«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«زكريا أحمد» يضرب شيخه فيطرده من كتاب الشيخ «نكلة»
نشر في القاهرة يوم 16 - 02 - 2010

بين عباقرة الموسيقي والغناء العربي في القرن العشرين يبرز اسم الشيخ «زكريا أحمد» أحد أعمدة النهضة الفنية في مصر ، والتي تحل ذكراه التاسعة والأربعون في الرابع عشر من هذا الشهر «فبراير» 2010 إذ رحل الشيخ عن دنيانا في التاريخ نفسه من العام 1961، ليترك مقعده خاليا إلا من ذكري حنين إلي زمنه زمن «زكريا أحمد» وموسيقاه الطالعة كغزال بري يتفقد حال محبيه، كثيرون منا تركوا أرواحهم تسبح خلف ألحانه بحثا عن سبيل يمحو جراحات طالما عششت معهم دون أمل في الشفاء، كثيرون منا استضافت ألحانه دموعنا بجوارح مؤرقة، وحده «زكريا أحمد» استطاع أن يمد روحه كطوق نجاة للعابرين علي شوارع يجهلونها ، وحده ووحدها ألحانه استطاعت أن تطرد الغيم وتستبدله بباقة من النرجس الآمن.
ابن فن
في السادس من يناير في عام 1896 ولد الشيخ «زكريا أحمد» لأب يعشق الموسيقي والغناء هو «أحمد صقر، وأم من أصل تركي تهوي الغناء بأنواعه ولا سيما «التركي» هي السيدة «فاطمة» سر تسميته أي الابن ب«زكريا» يرجع إلي حدث قديم يتعلق بالأم التي كانت كلما انجبت «بنتا» عاشت ، بينما كان الذكور يموتون، لذا راحت هي وزوجها يسميان اطفالهما من الذكور بأسماء الأنبياء حتي رزقوا ب«زكريا» بعد واحد وعشرين طفلا ماتوا «راجع السبعة الكبار في الموسيقي العربية .. فيكتور سحاب.. دار العلم للملايين، طبعة أولي 1987» كانت الأشهر الأولي في حياة الطفل «زكريا أحمد» مصحوبة بالقلق والشك خوفا من أن يلاقي نفس المصير أي يموت كأخوته السابقين، إلا أن هذا لم يحدث، عاش زكريا وأرسله الأب إلي كُتاب الشيخ «نكلة» قرب منزله في حي الأزهر، إلا أن شقاوته حالت بينه وبين الاستمرار في الكتاب، إذ قام بعضّ الشيخ منصور شيخه في ذلك الحين، فطرد من الكتاب، بعدها انتقل إلي الأزهر حيث قضي سبع سنوات إلا أن طباعه ظلت كما هي، إذ كان يقلب دبابيس عمته حتي إذا حاول الشيخ ضربه علي العمامة دميت كفه، مما نتج عن طرده من الأزهر في الثالثة عشرة من عمره بسبب ضربه للشيخ، من يومها اسلم الصبي «زكريا» روحه إلي الموالد والأذكار في السرادقات لسماع كبار المقرئين والشيوخ والمطربين، وبعد الأزهر أدخله والده مدرسة «ماهر باشا» في حي القلعة إلا أنه طرد في اليوم الأول لأنه لم يكف عن الغناء، ما دفع ناظر المدرسة أن ينعته ب«مجنون الغناء» وظل يضرب ويطرد من فصل إلي آخر، ومن مدرسة إلي أخري، علي أن يكف عن الغناء ولكن دون جدوي «المرجع السابق .. ص 94» هكذا ظلت حياة «زكريا أحمد» تتبدل وتنتقل من حال إلي حال فعشق التسكع وهجر الجبة والقفطان وملابس المشيخة، مما أدي إلي وقوع خصومة بينه وبين والده، فذهب إلي أحد أقاربه، ومنه إلي «طنطا» وذات مرة التقاه والده في الشارع فراح يقبله، إلا أن «زكريا» ظن أن هذه خديعة من الأب كي يعيده إلي البيت، ففر هاربا إلي أن دهسته سيارة فلم يفق إلا في بيت أبيه، بعدها حاول «زكريا» أن يقنع الأب بأنه لا يريد أن يدخل المدرسة بل يريد أن يعمل مقرئا فرفض الأب وطرد الأم التي كانت تعطف علي ابنها «زكريا» وفارقت الأم الحياة وهي مطرودة، وتزوج الأب بغيرها فعرف «زكريا» نار زوجة الأب ، كذلك حظر الأب جميع مساعدات أقاربه للصبي «زكريا» غير أن تدخل الكثيرين ساعد علي إقناع الأب بأن مهنة المقريء ليست عارا، بل هي مهنة وقار واحترام، من يومها وحياة «زكريا أحمد» عرفت طعما جديدا إذا اقتحم المنتديات واقترب من عالمها الرحب.
في صحبة الشيخ «درويش الحريري»
في ندوة «صالح باشا ثابت» كان «عبد الحي حلمي» والشيخ «يوسف المنيلاوي» و« محمد سالم العجوز» والمطرب «أحمد صابر» والشيخ «عبدالرحيم المسلوب» والشيخ «أبو العلا محمد» كواكب مضيئة في كل جلسة، وانضم إليهم «زكريا أحمد» بعدها عهد أبوه إلي الشيخ «درويش الحريري» في تعليمه وتحفيظه القرآن الكريم، لازم «زكريا» الشيخ الحريري عشر سنوات، لقد كان «درويش الحريري» جامعة فنية ما أن ارتبط به أحد من محبي الموسيقي والغناء إلا وعلا شأنه في هذا المجال، وتحولت العلاقة ما بين «زكريا أحمد» والشيخ «الحريري» إلي علاقة نسب إذ تزوج الشيخ «زكريا» شقيقة زوجته في 20 أغسطس من عام 1919، وقتها دفعه «درويش الحريري» إلي الغناء في بطانة الشيخ «سيد محمود» خادم السيرة النبوية، إلا أنه لم يلتزم بها سوي أشهر قليلة «أنظر السبعة الكبار في الموسيقي العربية .. فيكتور سحاب» عاد «زكريا» مرة أخري إلي فرقة الحريري، ومنها انتقل علي يد «الحريري» ذاته إلي بطانة الشيخ «علي محمود» ويعتبر الشيخ «علي محمود» المولود بالقاهرة في عام 1878 من أعمدة الإنشاد الديني ليس في مصر فحسب، بل في العالم العربي، كما كان من أهل العلم بالقراءات العشر، إضافة إلي أنه درس الفقه علي يد الشيخ «عبدالقادر المازني» راجع «مشايخ في محراب الفن .. د.خيري محمد عامر.. الهيئة العامة لقصور الثقافة، طبعة أولي 2006 سلسلة إصدارات خاصة».
تعلم «زكريا أحمد» علي يد الشيخ «علي محمود» أن يؤدي الأذان فجرا كل يوم علي نغمة مختلفة، كما تعلم منه أيضا التجويد والسيرة والتواشيح، إذ كان الشيخ «علي محمود» من تلاميذ الشيخ «عبدالرحيم المسلوب» و «عثمان الموصلي» عالم الموشحات التركية والشامية، ولا يخفي علي أحد أن بطانة الشيخ «علي محمود» كانت من أشهر البطانات في ذلك الوقت، ومن بطانة الشيخ «علي محمود» انتقل الشيخ «زكريا أحمد» إلي فرقة الشيخ «إسماعيل سكر» للقراءة والإنشاد، وساعتها انتشر صيته في القاهرة والأقاليم حتي استدعاه السلطان «محمد رشاد» إلي الأستانة لإحياء إحدي الحفلات الكبيرة، وأنعم عليه بالنياشين، وكان الفضل في ذلك للشيخ «إسماعيل سكر» معلمه الثاني بعد الأول «درويش الحريري» ومعلمه وعديله في ذات الوقت «راجع سحاب».
سيد درويش في حياة زكريا أحمد
كان لكل من الشيخ «سيد درويش» و«أم كلثوم» الأثر الأكبر في حياة الشيخ «زكريا أحمد» إذ التقي بالشيخ «سيد درويش» في العشرين من عمره في الثالث من يناير من عام 1916 «أنظر السبعة الكبار في الموسيقي العربية» وقتها اشتري «زكريا أحمد» تذكرتي سفر بالقطار إلي القاهرة له واحدة وللشيخ «سيد درويش » واحدة إلا أن الشيخ «سيد درويش» لم يتمكن من السفر معه بسبب غضبه من مسرح «محمد عمر» لأنهم أعطوه خمسة عشر جنيها ذهبا أجر الليلة، بينما تقاضي المطرب «صالح عبدالحي» مائة جنيه، ما دفع الأول إلي العودة للغناء في مقهاه الشعبي بالأسكندرية بخمسة وسبعين قرشا في الليلة «المرجع نفسه» ولم ييأس «زكريا أحمد» فأعاد الشيخ «سيد درويش» إلي القاهرة وتكررت لقاءاتهما في فبراير 1916 ثم في 31 أغسطس 1918 وكذلك تضاعفت لقاءاتهما في عام 1921، وبحسب «فيكتور سحاب» علي لسان الشيخ «يونس القاضي» في «مجلة المسرح» من عام 1926 ذكر القاضي أن زكريا أحمد قد عمل في فرقة سيد درويش الذي طلب منه أن يحل مكانه في مسرحية «البروكة» في دور «زعبلة» حتي يتعافي الشيخ سيد درويش من جراحة طبية أجريت له إلا أن الدور آل في النهاية إلي «محمد عبدالوهاب» في المسرحية ذاتها، لم تقف علاقة الشيخ زكريا ب «سيد درويش» عند هذا الحد، بل امتد الأمر إلي الإعجاب الشديد من طرف زكريا بالشيخ سيد درويش لدرجة دفعته إلي التأثر بموسيقاه وألحانه ولا سيما تأثره بتلحينه الروايات المسرحية والغنائية علي حد قول «سحاب» لذا كان من الطبيعي أن يرث الشيخ زكريا زعامة المسرح الغنائي عقب رحيل سيد درويش في مارس من عام 1923، كذلك ورث الشيخ زكريا عن الشيخ سيد صداقته للشاعر الكبير «بيرم التونسي» الذي كون مع زكريا ثنائيا غنائيا من أهم الثنائيات في تاريخ الأغنية المصرية والعربية، ولعل هذه العلاقة الحميمة نتج عنها فنا كبيرا أعني علاقة زكريا أحمد بالشيخ سيد درويش، إلا أنها كانت لها نتائج أخري سيئة فعقب وفاة الشيخ سيد درويش حاول خصوم زكريا اتهامه بسرقة ألحان الشيخ سيد وتراثه حتي أن الشيخ «يونس القاضي» الشاعر المعروف آنذاك قد شن علي الشيخ زكريا حملة كبيرة في مجلة« المسرح» كما اشترك في هذه الحملة «محمد البحر» نجل الشيخ سيد درويش ويذكر «فيكتور سحاب» ذلك مدللا علي بعض الألحان ومنها أغنية «البرنيطة» لمطربة القطرين آنذاك «فتحية أحمد» ويختار من «البرنيطة» جملة «آدي وقت البرنيطة» ويرجعها إلي جملة «شوف بختك في مراتك» من أغنية « الشيطان»، كذلك يشير إلي لحن طقطوقة «إرخي الستارة اللي في ريحنا» وهي من ألحان الشيخ زكريا أحمد ويرجعها إلي لحن «الفين حمدين» للشيخ سيد درويش كذلك أغنية «تركي أفندي» للشيخ «زكريا أحمد» وعلاقتها بأغنية «مصطفاكي بزياراكي» للشيخ سيد درويش، ويؤكد «سحاب» علي أن الشيخ «يونس القاضي» هو محرك الحملة لسبب غير معلوم، كما يشير إلي الغيرة المرضية ل«محمد البحر» علي ألحان والده، والتي جعلته يحول دون عمل الموسيقيين في إحياء تراث الأب سيد درويش حتي الخامس عشر من سبتمبر من عام 1973، ذكري مرور خمسين عاما علي وفاته - أي سيد درويش- وهو التاريخ الفاصل بحسب القانون المصري في اسقاط الحق عن الورثة، وبذلك أصبح فن «سيد درويش» ملكا عاما ليس من حق أي شخص أن يحتكره، لم يسكت «زكريا أحمد» علي حضرة الحملة بل راح يتحدي متهميه أن ينشروا علي الناس تدوين الألحان المسروقة دون أي استجابة منهم.
زكريا أحمد ولقاؤه ب«أم كلثوم»
في قرية «السنبلاوين» القريبة من قرية «طماي الزهايرة» محل ميلاد كوكب الشرق «أم كثلوم» التقي بها الشيخ «زكريا أحمد» في الثاني من يونيو في عام 1919، وساعتها غنت له هي وأخيها الشيخ «خالد» كما زارها الشيخ زكريا في العاشر من الشهر ذاته بحسب يوميات الشيخ «زكريا أحمد» التي أشار إليها «فيكتور سحاب» في كتابه «السبعة الكبار في الموسيقي العربية» أهدي الشيخ زكريا إلي «أم كلثوم» طقطوقة وموشحا في «طماي الزهايرة»، ثم دعاها إلي القاهرة وفي سهرة جمعت بين أم كلثوم و«محمد القصبجي» و«أحمد صبري النجريدي» والشيخ «أبو العلا محمد» صاحب الفضل الأول علي «أم كلثوم» والشيخ «زكريا أحمد» وقعت «أم كلثوم» اتفاقا لفرقة «علي الكسار» لتغني بين فصول رواياته أغنيات الشيخ «أبو العلا محمد» و«أحمد صبري النجريدي» و«محمد القصبجي» من يومها وزكريا أحمد قد وطد علاقته بصوت أم كلثوم ويذكر «زكريا أحمد» في يومياته «منذ تلك الليلة وأنا أصم لا أسمع إلا صوتها، أبكم لا أتحدث إلا باسمها، فقد أصبحت مفتونا بها، لأنني أحببتها حب الفنان للحن الخالد، تمني العثور عليه دهرا طويلا» ومنذ التقاء الشيخ «زكريا أحمد» ب«أم كلثوم» تغيرت الأغنية تغيرا ملحوظا علي إيديهما قد قدم الشيخ زكريا لها علي مدار ما يقرب من ثلاثين عاما منذ لقاؤهما حتي انتهائهما من فيلم «فاطمة» سنة 1948 ما يقرب من «55» أغنية، هذا بخلاف أغنياته معها في أفلامها السينمائية «فاطمة، وداد، عايدة، سلامة» وقد لا تنجو هذه التواريخ من أخطاء إلا أننا اعتمدنا في تدوينها علي الجدول الذي أورده «فيكتور سحاب» في كتابه، علما بأن هذا الجدو ورد أولا في كتاب (النصوص الكاملة لأغاني «أم كلثوم» ل«محمود كامل» و«خليل المصري» اللجنة الموسيقية العليا).
زكريا أحمد يرفع دعوي قضائية ضد أم كلثوم والإذاعة المصرية
يذكر «كمال سعد» في كتابه «أم كلثوم وزكريا أحمد أمام القضاء» والذي اعتمد بشكل أساسي علي أوراق القضية وملفاتها أنه حاول أن يعرف سر الخصومة ما بين «أم كلثوم» و«زكريا أحمد» وبسؤاله ل«رؤوف محمد مختار قطب» ابن «محمد مختار قطب» محامي «أم كلثوم» ذكر له «رؤوف» أن أهم ما جاء في عريضة الدعوي التي استند عليها «زكريا أحمد» في قضيته ضد أم كلثوم أن الشيخ «زكريا» كان يطالب بنصيبه في حق الأداء العلني عن غناء السيدة «أم كلثوم» لأغنية «الآهات» وغيرها في حفلات الإذاعة ، وكان يستند في ذلك إلي أمرين أولهما إذاعة الأغنيات بدون إذنه، إضافة إلي عدم حصوله علي حق الأداء العلني المترتب علي إذاعة أغنية «الآهات» بالذات، ويذكر «رؤوف» نجل «محمد مختار قطب» أن «أم كلثوم» استقبلت عريضة الدعوي بغضب شديد كما أورد ذلك الكاتب «كمال سعد .. أم كلثوم وزكريا أحمد أمام القضاء .. دار الشعب» ظلت القضية في المحاكم ما يزيدعلي سبع سنوات افتقد فيها عشاق فن «أم كلثوم» و«زكريا أحمد» إلي أن تم الصلح بينهما في عام 1960 حيث عادا معا «أم كلثوم - زكريا» بأغنية «هو صحيح الهوي غلاب» من كلمات الشاعر «بيرم التونسي» والتي كانت آخر أغنيات «زكريا» مع «أم كلثوم» وهي من الطقاطيق المهمة في سيرتها الغنائية وفي سيرة «زكريا» نفسه وبهذا انتهي الخلاف الذي حرم الجماهير من نجمين لامعين في سماء الغناء المصري والعربي الشيخ «زكريا» ودوره في المسرح الغنائي.
من الصعب الحديث عن المسرح الغنائي دون التعرض لتجربة «زكريا أحمد» وأهميتها، لقد أشرنا إلي التأثر الذي وقع فيه «زكريا أحمد» نظرا لارتباطه بالشيخ «سيد دروش» ولا سيما التأثر به في تلحين الروايات والمسرحيات الغنائية، وبالفعل ورث «زكريا أحمد» زعامة المسرح الغنائي عن الراحل العظيم «سيد درويش» فقدم «زكريا» للمسرح الغنائي ألحان ما يزيد علي 52 مسرحية منها ثلاثون مسرحية لفرقة «علي الكسار» نذكر منها «الغول 1924/1/29، دولة الحظ 1924/12/16، ناظر الزراعة 1925/3/18، عثمان هيخش دنيا 1925/6/16، الطمبورة 1925/10/12، 28 يوم 1926/1/13» وغيرها من المسرحيات إضافة إلي ألحانه لمسرحيات أخري مع «زكي عكاشة، منيرة المهدية، عزيز عيد، نجيب الريحاني، صالح عبدالحي، يوسف وهبي، الفرقة القومية، المعهد العالي للموسيقي» ليكون أحد الأركان المهمة في النهوض بالمسرح الغنائي بعد الراحل «سيد درويش».
فضل الشيخ زكريا علي السينما الغنائية
لا يمكن الإشارة إلي السينما الغنائية دون الرجوع إلي أهمية تجربة زكريا أحمد في هذا المجال ، إذ قدم «زكريا» وشارك في تلحين 37 فيلما تضمنت إحدي وتسعين أغنية من ألحانه بحسب «فيكتور سحاب» ويجدر بالذكر أن أول فيلم غنائي مصري «إنشودة الفؤاد» 1932 كانت الأغنيات التي غنتها المطربة «نادرة» من ألحان «زكريا أحمد» إضافة إلي أفلام أخري نذكر منها «بسلامته عايز يجوز 1935، وداد 1935-1936، نشيد الأمل، ليلي بنت الريف، دنانير، عايدة، ليلي بنت الفقراء» وغيرها من الأفلام التي اعتمدت علي سياقها علي الغناء كخلفية رئيسية للفيلم).
الشيخ زكريا أحمد أحد أعمدة تطوير الطقطوقة والدور، نجح الشيخ زكريا أحمد في تطوير الطقطوقة و«الدور» في الغناء العربي ومن الطقاطيق التي شهدت بهذا التطور ل«زكريا أحمد» «اللي حبك ياهناه 1931، جمالك ربنا يزيده 1931، ناسية ودادي وجافياني، مالك يا قلبي حزين» وغيرها من الطقاطيق التي استطاع «زكريا أحمد» من خلالها أن يغير من الشكل التقليدي للطقطوقة ذات الأغصان المتشابهة لتصبح ذات أغصان مختلفة، بحيث تختلف جملة لحن في غصن من أغصانها، إن تجربة الشيخ «زكريا أحمد» ثرية وفريدة وغزيرة، إذ يعتبر من أغزر الموسيقيين من حيث الإنتاج إذ تجاوزت ألحانه الألف وسبعين لحنا، ونحن في ذاكره التاسعة والأربعين نتذكر ما قدمه لفن الموسيقي والغناء من علامات مهمة حاولنا أن نرصدها أو نتحدث عن أهميتها، لم نوفها جزءاً من حقها، لقد رحل «زكريا أحمد» في الرابع عشر من فبراير من العام 1961 تاركا مقعده خاليا إلا من روح موسيقاه التي لم ولن ترحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.