رئيس جامعة القناة يوجه بتوفير الدعم الكامل للطلاب ذوي الهمم    البابا تواضروس يصلي القداس الإلهي ب كنيسة «العذراء» بأرض الجولف    أسعار العملات العربية في ختام تعاملات السبت 24 مايو    النفط يسجل خسارة أسبوعية وسط ضغوط محتملة من زيادة إنتاج «أوبك+»    حكومة غزة: استشهاد 9 أطفال أشقاء نموذج دامغ على جرائم الاحتلال    تركيا ترحب برفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا    مركز الساحل والصحراء يعقد مؤتمرًا عن "الإرهاب فى غرب أفريقيا".. صور    تشكيل حرس الحدود لمواجهة سيراميكا في الدوري    إصابة نجم يد الزمالك بقطع في الرباط الصليبي للركبة    مصرع عنصر إجرامي وضبط آخرين في مداهمات أمنية لمطلوبين في أسوان    بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني ب8 مدارس فنية للتمريض بالإسكندرية    تأجيل محاكمة أكبر مافيا لتزوير الشهادات الجامعية    سارة التونسي تستعد لعرض مسلسل «مملكة الحرير»    فرقة الغنايم تقدم «طواحين الهوا» على مسرح قصر الثقافة    محمد رمضان ينشر صورة من كواليس فيلمه الجديد «أسد»    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. هل يوافق إجازة رسمية؟    هل يقصد أحمد السقا؟.. طارق الشناوي: نجم فقد توازنه العقلي وكشف خصوصياته    الوحيد من نوعه.. تشغيل جهاز القسطرة المخية بمستشفى سوهاج الجامعي    وزارة الأوقاف الأردنية تحتفي بوداع حجاج المملكة إلى الديار المقدسة    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    وزير البترول يتفقد المجمع الحكومي للخدمات الذكية خلال جولته بالوادى الجديد    "ملكة جمال الكون" ديو يجمع تامر حسني والشامي    ملك المونولوج.. ذكرى رحيل إسماعيل ياسين في كاريكاتير اليوم السابع    مصر للتأمين تفتح باب التقديم لبرنامج التدريب الصيفي لعام 2025    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    هيثم فاروق: بيراميدز الوحيد الذي نجح في إحراج صن داونز بدوري الأبطال    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    محافظ الإسماعيلية ووزير الرياضة يشهدان لقاء القيادات الشبابية بمعسكر القرش (فيديو وصور)    النزول من الطائرة بالونش!    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    سيد عطا: جاهزية جامعة حلوان الأهلية لسير الاختبارات.. صور    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    يديعوت: تأجيل تفعيل آلية توزيع المساعدات الأميركية في غزة لأسباب لوجستية    القوات الروسية تسيطر على 3 بلدات في شرق أوكرانيا    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    محافظ قنا يكرم باحثة قانونية لحصولها على الدكتوراة في العلوم السياسية    خالد يوسف: «السينما فن جماعي.. والجمهور حر يختار ويُقيّم دون وصاية».. فيديو    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    التشكيل الرسمي لصن داونز أمام بيراميدز بذهاب نهائي دوري الأبطال    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رمضان في بيت مواطن مسيحي.. هو في الأصل مصري
نشر في القاهرة يوم 07 - 08 - 2012


لأن الوطن وكل الأوطان هي ملك مواطنيها.. كل مواطنيها، ولأن تاريخ البشر يكتبه الناس بما يفعلون ويديرون.. كل الناس، ولأن رمضان شهر له طقوس دينية في جانب العبادات للمسلمين ومصرية وشعبية وتراثية خاصة يعيشها أهالينا في بر المحروسة.. كل المحروسة، فقد كانت لي مع رمضان كمواطن مصري الكثير من الذكريات.. صرخة في شطانوف كانت صرخة هائلة قد دوت في سماء "شطانوف"، وشطانوف أشمون منوفية "نوف" من المصطلحات الفرعونية من مشتقات نفر وتعني الجميلة والطيبة و"شطا" اسم مصري قديم سمي به الذكور وكثر تسميته في الحقبة القبطية وشط بالعامية مرادف لساحل جسر النيل وكلمة نيف الفرنسية بمعني جديد كلها متداخلات محيرة في تفسير اسم شطانوف ومنطبقة عليها وهنا تاتي صعوبة تعليل الأسماء، والأرجح أنها تعني الشط الجميل، وتعد من القري المصرية القديمة الضاربة في التاريخ للعصور الفرعونية والشهيرة بكنائسها وآبائها وقساوستها في العصر المسيحي ومنهم "أري الشطانوفي" ومازال بها كنيسة ترعي شعبها المسيحي والقري المجاورة، ومن المهم ذكره أن أشهر من حمل اسم المنطقة هو الإمام الشطانوفي مؤلف كتاب «بهجة الأسرار ومعدن الأنوار في مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني».. أما الصرخة فكانت للراحلة الطيبة أمي وهي تُعاني آلام الولادة الصعبة، ومع كل آهة كانت بالخارج تزداد أهازيج أطفال القرية وهم يسيرون خلف المسحراتي رغم عتمة ليلة شتوية باردة، وشوارع باتت مستنقعات وأوحال لكنها أبداً ما منعت فرحة أطفال القرية وأغانيهم "وحوي يا وحوي إيوحه.. رحت يا شعبان، جيت يا رمضان وحوينا الدار..والخير أهو بان.. هل هلالك شهر مبارك"، وتتقارب الصرخات وتعلو في سماء بيتنا، بينما والدي وكيل البوستة بالقرية (والبوستة جزء من المنزل يفصلهما باب جانبي هكذا كانت تعليمات هيئة البريد) يحاول إيقاظ "أبوحطب" ساعي البريد الحارس للمكتب ليوقظ زوجته لمعاونة والدتي حتي يأتي هو بالدكتورة نادية (هكذا كانوا يسمونها فهي كبيرة ممرضات قسم النساء بمستشفي المركزالميري ومساعدة الدكتور مدحت أجدعها دكتور في الناحية )، المهم خرج إلي الدنيا المولود بعد معاناة صعبة وساعات طوال من الألم، وكان المولود هو أنا ذلك البائس صاحب الرأس الضخمة التي كادت تحول بيني وبين الخروج إلي الدنيا في أمسية شتوية رمضانية بعد عام من ثورة يوليو 1952، ونادي المسحراتي هاتسموه إيه علشان نسحره يا خواجة بشاي ردت أمي والدكتورة نادية في صوت واحد "مدحت " ويارب يطلع دكتور زيه (ملحوظة رغم عدم حضوره الولادة لكنه كان المتابع فقط للجنين الغريب!). مولود في رمضان ومع بداية شهر رمضان من كل سنة كان الوالد الشاعر والفنان خفيف الظل رحمه الله يجمعنا، ويحكي لنا عن تلك الليلة الغريبة وفرحة المسحراتي وولاد الحتة وهو يوزع عليهم حلاوة المولود، وهو كمان بيسأل عن الطفل ابن عمتي ضيفنا القادم من القاهرة اللي سلمه لأبوحطب الساعي علشان ما يسمعش صوت صراخ أمي، وقال له خده بعيد عن البيت وخد معاك الخروف ده حميه ونضفه فإذا بيه يحمي الولد بميه ساقعه في عز الشتا ويكتفي بإبعاد الخروف، أما أختي سهير الكبيرة فدخلت غرفتها لتستمع للست آمال فهمي وفزورتها اللي كاتبها بيرم التونسي، وخرجت فرحانة " بابا.. بابا.. حزر فزر.. حاجات وصي عليها الحكيم كل الشفا فيها للسقيم سموها بي وسموها سي وسموها دال وسموها جيم فإيه هي؟".. ليلة كان فاكرها والدي ويحكيها بكل تفاصيلها كل رمضان ومع أننا عارفينها لكننا في كل مرة نضحك. ولأن هيئة البريد كانت تعليماتها نقل مديري الإدارات كل 4 سنوات فقد كانت المحطة التالية قرية "سرس الليان" القرية النموذجية بعد أن اختارها " اليونسكو " لإنشاء مركز بحثي علمي تعليمي تثقيفي، وفي أول يوم رمضان طلب مدرب الفنون التشكيلية في المركز من أطفال القرية رسم المسحراتي، وكان عملي من الأعمال الفائزة، وتم تصويرنا مع مدربنا وأعمالنا تحت تمثال ضخم لأعداء التقدم الفقر والمرض والجهل في مدخل ذلك المركز الدولي الرائع.. وفي المساء كان الجيران يحضرون إلي بيت وكيل البوستة لأن لديه راديو كبيرا (أتذكر شكله جيداً والرف العالي والكبير لأنه لابد يتسع لعدد كبير من الأكواب التي يوضع فيها قطع من الكربون بديلاً للبطارية توضع بجانب الراديو).. وبعد سماعهم فوازير الست آمال فهمي التي صار يؤلفها صلاح جاهين خلفاً للتونسي والتي كان الجميع يتباري في حلها.. كانت تبتدي بحوار بين آمال وجاهين كمقدمة.. أذكر منها .. آمال : مادام للغنوة معني جاهين: ومادام في الغنوة صورة آمال: نرسمها تاني إحنا جاهين: وتبقي دي الفزورة آمال: مثلاً غنوة زي الأطلال جاهين: مادام للغنوة معني آمال: ياحرام متكسر ميت حتة جاهين: وميت ذكري تخطر علي البال آمال: والآخر نقفلها بسطرين جاهين: علي نفس الوزن اللي تقال آمال: فزورة تحلوها في الحال جاهين: تبعتوا حلالانها مع المرسال آمال: اسم الغنوة جاهين: الأطلال وبعدها كان الصمت يسود المكان للاستماع إلي ليلة جديدة من ليالي ألف ليلة التي كان يعدها للإذاعة العبقري طاهر أبو فاشا ويخرجها الإعلامي الأسطورة بابا شارو، فتنساب موسيقي الحلقات الشهيرة وصوت الممثلة العظيمة زوزو نبيل وكأنه يأتيك من عوالم أسطورية بعيدة. الفنون التطبيقية وبعد 20 سنة كنت قد أصبحت طالباً في كلية الفنون التطبيقية، وفي برنامج تدريبي يشرح لنا أستاذنا الراحل الجميل الفنان فهمي عبد الحميد كيف يتم إعداد الصور المتتابعة لسيناريو حلقات ألف ليلة وليلة، ولما سألته " لكن حضرتك مش شايف إنه مهما كانت الصور هايلة وبديعة ممكن لا توازي الخيال الجميل اللي كنا بنستمتع بيه في حلقات الإذاعة؟ أجاب : سؤال هايل بس كل عصر ليه أدواته وفنونه.. في البداية هيبقي في حاجز بين المشاهد واللي بيشوفه، وبعدين بالتدريج بيحصل التفاعل.. ثم نظر لي متأملاً ثم لباقي الطلاب وسألهم تفتكروا لو رسمنا إيه في مدحت يبقي هوه من غير منكمل رسم الملامح.. بصوا لعينيه وبدأ يرسم دايرتين وجواهم دايرتين النني الأسود وهما متعلقين بأعلي الدواير الفاضية.. ثم قال ده أهم ما يميز ملامحه مش كتير الناس اللي النني عندهم متشعلق فوق كده وتحته بياض، ونظر إلي زملائي وكأنهم يرونني للمرة الأولي.. وراحوا في ضحكة جماعية.. وبالمرة عزيزي القارئ إليك نكتة رمضانية " سأل مسطول زوجته صارخا : هو فين السحور ياوليه، فقالت له : هو أنت بتصوم علشان تتسحر، فقال المسطول : ياه لا فطار ولا كمان سحور هوه احنا كفار للدرجة دي؟». ده يوم رمضاني في بيت مسيحي أهديه إلي من ندهتهم نداهة "الإخوان المسلمين" ومن قلدوهم ليشكلوا جماعة "الإخوان المسيحيين" ليقسموا في البلد ويقطعوا في أوصالها!

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.