يرى المسئولون الإيرانيون أن العلاقة الدينية بين إيرانوالعراق تدعم الأمن القومي الايراني، ويرون أن "مشاعر الارتباط الديني بين إيران وشيعة العراق يمنع الولاياتالمتحدة من توجيه ضربات عسكرية إلى ايران، انطلاقًا من الأراضي العراقية"، وتقول دراسة قامت بها مؤسسة راند الأمريكية، أن نفوذ إيران الروحي والديني في العراق ليس قويًا كما تطمح، فرغم وجود الرابطة الدينية المشتركة إلا أن العراقيين الشيعة يتخوفون من نفوذ إيران الديني والسياسي في بلدهم. وأظهر استطلاع أُجري في العام 2007 أن 62% من الشيعة العراقيين يعتقدون أن إيران تشجع العنف الطائفي، وفي العام 2010، ابدى 48% من الشيعة العراقيين رأيًا سلبيًا حول علاقات إيران مع القادة السياسيين العراقيين، مقابل 18 % كان رأيهم ايجابيا. وتبذل إيران جهودًا كبيرة لتعزيز نفوذها الديني في العراق، بسبب هذه الموقف السلبي منها حتى في اوساط الشيعة، وكذلك بسبب نفوذ "علي السيستاني" الذي يقلقها، وتنشط المؤسسات الدينية والشركات الانشائية الايرانية في بناء مدارس دينية ومساجد ومستوصفات في بغداد والنجف وغيرهما من المراكز السكانية الشيعية. وبلغ نفوذ إيران في مدن العراق الدينية في العام 2009 لدرجة أن وزير الداخلية وقتذاك منع استخدام الاشارات الفارسية في مدينة كربلاء، وفي العام نفسه تظاهر الشيعة العراقيون في شوارع كربلاء احتجاجًا على توقيع الحكومة عقدا بقيمة 100 مليون دولار مع شركة ايرانية لإعادة بناء المدينة المقدسة. ويقف السيستاني عقبة في طريق المشاريع الايرانية، لأنه لايحبذ حكم ولاية الفقيه ويؤمن بالتعدد المذهبي، ولكن لا وريث معروف له يخلفه على رأس المرجعية الشيعية في النجف، الأمر الذي يثير القلق من وقوع النجف تحت تأثير قم حال وفاة السيستاني، بسبب الفوضى السائدة في العراق، حيث ستعمل ايران على استخدام نفوذها العسكري والسياسي لتحديد شكل المرجعية الشيعية في العراق، والتأكد من أن يكون خلف السيستاني أكثر تجاوبًا مع المصالح الايرانية، إن لم يكن خاضعًا لها. وقالت الدراسة انه في سبيل حفاظ ايران على نفوذها في العراق، فانها تعمل على مجئ حكومات تقودها احزاب شيعية في بغداد، مع التوثق من ألا تصبح هذه الحكومات قوية، وبذلك يكون النفوذ الايراني قويًا داخل الحكومة الاتحادية، وبين التنظيمات غير الحكومية التي تتحدى سلطة المركز في ايران. وللفوضى في العراق دور كبير لتقوية النفوذ الإيراني، فالأحزاب الشيعية في الحكم تتطلع إلى إيران كي ترسم لها استراتيجية عسكرية ناجعة، وكي تقدم لها الدعم اللوجستي والتقني، وتمدها بالسلاح والمستشارين على الأرض، ودور إيران العسكري المتزايد يقوي نفوذها السياسي، فالجنرال "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني اصبح أكبر حامي للحكومة العراقية والوصي الرئيسي عليها بحكم توسطه في النزاعات السياسية بين القادة الشيعة فحسب. وهناك الآن نحو 50 ميليشيا شيعية في العراق، بينها منظمات شكلتها إيران بعد الغزو الاميركي في العام 2003، وبحلول العام 2004 كان فيلق القدس يمد الميليشيات الشيعية بالسلاح مباشرة، كما تولى فيلق القدس وحزب الله اللبناني تدريب آلاف المسلحين الشيعة من عناصر هذه الميليشيات، ويمتد نطاق الدورات من التدريب الأساسي لمدة 20 يومًا، إلى إعداد المتقدمين لتقلد مناصب قيادية بتعليمهم المهارات اللازمة، أما عناصر الميليشيات الذين يتدربون في المعسكرات الايرانية فيتلقون كذلك دورات تثقيف دينية وعقائدية، لتكريس الولاء للجمهورية الاسلامية. ولاحظت الدراسة أن المتدربين يفضلون مدربي حزب الله على مدربي الحرس الثوري الايراني بسبب اللغة، كما أن المدربين الايرانيين غالبًا ما يستعرضون احساسهم بالتفوق الفارسي على تلاميذهم العرب، وعموما تتمتع عناصر الميليشيات الشيعية بخبرة قتالية تفوق خبرات قوى الأمن العراقية، بعد أن أمضوا سنوات في القتال ضد القوات الاميركية في العراق، ودفاعا عن نظام بشار الأسد في سوريا. وهم يطيعون قادتهم الدينيين والعسكريين الذين يتلقون دعمًا من إيران بدرجات متفاوتة.