطانية ركزت في تقرير أعدته الإثنين على النجوم الإنجليزية التي حملت كنية "أغلى لاعب" منذ انطلاق الدوري الإنجليزي بمسماه الحديث العام 1992، وبينت كيف يمكن أن تؤثر ضغوط الكنية سلبا على حاملها أو تمنحه حافزا إضافيا للنجاح. الإيطالي غاسكوين يعتبر النجم السابق بول غاسكوين اللاعب الأكثر مهارة بين أبناء جيله، نظر إليه النقاد في بداية التسعينيات على أنه مستقبل كرة القدم الإنجليزية، ولم يكن مستغربا أن تهتم العديد من الأندية الكبيرة بقدرات اللاعب الذي بنى سمعته في توتنهام هوتسبير، خصوصا بعد الأداء الرائع الذي قدمه مع منتخب "الأسود الثلاثة" في نهائيات كأس العالم 1990. كان مقررا أن ينتقل غاسكوين إلى صفوف لاتسيو الإيطالي العام 1991، لكن الإصابة أخرت العملية موسما كاملا، لم يشأ أحد في توتنهام أن يرى غاسكوين مترديا قميص فريق آخر، ووصف مدرب الفريق حينها تيري فينابلز مراقبة الصفقة حينها بأنها: "تشبه مشاهدة والدة زوجتك وهي تقود سيارتك الفارهة من فوق تلة عالية نحو الأسفل". داهمته الإصابات مجددا بعد إتمام صفقة الإنتقال إلى لاتسيو مقابل 5.5 ملايين جنيه استرليني، لكنه حجز لنفسه مكانا في قلوب عشاق الفريق السماوي بفضل شخصيته القيادية المحببة ولمحاته الفنية الأخاذة، كما أن هدفه الأول مع الفريق جاء في مرمى الغريم التقليدي روما، ولعب 43 مباراة في الدوري الإيطالي خلال ثلاثة مواسم قبل أن يشد الرحال إلى غلاسغو رينجرز الأسكتلندي. كول .. رهان فيرغسون الناجح بقيى غاسكوين محتفظا برقمه الفياسي كأغلى لاعب انجليزي حتى انتزعه منه أندي كول في كانون الثاني/ يناير العام 1995. سبق لكول أن تدرب لفترة زمنية قصيرة مع أرسنال، وفرض نفسه على ساحة الكرة الإنجليزية بانتقاله في صفقة قياسية إلى نيوكاسل يونايتد العام 1993، وصعد بالفريق الأبيض والأسود إلى الدرجة الممتازة في موسمه الأول، وبعد موسم آخر شهد تألقه عبر أهدافه الحاسمة، قرر مدرب مانشستر يونايتد أليكس فيرغسون المقامرة بدفع مبلغ كبير (7 ملايين جنيه استرليني) للحصول على مهاجم لم يسبق له حينها ارتداء قميص المنتخب الإنجليزي. ورغم إهداره الكثير من الفرص أمام المرمى في موسمه الأول مع الفريق، لعب كول دورا حيويا في فوز مانشستر يونايتد بلقب الدوري الإنجليزي في خمسة من المواسم الستة التالية، وشكل ثنائيا مخيفا في خط المقدمة مع الترينيداي دوويت يورك الذي فاز معه بلقب دوري أبطال أوروبا العام 1999، وفي المحصلة سجل كول لمانشستر يونايتد 93 هدفا في ال"بريمير ليغ" وأثبت أن مقامرات فيرغسون نادرا ما تفشل. خيبة كوليمور لكن كول لم يحتفظ بكنية أغلى لاعب انجليزي لأكثر من خمسة أشهر، حيث انتقل مهاجم آخر اسمه ستان كوليمور إلى ليفربول قادما من نوتنغهام فورست مقابل 8.5 ملايين جنيه استرليني. في ذلك الوقت تغنى المدافع الدولي السابق ستيوارت بيرس - وهو لاعب سابق في نوتنغهام فورست - بصفقة كوليمور مؤكدا أنها أكثر جدوى من صفقة انتقال الهولندي دينيس بيركامب إلى أرسنال. توقعات بيرس لم تصب، ففي الوقت الذي تحول فيه بيركامب سريعا إلى أسطورة في أرسنال، فشل كوليمور في الارتقاء لمستوى التوقعات رغم سجله التهديفي المقبول، وبعد عامين انتقل إلى أستون فيلا. "الرمز" شيرر بالنسبة لألن شيرر، فإن الإنتقال إلى نيوكاسل مقابل صفقة بلغت قيمتها 15 مليون جنيه استرليني العام 1996 اعتبر أمرا منطقيا كونه قاد بلاكبيرن روفرز قبل عام واحد للقب الدوري المحلي. اتبع شيرر قلبه وفضل التوقيع مع فريق مدينته على الإنضمام إلى مانشستر يونايتد، في موسمه الأول حل مع فريقه الجديد بالمركز الثاني في الدوري وهو أفضل إنجاز له مع نيوكاسل، لكن ذلك لم يمنعه من التحول إلى أهم الظواهر الفردية في تاريخ النادي. أحرز شيرر 148 هدفا مع نيوكاسل في ال"بريمير ليغ" وارتدى شارة القائد، وتغنى الجمهور باسمه في كل مرة هز فيها الشباك واحتفل رافعا يده في مشهد تحول إلى علامة فارقة في الكرة الإنجليزية. فرديناند يتفوق على نفسه وفي الوقت الذي انتظر في جمهور الكرة الإنجليزية أعواما لكسر رقم شيرر، برز مهاجمون عدة لم يحصلوا على عقود مجزية مقابل انتقالهم إلى فرق أخرى، فكان لا بد لظهور لاعب بمركز آخر يمكنه رفع مستوى الأرقام في انتقالات اللاعبين الإنجليز. وفي التاسعة عشرة، حزم ريو فرديناند حقائبه متوجها إلى ليدز يونايتد مقابل 18 مليون جنيه استرليني العام 2000، وحصل على اعتراف النقاد بأنه مدافع شاب يشار إليه بالبنان، قدم عروضا جيدة في مسيرة الفريق الأبيض بدوري أبطال أوروبا الذي شهد وصول ليدز إلى الدور نصف النهائي، وشارك مع المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم 2002، وفي الموسم التالي الذي شهد رحيل فرديناند، احتل ليدز المركز الخامس عشر في الدوري، ثم واصل عروضه المخيبة ليفارق البريميرليج في النهاية دون أن يتمكن النادي من سد الفجوة التي تركها مدافعه. أدرك فرديناند بعد مونديال كوريا الجنوبية واليابان أن فرصه في إحراز اللقب ستتعزز مع فريق أكبر، فاختار الإنتقال إلى مانشستر يونايتد صيف العام 2002 مقابل 29.1 مليون جنيه استرليني. لم يهضم الإعلام الإنجليزي قيمة الصفقة حينها، فقد كان معتادا أن تسخى الأندية على شراء مهاجمين قناصين أو صانعي لعب مهرة، عرف المدرب فيرغسون أن فريقه يحتاج لمدافع صغير في السن يمكنه خدمة الفريق لسنوات عدة، ونجح رهانه مجددا. فاز فرديناند بكل الألقاب الممكنة مع "الشياطين الحمر"، صحيح أن مستواه هبط في مواسمه الثلاثة الأخيرة مع الفريق، إلا أنه أثبت أن المدافعين يستحقون مكانا بين "الأغنياء"، والدليل أن أحدا لم يسرق منه صدارة لائحة "أغلى الإنجليز" حتى أوائل العام 2011. كارول .. الصفقة التاريخية الفاشلة أراد ليفربول تحولا جذريا في مسيرته بعد التخلي عن الإسباني فرناندو توريس لمصلحة تشلسي مقابل 50 مليون جنيه استرليني، لكن الحصول على خدمات المهاجم الطويل أندي كارول من وست هام لم يشكل الحل الأمثل. دفع ليفربول 35 مليون جنيه استرليني ليصبح العملاق صاحب الشعر الطويل أغلى لاعب انجليزي، وبعد عامين ونصف من الإصابات والحالة الذهنية المشتتة والمتأثرة من حجم الضغوط الملقاة على عاتقه، سقط كارول في المحظور وأحرز ستة أهداف فقط في الدوري مع ليفربول لينتهي به الأمر بالعودة إلى وست هام مقابل 15 مليون جنيه استرليني، وهو مبلغ اعتبره النقاد باهظا أيضا. ماذا ننتظر من رحيم؟ والآن يتنفس الجمهور الإنجليزي الصعداء بعدما أزاح رحيم سترلينج المتصدر السابق كارول عن اللائحة، لكن هل سيتجنب المصير ذاته ويسير على خطى كول وشيرر وفرديناند؟ قد لا يحصل سترلينج على فرصة منتظمة في اللعب كأساسي مع مانشستر سيتي، صفوف الفريق مزدحمة بأسماء براقة في الخط الأمامي، والأهم أن عدم تمتعه بالخبرة الكافية قد يلعب دورا في تأخر تأقلمه وانسجامه مع تكتيك فريقه الجديد، خصوصا وأنه انضم لفريقه السابق ليفربول وهو واعد ناعم الأظفار، لذلك فإن المسؤولية الملقاة على كاهله مضاعفة لإثبات أحقيته بلقب أغلى لاعب إنجليزي.