أعلنت حكومة "عبدالله الثني" الليبية المعترف بها دوليا مساء الاحد عن مقتل القيادي "الجهادي" الجزائري المرتبط بتنظيم "القاعدة" مختار بلمختار في غارة نفذتها طائرات اميركية في شرق ليبيا ليل السبت، بينما اكتفت واشنطن بتأكيد حصول الغارة وهدفها، من دون ان تؤكد مقتل بلمختار. وقالت حكومة الثني في بيان ان "الطائرات الاميركية قامت بمهمة نتج عنها قتل المدعو المختار بلمختار ومجموعة من الليبيين التابعين لاحدى المجموعات الارهابية في شرق ليبيا"، موضحة أن الغارة الاميركية تمت "بعد التشاور مع الحكومة الليبية المؤقتة للقيام بهذه العملية التي تساهم في القضاء على قادة الارهاب الموجودين على الاراضي الليبية". وكان "البنتاغون" قد اعلن في وقت سابق الاحد ان الجيش الاميركي نفذ ليل السبت ضربة ضد هدف "ارهابي مرتبط بتنظيم القاعدة" في ليبيا، من دون ان يحدده، ولاحقا اكد البنتاغون ان الغارة شنتها طائرات اميركية واستهدفت بلمختار زعيم جماعة "المرابطون" المتطرفة. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الاميركية الكولونيل "ستيفن وارن" في بيان "بوسعي ان اؤكد ان هدف الضربة التي نفذت الليل الماضي في ليبيا في اطار مكافحة الارهاب كان مختار بلمختار"، واضاف ان "الغارة نفذتها طائرات اميركية، نحن نواصل تقييم نتائج العملية وسنقدم تفاصيل اضافية في الوقت المناسب". وتعود آخر عملية عسكرية اميركية في ليبيا الى يونيو 2014 حين القت فرقة كوماندوس القبض على احمد ابو ختالة، المتهم بأنه احد منظمي الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي 2012 والذي اسفر عن مقتل السفير الاميركي كريس ستيفنز وثلاثة اميركيين آخرين. ومن جهتها نقلت "وكالة الانباء الليبية" عن مصدر مسؤول في الحكومة الموقتة التي تتخذ من مدينة البيضاء في شرق ليبيا مقرا لها، ان الغارة "وضعت فجر الأحد في مدينة أجدابيا" التي تبعد 160 كلم غرب مدينة بنغازي، كبرى مدن الشرق الليبي، واضاف المصدر ان الغارة استهدفت "إحدى المزارع حيث كان يعقد بلمختار اجتماعا مع قادة تنظيمات متطرفة من بينها أعضاء في جماعة أنصار الشريعة"، التي تعتبرها الاممالمتحدة منظمة ارهابية. وولد بلمختار في يونيو 1972 في غرداية الواقعة على ابواب الصحراء الكبرى، ولم يكن قد اتم عقده الثاني حين ذهب للقتال في افغانستان في 1991 حيث فقد عينه اليمنى واكتسب لقب "الاعور"، وبلمختار الذي يعتقد انه العقل المدبر لعملية احتجاز الرهائن الدامية في حقل "ان امناس" للغاز في الجزائر مطلع 2013 ، والتي قتل فيها 37 رهينة اجنبياً وجزائري واحد و29 مهاجما، هو القائد السابق ل "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي" قبل ان ينشق عنه ويؤسس في نهاية 2012 تنظيم "الموقعون بالدم". وفي 2013 اندمج تنظيمه مع "حركة التوحيد والجهاد" في غرب افريقيا، احدى المجموعات المتطرفة التي سيطرت على شمال مالي لحوالى عام بين خريف 2012 ومطلع 2013، لتولد بذلك جماعة "المرابطون" التي تزعمها بلمختار. ولكن هذه الزعامة كانت موضع تشكيك اخيراً من جانب خبراء في شؤون الجماعات المتشددة، وبحسب هؤلاء الخبراء فان الانقسامات داخل قيادة "المرابطون" خرجت الى العلن مع اعلان احد قادتها في منتصف مايو الماضي مبايعة الجماعة لتنظيم الدولة الاسلامية، داعش، ثم نفي بلمختار بنفسه ذلك وجدد البيعة لزعيم "القاعدة" ايمن الظواهري. واكدت الحكومة الليبية الموقتة في بيانها "تأييدها" الغارة الاميركية، مذكرة بأن "هذه العملية جزء من الدعم الدولي الذي طالما طالبت به لمحاربة الارهاب"، وأشارت الى انها "تطالب بالمزيد من التشاور والتنسيق لمحاربة الارهاب وعلى وجه التحديد تنظيم الدولة الاسلامية" الذي سيطر اخيراً على مدينة سرت ويتقدم باتجاه مصراتة غربا وقاعدة الجفرة العسكرية جنوبا، اضافة الى وجوده على مقربة من "الهلال النفطي" على البحر الابيض المتوسط. وجددت الحكومة الليبية مطالبتها الاممالمتحدة برفع الحظر عن تصدير اسلحة الى ليبيا. وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي العام 2011 فوضى امنية ونزاعا على السلطة تسببا بانقسام البلاد بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان يديران العاصمة بمساندة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى "فجر ليبيا". وسمحت الفوضى الامنية الناتجة عن هذا النزاع باتساع نفوذ جماعات متشددة في ليبيا بينها تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي اعلن في التاسع من يونيو الجاري السيطرة على مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) وعلى محطة كهربائية مجاورة لها.