رحل رمضان السكري، أبو العيال في مسرحية "العيال كبرت"، ليرافق أبناءه الثلاثة في المسرحية الشهيرة: سعيد صالح وأحمد زكي ويونس شلبي.. وفارق الحياة، اليوم الثلاثاء، ناظر "المشاغبين" ليرقد بسلام بجوار أبنائه أيضا في المسرحية الشهيرة التي كانت نقطة فارقة في تاريخ الكوميديا في مصر. "حضرة الناظر" و"أبو سوسو" و"أبو العيال"، ألقاب اقترنت باسم الفنان الراحل حسن مصطفى، الذي ولد في 26 يونيو 1933 بحي الظاهر بوسط العاصمة المصرية القاهرة. ولمصطفى مواقف غيرت مجرى حياته، وترتيبات ومصادفات اختارها له القدر ليدخر له مكاناً ضمن قائمة أبرز فناني الكوميديا المصريين. التحق حسن مصطفى بمدرسة "جاويش" الابتدائية وعشق اللغة العربية فبرع فيها، بل كان حسب وصفه "يشربها كالماء ويتنفسها كالهواء". وعندما اشترى والده راديو، كان مصطفى يستمع إلى "حديث الأربعاء" لعميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، حيث أحب في حديثه البلاغة والاستعارات ومترادفات الكلام. كما كان يستمع لفكري أباظة، الذي اكتسب منه الكثير، ولذلك شعر أساتذة مصطفى بحبه للغة العربية، وكانوا يختارونه لإلقاء الخطب المدرسية كما ألحقوه بفرقة التمثيل المدرسية. وذات يوم قام الدكتور طه حسين، عندما كان وزيراً للتعليم، بزيارة مدرسة "جاويش" وكان حينها مصطفى تلميذاً صغيراً مكلفاً بإلقاء الخطبة أمام الوزير فألقاها ممزوجة بالترنيم والتنغيم ومكسوة بكل قواعد النحو والصرف والنطق المميز لمخارج الحروف والألفاظ. وعندما سمعه عميد الأدب العربي، سأل عن اسمه فأجابه: "حسن مصطفى إسماعيل عبد الباسط شريف"، فابتسم له طه حسين وسأله "كيف نطقت اللغة العربية بكل هذه البراعة؟ أنت مميز"، ثم أهداه كتابه "الأيام" وكتب له عليه: "إلى الطالب النجيب". وكان لتلك المقابلة أثر نفسي كبير لدى حسن مصطفى. عقب تخرجه في المدرسة، تم تعيين حسن مصطفى في وظيفة كاتب بإدارة المستخدمين في إحدى الوزارات براتب بسيط لا يتجاوز 9 جنيهات شهريا. وبعد انتهاء عمله، كان يذهب إلى أكاديمية الفنون، وذلك إثر قبوله في "المعهد العالي للفنون المسرحية"، الذي تخرج فيه عام 1957. ورتب القدر لمصطفى مقابلة مع المخرج الكبير نور الدمرداش الذي كان يقوم حينها بإخراج مسرحية لنجم الكوميديا إسماعيل يس في مسرحه. ثم رتب القدر له مقابلة أخرى مع المخرج الراحل السيد بدير، وساعد الاثنان مصطفى في دخول عالم الفن حيث التحق في مسرح إسماعيل يس عام1954 واستمر به حتى انضم لفرق التلفزيون المسرحية مع السيد بدير عام 1960. في الستينيات من القرن الماضي، تألق حسن مصطفى في أعمال سينمائية ودرامية عديدة ومن أبرزها "مطاردة غرامية" و"الزواج على الطريقة الحديثة" و"عفريت مراتي" و"نص ساعة جواز" و"أضواء المدينة" و"يوميات نائب في الأرياف" و"فيفا زالاطا" و"مولد يا دنيا". ثم اقترح مصطفى على صديقه سمير خفاجة إنشاء فرقة مسرحية، حيث كان لخفاجة تجربة فرقة "ساعة لقلبك" سابقا، لكن هذا الأخير رفض الفكرة، فتحدث مصطفى مع يوسف عوف وفؤاد المهندس وعبدالمنعم مدبولي كي يقنعوه. وأنشأ كل هؤلاء بالفعل فرقة "الفنانين المتحدين" عام 1965، وبدأوا في تحويل رواية "أنا وهو وهي" لفؤاد المهندس إلى عمل مسرحي، شاركت فيه الفنانة شويكار، فتلتها مسرحيات "هالو شلبي" و"حواء الساعة 12" و"أنا فين وإنتي فين" و"سيدتي الجميلة". وكتب القدر لحسن مصطفى موعدا جديدا مع التألق والانتقال لمرحلة جديدة بزع فيها نجمه، حينما كان حسن مصطفى يقوم بأحد الأعمال الدرامية في الكويت وأرسل له أصدقاؤه عرضا للمشاركة في مسرحية "مدرسة المشاغبين"، وتحديداً في دور المدرس "الملواني"، الذي أداه بعد ذلك الفنان الراحل عبدالله فرغلي. يذكر أن الفنان القدير عبد المنعم مدبولي كان يقوم بدور الناظر، لكن حدث خلاف بينه وبين صناع العمل، بسبب الخروج المتكرر عن النص، فتم استبداله بمصطفى، فيما تم اختيار الفنان عبدالله فرغلي ليقوم بدور "الملواني". واستوجب الأمر أن يقدم حسن مصطفى "أفيهات" جديدة، حيث كان مدبولي يقوم بعمل إضافات تناسبه ولا تناسب مصطفى، خاصة في الشكل الذي اختلف فيه الاثنان. يذكر أن حسن مصطفى كان يقرّ بأنه يكره الممثل الذي يضحك على المسرح، لأنه يعتبر أن عمله الأساسي هو إضحاك المشاهد. لكن من مفارقات "مدرسة المشاغبين" أن الفنان الراحل يونس شلبي، الذي كان يقوم بدور ابن مصطفى في المسرحية، كان الوحيد الذي يستطيع إضحاك هذا الأخير، حيث وبمجرد رؤية وجهه كان حسن مصطفى يثور من الضحك. وفي سياق آخر، روى حسن مصطفى في إحدى المرات موقفا غريبا حدث له مع الفنان الراحل رشدي أباظة، الذي كانت له "هيبة" أمام الكاميرا حسب مصطفى. فخلال تصوير فيلم "شيء في صدري" عام 1971، كان مصطفى يقوم بدور موظف بسيط ضعيف الشخصية، بينما كان رشدي أباظة هو الباشا المتسلط، ومع تقمص أباظة لتلك الشخصية شعر حسن مصطفى وكأنه يخاطب "باشا حقيقي" فارتبك وتلعثم وأوقف المخرج التصوير عدة مرات لإعادة تصوير المشاهد من جديد. وفي سياق آخر، شارك مصطفى في العديد من المسلسلات التلفزيونية، أبرزها "أهلاً بالسكان" و"بكيزة وزغول" و"أنا وأنت وبابا في المشمش" و"رأفت الهجان" و"ترويض الشرسة" و"يوميات ونيس" و"عباس الأبيض في اليوم الأسود" و"يتربى في عزو". وعلى الصعيد الشخصي، تزوج حسن مصطفى من الفنانة ميمي جمال التي تعرف عليها في فرق الفنون المسرحية عندما كانا يسافران كثيرا لعرض أعمالهم الفنية في محافظات مصر. وكان مصطفى متزوجا قبل اقترانه بجمال ولديه ابنة. وكانت جمال تصف مصطفى بأنه "توأم روحها"، وبعد زواجهما بأربع سنوات رزقا بتوأم هما نجلا ونورا.