أحد أعلام الجغرافيا البارزين في القرن العشرين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة في توظيف دراساتهم وأبحاثهم لخدمة قضايا أمنهم تعرض لحادث أثناء تقدمه لنيل درجة أستاذ مساعد دفعته إلي الانعزال حيث اعتبر مساواته بأحد زملائه إهانة له ولإنتاجه فتقدم باستقالته التي لم تقبلها الجامعة إلا بعد عامين كاملين حصل علي جائزة الدولة التشجيعية عن كتابين دراسات عن العالم العربي، «جغرافيا المدن» وكان عمره وقتها لم يتجاوز 31 عاما كتبت: راندا رأفت جمال محمود صالح حمدان" أحد أعلام الجغرافيا في القرن العشرين، ولد في قرية "ناي" بمحافظة القليوبية بمصر في 4 فبراير سنة 1928م. ونشأ في أسرة كريمة طيبة تنحدر من قبيلة "بني حمدان" العربية التي نزحت إلي مصر في أثناء الفتح الإسلامي. كان والده أزهريا مدرّسًا للغة العربية في مدرسة شبرا التي التحق بها ولده جمال، وحصل منها علي الشهادة الابتدائية عام 1939م. وبحكم نشأته كان من الطبيعي أن يخرج حمدان حافظا للقرآن تجويده وتلاوته، مما كان له أكبر الأثر علي أسلوبه الأدبي والفكري المبدع. وبعد الابتدائية التحق جمال حمدان بالمدرسة "التوفيقية الثانوية"، وحصل علي شهادة الثقافة عام 1943م، ثم حصل علي التوجيهية الثانوية عام 1944م، وكان ترتيبه السادس علي القطر المصري، ثم التحق بكلية الآداب قسم الجغرافيا، وكان طالبا متفوقا ومتميزا خلال مرحلة الدراسة في الجامعة، حيث كان منكبا علي البحث والدراسة، متفرغا للعلم والتحصيل. جغرافيا المدن وفي عام 1948م تخرج في كليته، وتم تعيينه معيدا بها، ثم أوفدته الجامعة في بعثة إلي بريطانيا سنة 1949م، حصل خلالها علي الدكتوراة في فلسفة الجغرافيا من جامعة "ريدنج" عام 1953م، وكان موضوع رسالته: "سكان وسط الدلتا قديما وحديثا"، ولم تترجم رسالته تلك حتي وفاته. بعد عودته من البعثة عمل مدرسًا بجامعة القاهرة، ولفتت دراساته الأنظار، خاصةً كتاباه (دراسات عن العالم العربي) و (جغرافيا المدن)، وحصل علي جائزة الدولة التشجيعية عام 1959م وعمره لم يتجاوز31 سنة. إلا أن الحادث الأهم في حياة الدكتور "جمال حمدان"- والذي دفعه إلي الانعزال عن المجتمع في شقته ب (الدقي) التي تتكون من غرفة واحدة - حين تقدم لنَيل درجة أستاذ مساعد، وأقرت اللجنة العلمية هذا الترشيح مع أستاذ جامعي آخر؛ حيث كانت هناك درجتان تقدَّم لهما أربعة من العاملين بالتدريس بالجامعة. ورأي "حمدان" أن مساواته بزميله إهانة له ولإنتاجه، وأنه كان يجب أن تقوم اللجنة بوضع ترتيب بين المرشحين يوضِّح أهمية أبحاث ودراسات كل منهما.. فتقدم باستقالته التي لم تقبلها الجامعة إلا بعد عامين كان خلالهما مسئولو قسم الجغرافيا يحاولون إثناء "حمدان" عن قراره دون جدوي. صدمة عصبية ومنذ ذلك الحين فرض "حمدان" علي نفسه عزلةً اختياريةً عن الناس؛ حيث لم يكن يستقبل أحدًا في منزله، وتفرَّغ لدراساته وأبحاثه حتي جاء يوم 16 إبريل 1993م. حيث عثر علي جثته والنصف الأسفل منها محروقاً. اعتقد الجميع أن د. حمدان مات متأثراً بالحروق، ولكن د.يوسف الجندي مفتش الصحة بالجيزة أثبت في تقريره أن الفقيد لم يمت مختنقاً بالغاز، كما أن الحروق ليست سبباً في وفاته، لأنها لم تصل لدرجة أحداث الوفاة. يرجح الطبيب أن تكون الوفاة بسبب صدمة عصبية، ولكن الناقد فاروق عبد القادر لفت الأنظار إلي أنه كان (جمال حمدان) يمارس اليوجا يوميا، فليس من المنطقي أن يموت بصدمة عصبية نتيجة حريق كما أن مشهد الحريق بدا بسيطا، اتضح ذلك من آثار الحريق علي جدران الشقة، وهذا لا يسبب صدمة عصبية لشخص عادي، فما بالك بشخص يمارس اليوجا بانتظام ليقهر رغبات الجسد، خاصة أنه اختار العزلة في آخر سنوات عمره. قال بعض المحللين إن أنبوبة الغاز انفجرت فيه بعد أن أذابت النيران خرطوم الأنبوبة، لكن عثر علي أنبوبة الغاز في حالة سليمة، بل وخرطومها أيضاً في حالة سليمة للغاية. وقيل إن النيران أمسكت به عند قيامه بإعداد الطعام لنفسه، لكن ثبت في التحقيقات أن د. حمدان أرسل بواب العمارة قبل الحادث بساعة ليحضر له بعض الأطعمة ليقوم هو بتجهيزها. من ناحية أخري نفهم أن البواب المسئول ضمنياً عن حراسة العمارة لم يكن موجوداً في موقعه عند وقوع الحادث، مما يسهل مهمة دخول وخروج أي شخص غريب. وسؤال آخر يطرح نفسه المنطقي عندما يواجهنا حريق في الشقة أن نسارع بالهرب خارجاً. والسؤال هنا هو: ألم يحاول د. حمدان الهروب من النيران، أم أن هناك شيئاً أعاقه ومنع هروبه مما أفضي لوفاته؟ معلومة أخري وهي أنه لا يوجد من شعر برائحة الغاز قبل رائحة "الشياط". والمنطقي أن تزكم الأنوف برائحة الغاز طالما أن تسرب الغاز كان سبباً للحريق.
اتهامات غامضة وهنا أصابع الاتهام تشير إلي المخابرات اليهودية، وخاصة وقد اكتشف المقربون من د.حمدان اختفاء مسودات بعض الكتب التي كان بصدد الانتهاء من تأليفها، وعلي رأسها كتابة عن اليهودية والصهيونية، مع العلم أن النار التي اندلعت في الشقة لم تصل لكتب وأوراق د. حمدان، مما يعني اختفاء هذه المسودات بفعل فاعل ومن المعروف أن جمال حمدان صاحب السبق في فضح أكذوبة ان اليهود الحاليين هم أحفاد بني إسرائيل الذين خرجوا من فلسطين خلال حقب ما قبل الميلاد، واثبت في كتابه " اليهود أنثروبولوجيا" الصادر في عام 1967، بالأدلة العملية أن اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم ينتمون إلي فلسطين ليسوا هم أحفاد اليهود الذين خرجوا من فلسطين قبل الميلاد، وإنما ينتمي هؤلاء إلي إمبراطورية "الخزر التترية" التي قامت بين "بحر قزوين" و"البحر الأسود"، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وهو ما أكده بعد ذلك بعشر سنوات "آرثر كويستلر" مؤلف كتاب "القبيلة الثالثة عشرة" الذي صدر عام 1976. وتعرف موسوعة ويكبيديا الإلكترونية جمال حمدان بأنه واحد من ثلة محدودة للغاية من المثقفين المسلمين الذين نجحوا في حل المعادلة الصعبة المتمثلة في توظيف أبحاثهم ودراساتهم من اجل خدمة قضايا الأمة، حيث خاض من خلال رؤية استراتيجية واضحة المعالم معركة شرسة لتفنيد الأسس الواهية التي قام عليها المشروع الصهيوني في فلسطين. مؤلفاته ترك جمال حمدان للفكر العربي والإسلامي 29 كتابا و79 بحثا ومقالة، أشهرها كتاب (شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان)، ومات ولم يتزوج. مؤلفاته العربية التي نشرت باللغة العربية هي: دراسات في العالم العربي 1958، أنماط من البيئات 1958، دراسة في جغرافيا المدن 1958، المدينة العربية 1964، بترول العرب 1964، الاستعمار والتحرير في العالم العربي 1964، اليهود انثروبولوجياً 1967، شخصية مصر 1967، استراتيجية اللاستعمار والتحرير 1968، مقدمة كتاب (القاهرة ) لديزموند ستيوارت ترجمة يحيي حقي 1969، العالم الإسلامي المعاصر 1971،بين أوروبا وآسيا دراسة في النظائر الجغرافية 1972، الجمهورية العربية الليبية دراسة في الجغرافيا السياسية 1973، 6 أكتوبر في الاستراتيجية العالمية 1974، قناة السويس 1975، أفريقيا الجديدة 1975،موسوعة شخصية مصر - دراسة في عبقرية المكان 4 أجزاء 1975 - 1984 . ومؤلفاته وبحوثه المنشورة باللغة الإنجليزية : Population of the Nile Mid - Delta، past and present، Reading University، June 1953 Khartum : study of a city، Geog. Review، 1956 Studies in Egyptian Urbanism، Cairo، 1960 Evolution of irrigation agriculture in Egypt، in : A history of land use arid regions، ed. L. Dublet Stamp، Unesco، Paris، 1961 Egypt، the land and the people، in: Guide book to geology، 1962 Pattern of medival urbanism in arab world، Geog. Review، April 1962 Political map of the new Africa، Geog. Review، October 1963 The four dimensions of Egypt حتي هذه اللحظة لم يعلم أحد سبب الوفاة ولا اين اختفت مسودات الكتب التي كانت تتحدث عن اليهود، ويقول عنه أنيس منصور في عموده المنشور (الأهرام 19/ 4/ 1993م): "عاش غريبا ومات وحيدا، يرحمه الله.. مات وحده، مات كما تموت الشهب محترقة في السماء.. لا أحد رآه ولا أحد عرف كيف صرخ وكيف بكي.. وإنما سقط رمادا أضيف إلي تراب مصر.. يا أرض مصر قد مات فيلسوفك وشاعرك والشاهد علي عبقريتك"