«المنطقة الخضراء».. الممثل المصري «خالد عبدالله» يتفوق علي الأمريكي «مات ديمون» يقدم مات ديمون واحداً من أدواره التي ينتقيها بعناية ولكن يتفوق عليه الممثل المصري الذي يعيش في لندن ويقدم في الفيلم أحد أهم الشخصيات المؤثرة والمحركة لأحداث الفيلم السيناريو نسجه «بريان هيلجلاند» عن كتاب المراسل الحربي لجريدة الوشنطن بوست راجي شاندر اسكيران الذي قام بتغطية أحداث الغزو المؤلف كان من أوائل الذين آمنوا بعبثية هذه الحرب وأكذوبة أسلحة الدمار الشامل تلك الحجة التي صدرتها أمريكا لتبرير الحرب المنطقة الخضراء هي الرقعة الجغرافية التي سيطر عليها الجيش الأمريكي وسط بغداد وحولها إلي شبه سكنة عسكرية ماجدة خيرالله يبدو أن الغزو الأمريكي للعراق "عام 2003"أصبح هاجسا يسيطر علي خيال صناع السينما الامريكية! ومادة خصبة لقصص الأفلام التي تأخذ من أحداث الواقع بعض شخصياته وتلبسها لشخصيات سينمائية، تصبح أكثر تأثيرا وخلوداً من تلك التي تحركت علي أرض الواقع فعلا، مثل شخصية سيرجنت ويليام جيمس، التي قدمها الممثل جيرمي رينير في فيلم "خزانة الألم"، ثم ظهر بين الجنود الأمريكان من يدعي أن السيناريست مارك بول، استوحي مفردات شخصيته وقدمها في الفيلم الذي حصد أهم جوائز الأوسكار للعام الحالي! وسوف تظل الشخصية السينمائية لأحد أفراد فريق نزع فتيل المتفجرات وإبطال مفعولها، في فيلم خزانة الألم أكثر أهمية وخلوداً من البطل الفعلي للحدث، والأسبوع الماضي شهدت دور السينما الأمريكية، بداية عرض فيلم "المنطقة الخضراء" GREEN ZONE ويمكن ترجمته "بالمنطقة الآمنة" وهو من إخراج بول جرينجراس، وبطولة مات ديمون، والممثل المصري خالد عبد الله الذي يقدم أحد أهم الشخصيات المؤثرة والمحركة لأحداث الفيلم، أما السيناريو فقد نسجه "بريان هيلجلاند" عن كتاب "راجي شاندراسكيران" وهو مراسل حربي في جريدة الواشنطن بوست، قام بتغطية أحداث الغزو الأمريكي للعراق منذ بدايتها، وكان من أوائل من آمنوا بعبثية تلك الحرب، وأكذوبة أسلحة الدمار الشامل التي كانت الحجة الوهمية التي صدرتها الإدارة الامريكية للعالم، لتبرير الحرب علي العراق، تلك الحرب التي سببت ارتباكاً هائلا للجيش الأمريكي ولمنطقة الشرق الأوسط وسببت فوضي عارمة في العراق، رغم الزعم الأمريكي بمحاولة إرساء قواعد الديمقراطية! والمنطقة الخضراء التي يقصدها الفيلم هي الرقعه الجغرافية التي سيطر عليها الجيش الأمريكي في وسط مدينة بغداد، وحولها الي شبه سكنة عسكرية، يتحرك فيها قيادات الجيش بعيدا عن أحداث الشغب والفوضي والخطر الذي دب في الأراضي العراقية، بمجرد أن وطأت أقدام المارينز تلك الأرض وحولتها الي قطعة من الجحيم! ليلة الغزو وتبدأ أحداث الفيلم في الليلة التي بدأ فيها الغزو الأمريكي علي العراق ونجاح صدام حسين من الهرب، ثم محاولة بعض جنرالات الجيش العراقي من رجال صدام، وعلي رأسهم "جنرال الراوي" يلعب دوره الممثل الإسرائيلي "ييجيل ناعور"، جمع شملهم وتدبر حالهم، ليس للمقاومة ولكن لتدبير عملية هروبهم من بغداد بأقل قدر من الخسائر، لحين وضع خطة للعودة والسيطرة علي الأمور، والقفز إلي مقاعد السلطة مرة أخري! أما "روي ميللر"قائد مجموعه البحث عن أسلحة الدمار الشامل يجسد الدور"مات ديمون"، فهو مؤمن إيماناً عميقاً، بمهمته، ويسعي من أول لحظة في تعقب رجال صدام وعلي رأسهم "جنرال الراوي"، لمعرفة أين يخفون أسلحة الدمار الشامل!! مدعمين بفرق من رجال البحث، والتنقيب وعناصر من المخابرات الأمريكية، تنتشر في أرجاء المدينة لإصطياد أي خيط يمكن أن يؤدي الي كشف الحقائق، ويسعي مواطن عراقي اسمه "فريد"يلعب دوره الممثل المصري خالد عبد الله، لدي القائد الأمريكي"ميللر"ليخبره أنه شاهد بعض رجال صدام، يجتمعون في فيلا تقع في أحد أحياء بغداد، ويعرض القائد الأمريكي علي المواطن العراقي، مكافأة إذا صح كلامه، ويهدده بسوء المصير إذا كان يقصد التضليل أو يقود الجنود الأمريكان إلي مصيدة، ولكن "فريد " الذي يعاني من عرج في إحدي ساقيه، يؤكد للقائد الأمريكي أنه لايريد مكافأة، إنما هو سوف يقدم أي مساعدة، تضمن التخلص من جنرالات صدام، الذين أشاعوا الرعب والذعر في البلاد، وقتلوا آلاف المواطنين الأبرياء!إنه يساعد الامريكان ليس إيمانا بعدالة موقفهم، ولكن لإنه يحلم بالتخلص من أعوان صدام، وبمجرد أن يدل فريد رجال الجيش علي مكان تجمع الجنرال الراوي ورجاله، يفر هارباً، فيتبعه الجنود الامريكان، وتسقط ساقه الصناعية، في مشهد مؤثر للغاية، يسأله القائد الامريكي ميللر لماذا يحاول الفرار، فيجيبه "فريد" لقد أخبرتكم بالمعلومات التي تريدونها، وانتهي الأمر، ولن أعمل جاسوسا علي أبناء وطني لحسابكم، فأنتم أيضا لاتقصدون خير هذا الشعب، وحكاية البحث عن أسلحة الدمار الشامل كذبة، تعلمونها جيدا، وعندما يسأله ميللر عن الظرف الذي أدي الي فقدانه لإحدي ساقيه، يجيبه بمرارة إنها الحرب العراقية الايرانية التي استمرت لسنوات وأدت الي كوارث إنسانية مازلنا نعاني منها حتي الآن! في محاولة لكشف الحقيقة، يحاول ميللر، جمع معلومات من بعض المراسلين الصحفيين الذين عاشوا لسنوات في العراق ويتبين له كذبة وجود أسلحة دمار شامل، ويصطدم ببعض رجال الجيش الذين قاموا بالتنكيل بأفراد من الشعب العراقي أو زجهم في السجون وتعذيبهم بأكثر الطرق وحشية وهمجية! مطاردات مشوقة تتحول أجزاء كثيرة من فيلم "المنطقة الخضراء"الي مطاردات مشوقة علي طريقة فيلم" The Bourne Ultimatum" الذي أخرجه بول جرنجراس أيضاً ولعب بطولته مات ديمون نجمه المفضل، وخاصة فيما يتعلق برحلة البحث عن الجنرال العراقي الراوي ورجاله، ومطاردات رجال الجيش الأمريكي للعناصر الهاربة من رجال صدام، سواء عن طريق السيارات العسكرية، أو الطائرات المروحية، والمرور في أنفاق صنعت خصيصا في قصور قادة الجيش العراقي، لتستخدم في محاولات الهرب! والفيلم يسترجع تلك الساعات المرعبة التي مرت علي الشعب العراقي مع بداية الحرب، التي حولت ارض العراق الي ساحة معركة شرسة، راح ضحيتها الآلاف، وأيقظت الفتنة بين فرق وجماعات كانت تبدو ساكنة وخامدة أثناء حكم صدام حسين! يقدم مات ديمون واحداً من أدواره السينمائية التي ينتقيها بعناية، ولكن في فيلم "المنطقة الخضراء" يتفوق عليه الممثل المصري خالد عبد الله، الحاصل علي الجنسية البريطانية، ويعيش في لندن من سنوات ويشارك في بعض الأفلام العالمية، وكان له دور مميز في فيلم "سباق الطائرات الورقية" The Kite Runner، أما المخرج بول جرينجراس فهو من أهم مخرجي التشويق والمغامرات، وإن كان يهتم من حين لآخر بتقديم موضوعات لها خلفية سياسية، مثل فيلمه «يوم الاحد الدامي» الذي اخرجه عام 2002 وقدم من خلاله رؤية سينمائية لوقائع أحداث العنف والشغب التي حدثت عام 1972 بين نشطاء الحقوق المدنية والجيش الانجليزي الذي حاول إجهاض المظاهرات السلمية، باستخدام العنف الذي أدي الي حوادث دموية راح ضحيتها عشرات الآلاف من الطرفين!ويعتبر السيناريست "بريان هيلجلاند" من أكثر كتاب السيناريو الذين ظهروا في العشرين عاماً الأخيرة مهارة وحرفية، وبين قائمة أعماله فيلم «النهر الغامض» الذي أخرجه كلينت إستوود ونال عنه "شون بين" أوسكار أفضل ممثل عام 2004، ونال هو شخصيا جائزة أوسكار عن سيناريو فيلم "لوس أنجلوس سري جداً "في عام 1989، فيلم «المنطقة الخضراء» يجتمع له كل عناصر وأسباب النجاح، وهذا مادفع به للمنافسة علي إيرادات شباك التذاكر، ليحتل المكانة الثانية بعد فيلم أليس في «بلاد العجائب»!