فكرة لبكرة منذ ان تم الإعلانات خارطة طريق جديدة للحياة السياسية في مصر بعد بعد 3 يوليو 2013 ولا نزال نحاول اختراع العجلة من جديد في كل مرة يتم فيها تأجيل انتخابات مجلس النواب،وكأنه لم يكن لدينا انتخابات من قبل، وكاننا نتعرف على الحياة البرلمانية لأول مرة في تاريخنا، وكاننا لم نجري من قبل اكثر من 35 عملية انتخابية منذ ان سعى أعضاء فى مجلس شورى النواب، عقب تأسيسه عام 1866 لتحويله من هيئة استشارية إلى برلمان حقيقى، فهل هناك معضلات تقف عائقا امام اجراء انتخابات مجلس النواب؟ شخصيا لم أكن اتخيل أن يأتى يوم تصبح فيه الانتخابات البرلمانية معضلة، والقوانين المنظمة لها مشكلة، بعد 35 عملية انتخابية أجراها المصريون خلال قرن ونصف القرن! كما لم يكن متصورا أن يتطلب إجراء انتخابات جديدة كل هذا الجدل الذى تُثار فيه أحيانا أسئلة عن إمكان الاستغناء عن مجلس النواب لفترة من الوقت، وعن جدوى هذا المجلس، فى ظل ضعف الأحزاب والقوى السياسية، ويبدو ان هذا الامر لم يخطر ببالي فقط فقد كتب عنه ايضا عدد من الكتاب منهم السياسي المخضرم الدكتور وحيد عبدالمجيدفي المصري اليوم. ويبدو ايضا ان الحوار الذي كلّف به السيسي رئيس وزراءه محلب ليجزيهم مع الأحزاب مجرد مضيعة للوقت ايضا، فقد جربنا اجراء العملية الانتخابية سنين عددا من قبل وهذه ليست اول مرة نجري فيها انتخابات ونضع قوانين منظمة لإجرائها، خاصة ان القوانين المحكوم بعدم دستوريتها قوانين وضعها رئيس المحكمة الدستورية وأقرها بنفسه عندما كان رئيساً مؤقتا، إذن فعوار عدم دستوريتها كان ظاهرا للعيان أمامه ولا ادري لماذا أقرها؟ هل ليتم الطعن عليها ليتم تأجيل اجراء الانتخابات! ثانيا اذا كان التحجج بان الأحزاب ضعيفة والتأجيل من اجل ان تعيد النظر في تنظيم أنفسها فهذه الحجة ستظل لسنوات طويلة ولن تغير الأحزاب طريقتها في العمل السياسي الا اذا وجدت تجربة حزبية حقيقية وليست احزاب كرتونية ترعاها السلطة كما هو الحال في مصر، كما انه لو اخذنا بنظرية ضعف أداء الأحزاب فى كل البلاد التى كان فيها هذا الأداء متهافتاً فى مرحلة أو أخرى من تاريخها واتخاذ ذلك وسيلة لأثارة الشكوك فى جدوى البرلمان، ما عرف العالم طريقه إلى التقدم. ولذلك فإنني ارى ان احد أخطر ما يواجه المسار السياسى الراهن فى مصر هو أن يصبح ضعف أداء الأحزاب والقوى السياسية عائقاً أمام تقدم هذا المسار، ومنتجا لشعور لدى بعض قطاعات المجتمع بعدم جدوى البرلمان على نحو قد يخلق حالة عزوف عن المشاركة فى انتخاباته. ثالثا اذا كانت المعضلة هي وضع قوانين منظمة للعملية الانتخابية وطريقة اجرائها، فهل نعجز ان نحل هذا المسالة البسيطة ولدينا اساتذة فطاحل في القانون الدستوري ولدينا قضاة على ارفع مستوى في المحكمة الدستورية يمكنهم ان يضعوا قوانين تنظم ذلك بكل سهولة ويسر والامر لن يأخذ منهم اكثر من عدة ايام على أقصى تقدير، فهذه الحجة ايضا مردود عليها. رابعا لم يتبق سوى حجة او معضلة اخيرة وهي عدم مناسبة الأجواء التي تمر بها مصر لإجراء انتخابات في هذا الوقت، واصحاب هذه الحجة يقولون انه لم تم اجراء الانتخابات فسوف يفوز بها الاخوان وحلفائهم وكذلك السلفيين، وهذه حجة ضعيفة اذ ان الاخوان وحلفائهم أعلنوا مرات عديدة انهم لن يدخلوا العملية السياسية في ظل نظام الحكم الموجود والذي يصفونه بانه انقلب على شرعية مرسي، اما السلفيين فقد فقدوا كثيرا من قواعدهم الانتخابية نتيجة مواقفهم المتغيرة منذ الثالث من يوليو وحتى الان. ولكن هناك خبثاء يقولون ان السبب الحقيقي لتأجيل الانتخابات اكثر من مرة ولمدة تزيد على السنة، مرجعه الى رغبة السيسي ونظام حكمه الانفراد بكل السلطات التشريعية والتنفيذية بعد ان وضعوا السلطة القضائية في جيوبهم، وأنهم لا يريدون مجلس نواب يناقشهم في قرارتهم، ويعيد النظر في كل القوانين والأنفاقيات التي تم توقيعها، ويضيفون ان الانتخابات سيتم تأجيلها لمدة عام اخر حتى يكون نظام الحكم اكثر استقرارا، ويكون قد شكل ظهير حزبي له يحصل على أغلبية في مقاعد مجلس النواب، بحيث تكون هذه الأغلبية مريحة له وتكون استنساخا لتجربة الحزب الوطني في حكم مصر، فهل سيفعلها السيسي ونظامه ويوكلون الانتخابات لمدة عام اخر ام سيخالف توقعات بعض السياسيين ويحميها قريبا، هذا ما ستكشف عنه الأيام والشهور القادمة. ##