في البداية أود أن نتحدث عن نشأتك؟ - نشأت في حي شعبي بالقاهرة وكانت والدتي تعرف القراءة والكتابة كما كان والدي متابع للصحف وكثيراً ما كان يصطحبني لمعرض الكتاب وأنا طفل مما ساهم في تعليمي وتثقيفي فكانا يسعيان لإنشاء قيمة كما أن والدي غرس داخلي النظام والالتزام الذي أفادني ووجه حياتي ورغم أنه كان صعيدياً الاأنه كان يسعي الي الترف والثقافة في آن واحد وأذكر أول قصة قرأتها وتعلقت بها لروبن وود. ومن هم الشعراء الذين تأثرت بهم؟! - تأثرت كثيراً بشاعر النيل حافظ إبراهيم فهو شاعر شعبي يقترب من الطبقات الشعبية كما عشقت كتابات العقاد وأشعاره ومن بعدهم جاء أجمد عبد المعطي حجازي وأمل دنقل كما أن فكرة الإمارة عند أحمد شوقي ونشأته في بيت أمير أبعدتني عنه وهذا لاينفي دوره الكبير في الشعر . هل أنت راض عن إنتاجك الإبداعي؟ - إلي حد ما فأنا قدمت سبعة دواوين شعرية أولها كان عام1993 بعنوان (مقعد ثابت في الريح )بالإضافة الي مسرحية واحدة بعنوان "بقعة ضوء تسقط مظلمة" ولدي أخري غير منشورة وكتاب عن شعراء السبعينات. المسرح الشعري وكيف تري المسرح الشعري حالياً ؟ المسرح الشعري له أهميته ولكنه غائب فالمسرح الحالي يخدم اللحظة الحاضرة ولايخدم المستقبل لأنه ضعيف ولا يوجد مخرج أو مؤسسة تتعامل مع المسرح كما يجب، لذلك يجب أن تتكاتف المؤسسات الثقافية مع مسرح الدولة للنهوض به والا سيظل المسرح علي حاله، لا نستطيع أن نقول إن شكسبير يعيش بشعره ولكن من خلال مسرحه وكذلك أحمد شوقي وعبد الرحمن الشرقاوي وماذا عن المشهد الشعري بصفة عامة؟ - المشهد الشعري متعدد ولكن لاتوجد عين متابعة وقارئة، فالمشهد به حركة شعرية تصنعها عناصر عديدة من كل الأجيال. فما زالت كتابات حجازي وصلاح عبد الصبور وأمل دنقل تتصدر المشهد ولكن المعارك البائسة تفسد علينا قراءته وكذلك مهرجانات الشعر غير قادرة علي تقديم الحركة الشعرية بشكل جيد . وكيف تري معركة قصيدة النثر ؟ - هي معركة مفتعلة تؤججها نيران غير حقيقية لأن الشعر من الممكن أن يكون في الجريدة مقال أو قصة مسرحية كما أن الذين يحاربون قصيدة النثر رجعيون وأيضاً من ينفون وجود قصيدة التفعيلة لايقلون عنهم رجعية، وعزل قصيدة النثر تحت شعار معين يعد فصلاً تعسفياً وسياسياً وليس فنياً علي الإطلاق. والشعر غير مسئول عنها ولكن الشعراء أنفسهم والحياة الثقافية الركيكة . الإبداع أسرع من النقد وهل تري أن الحركة النقدية توازي الحركة الشعرية؟ - علي الرغم من وجود نقاد بعقليات نقدية مهمة الا أن اللهث الدائم خلف المؤتمرات والنشر في أماكن مختلفة أفسد العقلية النقدية وتسبب في عشوائية النقد فلا يوجد ناقد قادر علي مقاومة الإغراءات الموجودة والتي أفسدت الضمائر وكذلك الجوائز فعندما يفوز عمل يجري النقاد خلفه، كما تكرس دور النشر لكتاب معينين وتروج لبعض الكتب وفي النهاية النقد ضعيف وغير متابع للإبداع لأن الابداع أسرع من الحركة النقدية، وهذا ليس خللاً في النقاد أنفسهم بل في المشهد بصفة عامة . اشتركت في جماعات شعرية مثل أصوات وإضاءة فلماذا اختفت هذه الجماعات ؟ - لا توجد جماعات أبدية وكل جماعة تؤدي غرضها ثم تختفي وهذه الجماعات أنتجت شعراً وأفكاراً مهمة وقد كنت قريباً جداً من إضاءة ونشرت قصائدي الأولي بها وأصدرت مجلة سنة1979 كما كانت الحركة الثقافية والسياسية والشعرية علي أشدها في ذلك الوقت ثم انشغلت بتأسيس ورشة الزيتون بعد ذلك . وكيف جاءت فكرة إنشاء ورشة الزيتون؟ - في عام1979 كنت أبحث عن مكان لعمل ندوات لممارسة الحياة الثقافية وتقابلت مع الدكتور فخري لبيب واتفقنا علي إنشاء النادي الثقافي وهو اسم الورشة في البداية وقدمنا ندوات وأمسيات شعرية فكان يشارك في اجتماعات الورشة العديد من المثقفين ومنهم الشيخ إمام، سلوي بكر، فتحي إمبابي و أسامة خليل وغيرهم وتطورت الأمور ولكن بعد عام 1981 بدأت تخفت الفكرة والصوت المستقل وأصبحت الندوات نصف شهرية وأحياناً شهرية وخاصة بعد اغتيال السادات ثم ظهرت منابر ثقافية أخري مثل مجلة إبداع وحدث تصالح بين المثقفين والسلطة وقد ارتبكنا في عقد الثمانينات وعدنا بشكل منتظم في عام 1991 وبعد رحيل يوسف إدريس أطلق علي الورشة اسم (ورشة يوسف إدريس للإبداع والنقد) وتغير الاسم الي ورشة الزيتون منذ عام 1996. وما دور الورشة في الحياة الثقافية وهل يوجد توثيق لما يدور بها؟ - بالنسبة لدور الورشة يتحدث عنه الناس، وعلي الرغم من أن الورشة شهدت شهادات لشعراء وكتاب الستينات والسبعينات وعقد بها العديد من الندوات والمؤتمرات فما من كاتب أوشاعر عربي يأتي الي مصر الا ويريد أن يعقد ندوة ولكن الورشة لم توثق ذلك، فليس لدينا سوي مجهود وحماس الأفراد،وقد أصدرت كتاباً عن شعراء السبعينات وهوعبارة عن شهادات قيلت في الورشة، وبعض الكتب والمقالات التي كتبتها انعكاس لما يدور داخل الورشة .ولدينا تغطيات عديدة لما كتب عن أنشطة الورشة في الصحف محفوظة كسجلات والثقافة لاتحتاج سوي الإخلاص والدأب والانتظام وهو ما جعل الورشة تستمر حتي الآن. عصير الكتب وماذا عن فكرة الأرشيف التي تقدمها في برنامج عصير الكتب ؟ - الفكرة ترجع لصاحب البرنامج الصديق بلال فضل فعندما بدأ البرنامج اقترح علي تقديم فقرة سور الأزبكية حيث أن لدي أرشيفاً قوياً أعمل به طوال الوقت يشمل من أواخر القرن التاسع عشر حتي الآن ومعظم المقالات التي كتبتها عن دور النشر القديمة من خلاله. ما الدافع وراء تقديم فقرة سور الأزبكية في البرنامج ؟ - أي فقرة قدمتها كان وراءها دافع الغيرة علي التراث الثقافي"الضائع" أو المفقود فبالنسبة لفقرة صلاح جاهين فنري أن نصف تراثه غير منشور وخاصة النثري وهناك بعض القصائد والرباعيات لم تنشر لأسباب سياسية وكذلك بعض مقالاته النقدية وتقديمه لبعض شعراء العامية، وأيضاً عندما تحذف 150 صفحة من رواية فتحي غانم وتقف الحياة الثقافية صامتة إزاء هذا فلابد أن أبرزه، وبالنسبة لفقرة الأهداءات فهي فكرة طريفة والإهداء يعبر عن نفسية وثقافة وتوجه صاحبه وهناك إهداء من الكاتب أحمد بهاء الي الرقيب منير حافظ يقول فيه"الي الرقيب منير حافظ الذي جعل الكتاب رشيقاً لهذه الدرجة " وهذا ينم عن سخريته من الحذف الذي تعرض له الكتاب . هل يجب علي الأديب أن يتبني موقفا سياسيا؟ - ليس شرطا ولكن من الأفضل أن يكون له موقف سياسي والأديب يقول كل ما يريد في إبداعه .والإبداع لسان حاله وعلي سبيل المثال أن تبني نجيب محفوظ لموقف سياسي معلن لا يهمني ولكن يشغلني إبداعه وما يكتبه، ولكن عندما يكون هناك موقف يستدعي أن يقول الأديب جملة فيه تفيده فلا ينبغي أن يتراجع عن ذلك ولايجوز أن يأخذ موقفاً رجعياً.