تعاني الأقليات التي دعمت النظام السوري برئاسة الأسد على مدى السنين الأربع الماضية، من قلق بعدما تقدمت المعارضة المسلحةعلى أكثر من جبهة وبلغت الأماكن التي تتجمع فيها الأقليات كالدروز أو المسيحيين. ومع اقتراب تنظيم داعش من جهة الشرق، واشتداد حدة المعارك بين فصائل المعارضة وقوات النظام في محافظة السويداء، أدرك الدروز حينها أن البقاء على الحياد لن يدوم طويلا، وطلب الدروز من النظام إرسال أسلحة تمكنهم، في من الدفاع عن مناطقهم، لكن اشترط النظام أن يرسل الدروز أعداد كبيرة من الشباب لتجنيدهم في صفوف الجيش والميليشيات العاملة معه. ولم يستجب الدروز لشرط النظام، ويلجأ النظام حاليا في المناطق الساحلية التي يعيش فيها غالبية من الأقليات العلوية والدرزية والمسيحية، وقالت مصادر إن قوات النظام السوري سحبت مؤخرا كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة التي كانت تتمركز في المحافظة، واضعة الأغلبية الدرزية في مواجهة مباشرة مع داعش أو فصائل المعارضة. ويذكر أنه النظام السوري في ال2011 كان قد زج بابناء الدروز الذين التحقوا بالجيش في معارك بمحافظات أخرى بعيدة عن السويداء، معقل الدروز، الأمر الذي ادى إلى زيادة منسوب العداء لهم في درعا المجاورة، ويبدو الآن وكأن النظام يعاقب المحافظة على رفضها الاستجابة لدعوات الالتحاق بالجيش، وأنه قد يتركها وحيدة في مواجهة انتقام المقاتلين المتشددين الذين لهم الكلمة الأولى في المعارك الجارية بسوريا الآن. وبعد سيطرة فصائل المعارضة على مطار الثعلة العسكري في السويداء، استبعد المراقبون أن يتحالف الدروز مع النظام ويدخلون في قتال مباشر في مواجهة الجيش السوري الحر، مؤكدين على أن قوى إقليمية ودولية تمارس ضغوطا كبيرة على الجيش الحر حتى لا يشتبك مع الدروز الذين سيتحولون حينها إلى دعم القوات النظامية لا محالة. وأضافت المصادر أنه إذا ما فشل الدروز في الحصول على أسلحة من النظام السوري، فمن المرجح أن يتوجهوا لطلب الدعم من قوى خارجية كالأردن، وبدأ الزعيم الدرزي اللبناني الأبرز "وليد جنبلاط" في البحث عن مساعدات عسكرية لحماية الدروز في سوريا، وقالت مصادر مطلعة إن جنبلاط أرسل وزير الصحة اللبناني "وائل أبو فاعور" إلى تركيا، وفي نفس الوقت توجه هو شخصيا إلى عمّان للقاء الملك "عبدالله الثاني" لبحث المساعدات. وعمل جنبلاط بالتوازي على عرض الوساطة بين الدروز في السويداء وأهالي درعا المحسوبين على المعارضة، وذلك في ظل تصريحه أن نظام الأسد قد انتهى، ومن ثمة سيكون على الدروز أن يتأقلموا مع المتغيرات الجديدة في البلاد. ولم يكن رهان الدروز وبقية الأقليات على الأسد خلال السنوات الأربع الأخيرة خيارا سهلا، وكان شعار الجميع البحث عن الحماية خاصة في مواجهة تنظيمات سنية متشددة دأبت على التلويح بالانتقام من الأقليات الداعمة للأسد، ويرى مراقبون أن المفتاح لتخلي الدروز والمسيحيين عن الأسد هو تقديم المعارضة بديلا يحمي الأقليات في مواجهة تنظيم داعش وجبهة النصرة. وبينما يضغط جنبلاط لينأى دروز السويداء بنفسهم عن الصراع بين النظام ومعارضيه، إلا أن منافسه الدرزي الوزير السابق "وئام وهاب" يتحرك للزج بالدروز في آتون الصراع، فلقد دعا وهاب حسن نصرالله وبشار الأسد إلى تسليح الدروز للدفاع عن أنفسهم، ولوّح بالاستنجاد بقاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني للحصول على أسلحة تمكن الطائفة من الدفاع عن نفسها، وأعلن أن "على سوريا مسؤولية كبرى"، مخاطبا الأسد قائلا "السويداء بحاجة إلى السلاح، وتتحمل الدولة السورية أيّ تأخير في ذلك"، كما دعا إلى "إنشاء غرفة عمليات مقاتلة في السويداء والاستعداد للمواجهة". وكانت إيران سعت بالتنسيق مع حزب الله إلى إنشاء فصيل عسكري من الدروز في السويداء يقاتل إلى جانب الأسد، وأطلقت عليه اسم "لبيك يا سلمان" نسبة إلى الصحابي سلمان الفارسي الذي يحظى بمكانة خاصة لدى الدروز، لكن التجربة لم تلق استجابة بين الدروز الذين عملوا على ملازمة الحياد التام في الصراع.