محمد معيط: المواطن سيشعر بفروق حقيقية في دخله عندما يصل التضخم ل 5% وتزيد الأجور 13%    خبير اقتصادي يكشف توقعاته لأسعار الدولار والذهب والفائدة في 2026    «إسرائيل: السحر الدين الدم».. كتاب جديد يكشف الأسرار الخفية للدولة العبرية    أمطار غزيرة تغرق خيام النازحين في عدة مناطق بقطاع غزة (فيديو)    الجيش السوداني يستعد لصد هجوم لميليشيا الدعم السريع من الأراضي الإثيوبية    قفزة لليفربول، ترتيب الدوري الإنجليزي بعد فوز مان سيتي وآرسنال وخسارة تشيلسي    نيجيريا تهزم تونس 3-2 وتصعد لدور ال16 بأمم إفريقيا    إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    الأرصاد تحذر من أمطار ليلة رأس السنة ومنخفض جوي يضرب السواحل الشمالية    حمو بيكا خارج محبسه.. أول صور بعد الإفراج عنه ونهاية أزمة السلاح الأبيض    إيداع أسباب طعن هدير عبدالرازق في قضية التعدي على القيم الأسرية    النيابة العامة تُجري تفتيشاً ل مركز إصلاح وتأهيل المنيا «3»| صور    عمرو أديب يتحدث عن حياته الشخصية بعد انفصاله عن لميس ويسأل خبيرة تاروت: أنا معمولي سحر ولا لأ (فيديو)    كيف يؤثر التمر على الهضم والسكر ؟    وزير الصحة يكرم مسئولة الملف الصحي ب"فيتو" خلال احتفالية يوم الوفاء بأبطال الصحة    طه إسماعيل: هناك لاعبون انتهت صلاحيتهم فى الأهلى وعفا عليهم الزمن    سيف زاهر: هناك عقوبات مالية كبيرة على لاعبى الأهلى عقب توديع كأس مصر    يوفنتوس يعبر اختبار بيزا الصعب بثنائية ويشعل صراع القمة في الكالتشيو    رابطة تجار السيارات عن إغلاق معارض بمدينة نصر: رئيس الحي خد دور البطولة وشمّع المرخص وغير المرخص    سوريا تدين بشدة الاعتراف الإسرائيلي ب«أرض الصومال»    القوات الروسية ترفع العلم الروسي فوق دميتروف في دونيتسك الشعبية    بيزا ضد يوفنتوس.. السيدة العجوز تحسم المواجهة بثنائية نظيفة    حرب تكسير العظام في جولة الحسم بقنا| صراع بين أنصار المرشحين على فيسبوك    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم في واقعة أطفال اللبيني    أخبار × 24 ساعة.. التموين: تخفيض زمن أداء الخدمة بالمكاتب بعد التحول الرقمى    إصابة 10 أشخاص فى حادث انقلاب مينى باص بمنطقة مدينة نصر    محافظ قنا يوقف تنفيذ قرار إزالة ويُحيل المتورطين للنيابة الإدارية    نجوم الفن ينعون المخرج داوود عبد السيد بكلمات مؤثرة    صحف الشركة المتحدة تحصد 13 جائزة فى الصحافة المصرية 2025.. اليوم السابع فى الصدارة بجوائز عدة.. الوطن تفوز بالقصة الإنسانية والتحقيق.. الدستور تفوز بجوائز الإخراج والبروفايل والمقال الاقتصادى.. صور    الإفتاء توضح حكم التعويض عند الخطأ الطبي    كأس أفريقيا.. نيجيريا تتأهل بثلاثية في تونس    مدرب المصرية للاتصالات: لا أعرف سبب تفريط الأهلى فى مصطفى فوزى بهذه السهولة    المكسرات.. كنز غذائي لصحة أفضل    أشرف زكي بعد واقعة ريهام عبد الغفور: «نحن في بلد قانون.. والقضية لن تنتهي»    انتخابات النواب 2025 بسوهاج.. إقبال كثيف ورقابة شعبية منعت أي تجاوزات| فيديو    خبير اقتصادي: تحسن سعر الصرف وانخفاض التضخم يحدان من موجات الغلاء    تفاوت بين روايتَي واشنطن وأبوجا بشأن الضربات الأمريكية في نيجيريا    أول رد من نيللي كريم على شائعة زواجها من شريف سلامة    رونالدو يشيد بأداء النصر بعد ثلاثية الأخدود: الطريق ما زال طويلًا    محافظ الجيزة يتابع أعمال غلق لجان انتخابات مجلس النواب في اليوم الأول لجولة الإعادة    بشير عبدالفتاح: إسرائيل تسعى إلى تموضع عسكرى فى صومالى لاند    حزم بالجمارك والضرائب العقارية قريبًا لتخفيف الأعباء على المستثمرين والمواطنين    آية عبدالرحمن: كلية القرآن الكريم بطنطا محراب علم ونور    خبيرة تكشف طرق الاختيار السليم للزواج وتوقعات الأبراج 2026    كواليس الاجتماعات السرية قبل النكسة.. قنديل: عبد الناصر حدد موعد الضربة وعامر رد بهو كان نبي؟    خبير نووى: الأوروبيون فقدوا أوراق الضغط وإيران تتحرك بحرية فى ملف التخصيب    معهد بحوث البترول وجامعة بورسعيد يوقعان اتفاقية تعاون استراتيجية لدعم التنمية والابتكار    مسؤول سابق بالخارجية الأمريكية: واشنطن لن تسمح لإسرائيل بشن هجوم على إيران    هل يجوز المسح على الخُفِّ خشية برد الشتاء؟ وما كيفية ذلك ومدته؟.. الإفتاء تجيب    وزير الطاقة بجيبوتي: محطة الطاقة الشمسية في عرتا شهادة على عمق الشراكة مع مصر    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرحلة رواية كتبها عامل بمصنع الغزل بالمحلة
نشر في القاهرة يوم 06 - 04 - 2010

( الرحلة ) عنوان رواية مدهشة ليست لكاتب مشهور، انما كاتب الرواية هو عامل يدعي فكري الخولي .والرواية هي سيرة ذاتية صادقة لحياته . وصدرت عن سلسلة كتاب الغد (كتبها فكري الخوالي في سجن الواحات عام 1962 وصدرت في يناير عام 1987 ) .بمقدمة للكاتب الكبير صلاح حافظ .وهي مقدمة تستحق القراءة والتأمل والمناقشة كما انها كاشفة لجمال هذا العمل الفني الفريد
يقول صلاح حافظ لم يسبق في تاريخ الرواية العربية عمل من هذا الطراز فنحن الفنا في عالم الرواية ان نري الفلاح بعين ابن عمه الذي تعلم في المدينة واحترف الكتابة وان نري العامل بعين المثقف الثوري الذي انحاز لقضيته بعد ان عرف انه انسان مثله .لكننا لم نقرأ ابدا رواية بقلم فلاح او بقلم عامل يصور فيها حياته كما يراها بعينيه .وهذا الذي لم نقرأه أبدا هو ما ينفرد به هذا العمل الروائي الذي لم يسبق له مثيل في تاريخ ادبنا العربي .فهنا لايكتب محمد حسين هيكل باشا عن زينب الفلاحة الجميلة النبيلة وقريتها الجاهلة التي تضطهد عواطف العذاري الجميلات وهنا لايكتب وكيل النيابة توفيق الحكيم عن لغز ريم التي يختلج رمش عينها فينبسط ظله علي فدان هنا يتولي كل هذه المهام صاحب الشأن نفسه ويضيف الاستاذ صلاح وقد لايكون هذا شيئا جديدا في اوروبا حيث ينشر الجميع ما يكتبون ويقرا الجميع كل ماينشر لكنه في مصر وفي بلادنا العربية زلزل بل هو زلزال مرتين مرة لان الكاتب عامل وليس من تقاليدنا ان يكتب العمال روايات او يحكوا للناس ما مروا به من تجارب ومرة لان هذا الكاتب العامل وضع كل الذين كتبوا عن الفلاحين والعمال في موقف بالغ الحرج فكل سطر في روايته حقيقة عايشها وكل هذه الحقائق ابلغ من كل ما صوروا من خيالاتهم التي بذلوا غاية الجهد والاخلاص في تأليفها وفي اعتقادي انه سيمضي وقت طويل جدا قبل ان يظهر عمل ادبي مشابه في مصر والبلاد العربية - ويبدو ان هذا الاعتقاد تحقق بالفعل خاصة اننا لم نسمع عن عمل يشابه هذه الرواية البديعة - ونعود لكلمات صلاح حافظ لنجده يقول وليس صدفة ان تبدو مكتبتنا العربية هذه بالغة الفقر امام مكتبات العالم المعاصر فثلاثة ارباع ماتنشر مكتبات العالم اليوم من طراز الادب المباشر اي التجربة التي يكتبها صاحبها بنفسه ويضيفها الي حصيلة المعرفة الانسانية بقلمه ومكتبتنا ترفض الاعتراف اصلا بهذا الطراز من الادب ولا تسمح لنفسها بنشره لان كتابه (دخلاء ) يقحمون انفسهم علي اهل القلم ويمارسون مهنة الكتابة بدون ترخيص ويري صلاح حافظ ان هذا هو السبب المباشر لفقر الادب العربي فلاديب الاجنبي المحترف يتزود بذخيرة هائلة مما تنشر المطابع للاقلام غير المحترفة ويتعلم منها ويتشكل بها وجدانه وتتعمق بها نظرته ويستمد منها الوقود الذي يجعله لسان عصره ومجتمعه بينما الاديب المحترف العربي لايملك مثل هذه المراجع ولايفهم عصره الا في حدود تجربته الشخصية المحدودة القاصرة لان تجارب غير المحترفين لايتاح لها ان تنشر. ورأي الاستاذ صلاح ان نشر رواية الرحلة للعامل فكري الخولي تعتبر نقطة تحول في تاريخ الادب العربي المعاصر وحدثا جديدا تماما علي مساره بل واعلان عن سقوط ( الكهنوت الادبي ).- ولكن للاسف لم يحدث هذا التحول وطبعا ليس لان الرواية لا تستحق بل لان قراء الادب المحدودين لم يعطوا هذه الرواية الاهتمام الكافي كذلك لم نجد نقاداً يحتفون بها او يقدموا دراسات جادة حولها - والان ماهو مضمون رواية الرحلة التي صدرت في جزءين الاول يقع في 253 من الحجم الكبير وهو الذي حصلت عليه من احد باعة الكتب القديمة بجوار مترو جمال عبد الناصر بوسط القاهرة مقابل جنيه مصري واحد ولم يحالفني الحظ في الحصول علي الجزء الثاني من الرواية التي تسجل بصدق فني عال الالام المصرية والاثام المصرية والضحايا المصرية التي صاحبت عصر نهضة الصناعة المصرية ويرجع صلاح حافظ سبب تجاهل الادب المصري لهذه الفترة لان الصناعة في مصر نشأت في صراع مع صناعة الاستعمار الاجنبي فكان طابعها الوطني يمنع الرأي العام المصري من التشهير بأثامها بمنطق حتي لايشمت العدو . تبدأ الرواية عام 1928 عندما أنشأ بنك مصر مصنعاً للغزل والنسيج بمدينة المحلة وزار وفد من البنك عدداً من القري ومنها قرية الكاتب كفر الحما التابعة لطنطا وهو طفل يتيم يتعلم في ا لكتاب وعندما يذهب صديقاه المقربان لقلبه للعمل بالمصنع فيهرب من بيته ويسير علي قدميه من قريته كفر الحما الي المحلة ليذهب الي المصنع وينضم الي العمال . وعلي لسان هذا الطفل نري مرحلة بداية تحول بعض الفلاحين الي عمال وكيف ذهب العديد منهم شهداء للمكان وكيفية التعامل معه .فقد عرضت الرواية اكثر من قصة لهولاء الضحايا من ذلك الفصل الذي حمل عنوان (الجثة المحشورة بين السقف والطارة ) وجاء فيه ( وبينما نحن منهمكون في العمل واذا باطفال ورجال يجرون الي وسط العنبر وصياحهم يغطي علي ضجيج الالات واحد مات واحد مات السير خطف واحد علقه في سقف العنبر الدم نازل يشرشب الدم نازل علي العنبر وجريت انا ايضا في نفس الاتجاه ووجدت مئات العمال وقد وقفوا صامتين وعيونهم كلها علي الجثة وهي محشورة بين السقف والطارة المركب عليها السير والدماء تتساقط بغزارة ملطخة المكان المجاور وبسرعة احضر العمال السلم العالي الخاص بالكهرباء وانتزعوا الجثة المحشورة بين السقف والطارة ولم يتمكنوا من انزالها برفق فسقطت من بين ايديهم علي الارض وازدادت وجوه العمال شحوبا من هول المنظر خاصة بعد ان غطيت الجثة بالخيش )الرواية عرضت ايضا لمعاناة العمال سواء في المصانع وقسوة الوقوف خلف المكان ل 12 ساعة متواصلة وتشدد المشرفين والخصومات الجائرة .واصابة الكثير من العمال بالامراض الصدرية وايضا عرضت الرواية لمعاناة العمال في المعيشة بغرف حقيرة يعيش فيها اكثر من 20 ساكناً وكراهية اهل المحلة لهم بل وهجومهم عليهم وضربهم بالعصي حيث اتهم اهل المحلة العمال بكونهم (غلو عليهم المش ).الرواية غنية بالتفاصيل التي نسجها السرد المبدع باسلوب مشوق ولاتقل باي حال من الاحوال عن ابداعات تشارلز ديكنز التي عبر فيها عن النهضة الصناعية في لندن وضحاياها ففي اثناء قراءة رواية الرحلة تشعر انك تعيش دائما في اوقات عصيبة .وفي ختام مقالي هذا اتمني من القائمين علي الهيئة العامة للكتاب واخص بالذكر الناقد والباحث والكاتب الكبير حلمي النمنم ان يعيد طبع هذه التحفة الفنية الجميلة والنادرة لكي يستمتع بها كل عشاق الادب في ظل النهضة الكبيرة التي تشهدها الرواية المصرية لعل نبوءة صلاح حافظ تتحقق وتكون هذه الرواية نقطة تحول في تاريخ الادب المعاصر .وتحفز كل عربي ان يسجل تجربته بلا حرج ولا تردد ولا تكلف لا لصالح القارئ وحده وانما ايضا لصالح الاديب المحترف.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.