جرجس داود.. عاشق الآثار القبطية تعددت أنشطته بين الكتابة الصحفية والعمل الأثري الميداني والبحث العلمي رحل عن عالمنا الشهر الماضي الباحث الأثري الكبير الأستاذ جرجس داود جرجس؛وهو الرجل الذي عشق التراث القبطي حتي النخاع لآخر نفس في عمره .. فلقد كان متوجها إلي الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لحضور اللقاء الثقافي المنعقد في المركز الثقافي القبطي وقبيل وصوله إلي باب الكاتدرائية بقليل ؛ وأثناء سيره طلب من مرافقه التوقف لحظة لالتقاط الأنفاس ثم سقط فجأة علي الأرض مغشيا عليه وخلال دقائق قليلة تم نقله إلي مستشفي الدمرداش حيث فارقت روحه جسده وصعدت إلي السماء .. ففقدت بهذا الآثار القبطية واحدا من أنبل فرسانها. ولد الأستاذ جرجس داود في يوم 24 سبتمبر 1930 بمدينة القاهرة ؛وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي التحق بالجامعة المصرية في كلية الآداب قسم الآثار المصرية عام 1956 وحصل منها علي الليسانس عام 1961 كما حصل علي دبلوم المعهد العالي للدراسات القبطية من قسم الآثار القبطية عام 1979 ؛ أما عن التدرج الوظيفي فلقد عمل فور تخرجه كمفتش آثار بمنطقة الهرم وسقارة ومصر الوسطي خلال الفترة من 1961- 1968 ؛كما عمل مرافقا للبعثات الأجنبية في مناطق الهرم - دهشور وسقارة - الأقصر - أسوان خلال الفترة من 1968 - 1970 ؛ وعمل مفتش آثار بمنطقة أبو سمبل خلال الفترة من 1970- 1973 وفي عام 1973 عين أمينا بالمتحف القبطي ؛وفي عام 1976 رقي إلي درجة أمين أول واستمر في العمل بها حتي رقي إلي درجة مدير عام لقاعة المنسوجات القبطية واستمرفي العمل فيها حتي تقاعد عن العمل في يوم 23 سبتمبر 1990 . النشاط العلمي عين مرافقا لبعثة الآثار المصرية بمعرض توت عنخ أمون بألمانيا عام 1980 ثم عين مرافقا للآثار المصرية في بعثة "مصر عبر العصور" بمعهد العالم العربي بباريس عام 1989 كما قام بإلقاء سلسلة محاضرات عن الآثار المصرية بجامعة ليدن بهولندا عام 1983 ساهم جرجس داود بالكتابة في الموسوعة القبطية Coptic Encyclopedia والتي أشرف علي تحريرها العالم المصري الكبير الأستاذ الدكتور عزيز سوريال عطية ( 1898-1988 ) حيث كتب بحثاً عن البابا بنيامين البطريرك ال 38 من سلسلة بطاركة الكرسي المرقسي ؛والذي في عهده تم الفتح العربي لمصر عام 641 م كما كتب بحثا عن المنسوجات القبطية من القرن الرابع حتي القرن السابع نشر بمجلة حوليات هيئة الآثاروكذلك بحثا عن "مختارات من الرمزية من المتحف القبطي " نشر بنفس الحولية. كما أن له عدة مقالات علمية منشورة بمجلة جمعية الآثار القبطية نذكر منها بحثا عن "باب كنيسة القديسة بربارة الموجود بالمتحف القبطي "وذلك في عام 2003 ساهم الراحل الجليل بالمشاركة في أسبوع القبطيات المنعقد سنويا بكنيسة السيدة العذراء بروض الفرج وكتب فيها عدة أبحاث: عن "مونوغرام المسيح علي الآثار القبطية نشر في أسبوع القبطيات الثالث عام 1993 وكذلك بحثا بعنوان "خمس قطع من المتحف القبطي "نشر بأسبوع القبطيات الرابع عام 1994 وآخر بعنوان "الشعبية في الفن القبطي " نشر في أسبوع القبطيات السابع عام 1997 وبحث بعنوان "أضواء جديدة علي رحلة العائلة المقدسة إلي أرض مصر" نشر بأسبوع القبطيات التاسع عام 1999 وبحث بعنوان "مريم العذراء في القطع الأثرية " نشر في أسبوع القبطيات الحادي عشر 2001 أما مجلة معهد الدراسات القبطية فكتب بها بحثا بعنوان "العمارة القبطية في مصر" نشر في المجلد الثامن من عام 2009 كما كان للأستاذ جرجس داود باب ثابت بجريدة وطني بعنوان "صورة قبطية " ويعرض فيه بعض روائع القطع الأثرية من مقتنيات المتحف القبطي مع الشرح والتعليق بالإضافة لمساهمته بالتدريس في قسم الآثار بمعهد الدراسات القبطية لفترة تزيد علي 20 عاما ؛ كما عمل أمينا لمكتبة المعهد منذ نهاية السبعينات وحتي ساعة رحيله . كانت له بصمات واضحة وملموسة في مساعدة جميع الباحثين في التراث القبطي أو "علم القبطيات Coptology من كليات الآثار والإرشاد السياحي والآداب قسم تاريخ وجغرافيا في مصر والخارج ؛كما وجهت له كثير من عبارات الشكر والتقدير في العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة بالجامعات المصرية كما حصل علي شهادات تقدير من الأستاذ الدكتور زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار ؛ ومن حضرة صاحب القداسة والغبطة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث ؛ومن جريدة وطني كما كان جرجس داود عضوا بالجمعية الدولية للدراسات القبطية International Association for Coptic Studies ( I A C S ) وكذلك عضو مجلس إدارة جمعية الآثار القبطية Society for Coptic Archaeology ونحن إذ نفتقد محبته وإخلاصه الكبير للتراث المصري عامة والقبطي خاصة حتي آخر لحظة من حياته نطلب له الرحمة والغفران جزاء ما قدم من خدمات جليلة للعلم والعلماء ولمصرنا الحبيبة.