توفي اللواء "رستم غزالي" المسئول السابق للأمن السياسي السوري، صباح أمس الجمعة، بعد اكثر من شهر على ادخاله المستشفى للعلاج في دمشق. وكان غزالي قد اقصي مارس الماضي عن منصبه عقب شجار مع مسؤول استخباراتي آخر، وتم نقله الى المستشفى للعلاج بعد فترة قصيرة من هذا الشجار. وسيتم دفن غزالي اليوم بالعاصمة السورية، ولم تتضح حتى الآن اسباب نقل غزالي الى المستشفى. وغزالي من بلدة قرفا في محافظة درعا بأقصى جنوبسوريا، وهو من مواليد عام 1953، وبعد تخرجه في الكلية الحربية السورية بمدينة حمص، تقلد عدة مناصب أمنية وعسكرية في دمشق وحلب، ثم بيروت أثناء وجود الجيش السوري في لبنان، وكان آخر هذه المناصب تعيينه رئيسًا لفرع الأمن العسكري في ريف دمشق، ومن ثم عيّن رئيسًا لإدارة الأمن السياسي في سوريا. في مطلع عام 2005، جمدت الولاياتالمتحدة أرصدة غزالي وغيره من القيادات السورية "لدورهم في احتلال لبنان" ومخالفات أخرى مشتبه فيها. وفي سبتمبر 2005، استجوب غزالي في قضية اغتيال الحريري من قبل لجنة التحقيق الدولية. ويُعتبر غزالي من أشدّ المقربين من رأس النظام السوري، ولعب دورًا مهمًا جدًا في العلاقة بين سورياولبنان، وبعد اندلاع الأحداث في سوريا في عام 2011، كلفه الأسد مع بدء خروج مظاهرات درعا، بالتفاوض مع الأهالي هناك، لكن الاتحاد الأوروبي اتهم غزالي بقمع المعارضة في سوريا، وقالت المعارضة السورية سهير الأتاسي في تصريحات لها "حين كنا في الاعتقال، راح رستم غزالي يستعرض لنا القوة التي ستواجه الشعب إذا تجرأ وفعل ما يفعله الليبيون، لقد أفهمنا أنهم سيقتلون الشعب". وأعلنت قناة "الميادين" التلفزيونية اللبنانية، المقربة من النظام السوري وطهران، أمس وفاة رئيس شعبة الأمن السياسي السابق في الجيش السوري، موضحة أنه كانت قد ترددت طوال الفترة الماضية معلومات عن إصابته، وحتى مقتله، وصولاً لإصدار الرئيس السوري بشار الأسد في مارس الماضي، قرارا بإقالته من منصبه من دون تحديد الأسباب. ونقلت صحيفة "الشرق الاوسط" عن مصادر مقربة من السلطات السورية في لبنان أن "غزالي توفّي بعد تفاقم وضعه الصحي باعتبار أنّه كان يعاني من الضغط والربو المزمن وكان يتعالج منذ مدة في مستشفيات دمشق". وبذلك يكون النظام السوري قد فقد رجليه السابقين في لبنان، بعد انتحار رئيس شعبة المخابرات السورية في لبنان سابقًا ووزير الداخلية السوري "غازي كنعان" في العام 2005، الذي كان من بين عدة مسؤولي أمن سوريين استجوبوا في إطار التحقيق الدولي في مقتل رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري. وكان المهندس "عاصم قانصو" النائب اللبناني عن حزب "البعث العربي الاشتراكي" جناح دمشق، أول من أعلن في فبراير الماضي عن إصابة غزالي بجروح خلال قتاله دفاعًا عن مسقط رأسه بلدة قرفا في محافظة درعا، وأنّه يرضخ للمعالجة في مستشفى الشامي في العاصمة دمشق. وفي مارس الماضي أصدر الأسد قرارًا بإقالة غزالي ورئيس شعبة الأمن العسكري اللواء رفيق شحادة من منصبيهما، وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية حينها، نقلا عن مصدر أمني، أن الإقالة جاءت على خلفية شجار عنيف بين الرجلين، تطوّر إلى عراك بالأيدي بين أنصارهما، وتعرّض خلاله غزالي لضرب مبرح. ويُرجّح ناشطون سوريون أن يكون غزالي توفّي منذ فترة، ولا يستبعدون أن يكون "النظام قتله لأن اسمه ضمن قائمة المتّهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية ولإمكانية أن يكون متورّطًا باغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري". وكان "لؤي المقداد" مدير مركز مسارات السوري المعارض، قد قال "في وقت سابق إن المعارضة بُلِّغت بمعلومات مفادها أن بعض الضباط الإيرانيين كانوا ممتعضين في الفترة الأخيرة من غزالي، وشكوا من أنه كان يحاول بشكل دائم مراقبة تحركاتهم. ووصل التوتر إلى مرحلة اعتقالات متبادلة بين ميليشيات غزالي في درعا والميليشيات الإيرانية هناك". وأفادت معلومات بأن الخلافات التي نشبت بين شحادة وغزالي تعود إلى رفض الأخير المستمر وجود عناصر من قوات الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" في محيط بلدة قرفا، بلدته، حيث يوجد قصره في ريف درعا، إضافة إلى خلاف شخصي بدأ عند إعطاء غزالي أمرًا لرئيس بلدية طرطوس بهدم 7 شاليهات مخالفة في منطقة الرمال الذهبية، تبين لاحقا أنّ شحادة يملك أحدها، وبسبب ذلك اتصل شحادة بغزالي مهدّدًا، وعندما حاول الأخير زيارته للتباحث حول ما حصل، كان حرّاس شحادة له بالمرصاد فتصدوا له وأوسعوه ضربا، مما استدعى نقله إلى المستشفى. وفي 19فبراير الماضي ظهر غزالي في فيديو جرى تحميله على موقع "يوتيوب"، ليبرّر تدمير منزله وإحراقه بأنه "فداء للشعب السوري، ولأن العسكري الذي يأتي من دير الزور وطرطوس واللاذقية ليدافع عن أهل قرفا من القتل والتشريد والسبي لا يجب أن يفكر للحظة في أنه يدافع عن قصري"، وبدا غزالي في الفيديو مدخنًا السيجار وبصحة جيدة، وفي وقت سابق كان قد نشر فيديو آخر يُظهر عملية تفجير قصر غزالي بالتزامن مع احتدام المعارك في درعا. وبابتعاد غزالي عن مسرح الأحداث، فإن اسمه ينضم إلى عدد كبير من رجال النظام السوري الذين إما قتلوا أو انشقوا أو عزلوا، وأبرزهم، وزير الدفاع السابق داود راجحة ونائبه آصف شوكت ،صهر الأسد، ورئيس مكتب الأمن القومي هشام بختيار ورئيس خلية إدارة الأزمة حسن تركماني الذين قتلوا في يوليو 2012 بتفجير مبنى الأمن القومي السوري في وسط دمشق، بالإضافة إلى مدير فرع الاستخبارات العسكرية في سوريا جامع جامع الذي قيل إنّه قتل في معارك دير الزور في عام 2013.