سباق بين مرشحي «النواب» بالمنيا على الأماكن المتميزة للدعاية الانتخابية    وزيرة التضامن تتابع أعمال منظومة إصدار التراخيص المؤقتة للحضانات غير المرخصة    مصطفى حسني لطلاب جامعة القاهرة: تحية الإسلام عهد بعدم الأذى.. والتدين الحقيقي هو التعاطف    ارتفاع كبير في عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 للبيع بالمصنعية    شاهد تاريخي لمصر منذ حفر القناة.. المركز الإعلامي ل«الوزراء» يستعرض الطفرة التنموية بالإسماعيلية (فيديو)    مدبولي يصدر قرارًا بإضافة أراضٍ جديدة لمشروع الخط السادس لمترو الأنفاق    تويوتا كامري 2026.. سيدان عصرية تجمع بين الأداء والراحة والتقنيات الذكية    تصاعد حدة المعارك بالسودان.. «حرب مسيّرات» بسماء الخرطوم ومواجهات عنيفة بالفاشر    أول ظهور ل محمد صلاح بعد أزمة حذف الصورة (فيديو)    الصحة الفلسطينية: جثامين 14 شهيدا وصلت المستشفيات خلال 24 ساعة    «رجع مليارات القذافي» وصراخ وإهانات.. كيف استقبل النزلاء ساركوزي بسجن «لاسانتي» في باريس؟    الزمالك يسابق الزمن لتجهيز دفعة جديدة من مستحقات اللاعبين    باسم مرسي: «الزمالك كل ما يقف على رجله يتحل مجلسه»    موعد مباراة منتخب مصر للكرة النسائية وغانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية    نجما وادى دجلة هانيا الحمامي ويوسف إبراهيم يتأهلان إلى نصف نهائي بطولة كومكاست بيزنس الولايات المتحدة المفتوحة 2025    30 أكتوبر.. أولى جلسات محاكمة البلوجر «أم مكة» أمام المحكمة الاقتصادية بتهمة «خدش الحياء»    غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي 3 أيام (تفاصيل)    حكاية دور.. نور الشريف اعتذر وصلاح السعدني صنع التاريخ (تفاصيل)    حنان مطاوع: سأقدم دور «حتشبسوت».. وهذا موقفي من الذكاء الاصطناعي    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 23اكتوبر 2025 فى محافظة المنيا    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في الشرقية    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى نخل المركزي في شمال سيناء لمتابعة جودة الخدمات الطبية    «الصحة» توقّع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    هل يجوز أن يخص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته؟ الأزهر للفتوى يجيب    ارتفاع أسعار النفط مع تشديد العقوبات الغربية على روسيا    اندلاع حرائق كبيرة بسبب الغارات الإسرائيلية على البقاع    البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    مستشار رئيس الجمهورية ومحافظ أسوان يشيدان بمستوى التجهيزات التعليمية والخدمات المقدمة للطلاب    خطة عاجلة بمركز طامية لسرعة إنهاء ملفات تقنين أملاك الدولة    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    أحداث مثيرة في مسلسل «المدينة البعيدة» تكشف صراع جيهان وبوران    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على روسيا تستهدف أسطول الظل    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    عندنا أمم إفريقيا.. محمد شبانة يوجه رسالة هامة ل ياسر إبراهيم    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    روسيا: نحتفظ بحق الرد على عقوبات الاتحاد الأوروبي    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    مصرع شخص أسفل عجلات القطار في أسوان    إنجاز طبي جديد بعد إنقاذ مريض فلسطيني مصاب من قطاع غزة    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    أستاذ علوم سياسية: القمة المصرية الأوروبية تعكس مكانة مصر ودورها المحورى    من بيتك.. سجّل الآن فى حج القرعة 2026 بسهولة عبر موقع وزارة الداخلية    شبكة العباءات السوداء.. تطبيق "مساج" يفضح أكبر خدعة أخلاقية على الإنترنت    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    بعد قليل.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    تجديد بروتوكول التعاون بين جامعة قنا وقطاع الدعوة بالأزهر    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    روزاليوسف.. ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ    إلهام شاهين: لبلبة عشرة عمرى والكاميرات تتلصص علينا ويتخيلوا حوارات غير حقيقية    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد كريم . . طيور الظلام في مدينة السينما
نشر في القاهرة يوم 12 - 06 - 2012


في أحد مشاهد الفيلم البديع «مواطن ومخبر وحرامي» تنشأ علاقة غريبة بين الحرامي والمواطن المثقف والمخبر، وعندما يعبر الحرامي عن صداقته للمثقف يسرق تمثالاً عاريا ليهديه إياه، وقد غطاه بالقماش فلا يبدو منه شيئاً ويسأله المواطن المثقف.. ماهذا؟ فيكون الرد: ده عيب وحرام! وتزداد غرابة هذه العلاقة بين الثلاثي ليصبح فيها الحرامي هو الذي يوجه الفنان المثقف فيما يكتب وما لا يكتب من وجهة نظره الساذجة للحلال والحرام، ويتحول المخبر إلي وكيل أعماله. الأغرب من كل هذا ان توصيات المخبر سرعان ما تجد رواجها في السوق.. ومن ثم الشهرة. هذه الصورة الموجزة لفيلم المخرج الفنان داود عبدالسيد والذي قد تبدو نوعا من الفانتازيا وإغراقاً في الخيال والتي يدين بها التحولات التي تجري في المجتمع المصري وتعكس انقلاب القيم والمعايير والهرم الاجتماعي، تذكرنا ببعض ما يجري في حياتنا وما أشبه الليلة بالبارحة! ذلك أن الواقع الآن يكشف لنا عن بصيرة المخرج، فما قدمه علي الشاشة صار جسدا يمشي علي أربع ممثلاً فيما نشاهد علي أرض الواقع وشاشات التليفزيون ومجالسنا النيابية من آراء قلة تتكلم باسم الدين وتكاد تكفر المجتمع كله. التقدم إلي الخلف فما الذي يحدث في بر مصر؟ هل قام المصريون بثورة 25 يناير لنلحق بالألفية الثالثة أم للعودة للوراء قرونا من الجهل! وهل أتاحت ديموقراطية الثورة - لمن كان يقف ضدها - أن يري مستقبل مصر كما يحب ويهوي وفقا لرؤيته فقط.. وكل من حوله خارج دائرة الدين، ومن الذي أعطي للقلة من هذا التيار أن يأمر ليطاع ولو بالثورة! إنني أتحدث هنا عن الإسلام السياسي علي إطلاقه.. رغم أن غالبيته يري ويسمع دون أن يعلن صراحة عن موقفه من هذه الظواهر بل الفتاوي الغريبة التي تسللت إلي جسد المجتمع المصري حاملة معها بداوة الصحراء. هذه الفتاوي كانت قد بدأت علي استحياء قبل ثورة 25 يناير بسنوات.. إزاء الفنون عامة.. وخاصة السينما وتجلت في محاكمات بعض الفنانين تحت دعوي الحسبة يرفعها باحثون عن الشهرة لتزحف فتاوي أخري إلي الجامعات فيما يشبه المليشيات.. حتي وصلت إلي كلية الفنون الجميلة لتحريم التماثيل باعتبارها عملا من أعمال الجاهلية لا يجوز ممارسته الآن في ظل مفهومهم الضيق للفن. هذه الرياح الغريبة التي نشأت وترعرعت بعيداً عن العيون ولا أقول تحت عيوننا جميعاً عبر الزوايا وقوانين البناء دون إشراف حقيقي عليها من وزارة الأوقاف لتكون أرضاً خصبة لمثل هذه المفاهيم الدينية الجامدة ليعود الفن إلي قفص الاتهام هذه الأيام بالجملة ليس علي فنان واحد بل علي كوكبة من فنانينا في قضايا لم تعد موضع خلاف إلا في أذهان طيور الظلام، وإلا فلنحاكم الدولة التي أجازت مثل هذه العروض.. والجمهور الذي أقبل عليها ودعمها من جيبه الخاص في شباك التذاكر؟ كل هذا جري ويجري ونحن نتفرج والدولة تري ما يجري وقبضتها الرخوة تلعب بالنار.. إما بالتجاهل أو المطاردة طبقا لرياح السياسة. شاهد جديد وما حدث في الأيام الأخيرة من محاولة إحراق وهدم تمثال واحد من أبرز رواد السينما المصرية شاهد جديد علي مؤامرة الصمت التي نشارك فيها جميعا، وأكاد أجزم بأن من فعلوا ذلك لا يدركون قيمة الرجل، بل وأقول لا يهمهم قيمته بل كل ما يعنيهم كيف يتجسد في تمثال! هذا هو الشغل الشاغل عند بعض المتشددين من دعاة السلفية الذين باتوا يثبتون مثل هذه الآراء المتشددة دينيا علانية وبعد أن صارت المحطات الفضائية مركزا لإطلاق فتاواهم بلا حياء أو مراعاة لطبيعة شعب مؤمن بفطرته السليمة.. لكن بوسطية إلي أولئك وهؤلاء أقول لهم إن محمد كريم واحد من بناة وجدان هذه الأمة بما قدمه من فن سينمائي علي امتداد سيرة حياته، ومن مواقف تعلي من الروح الوطنية، لم يكن رجل سياسة.. ولا كان يميل للانخراط فيها، كانت بوصلة حياته إيجاد سينما مصرية في وقت لم نعرف فيه عصر السينما وكما كان ينادي منذ شبابه: «ليعرف العالم أن لمصر مدنية وثقافة وأنها لم تكن فقط كما كانوا يتوهمون مسرحا للتماسيح يفتك بأهلها الجهل والمرض». وكان أول من رفع صوته عاليا عام 1918 علي صفحات الجرائد بضرورة إنشاء شركة سينمائية مصرية في وقت لم يعر أحد لنداء الثقافة في ذلك الوقت، وتقول الصحافة ردا علي نداءاته «الآن وقد نهض بناء لمصر بهذا المشروع "إنشاء بنك مصر شركة سينماتوغرافية" فأي عقد له في تخيله عن مناصرة مواطنيه؟ ألا يخشي علي العادات المصرية والآداب الإسلامية من أن تعبث بها الشركات السينماتوغرافية الأجنبية فتخرجها للعالم». وطالب في إبريل 1927 بالآتي: - عدم التصريح لأي شركة أجنبية بأخذ مناظر سينماتوغرافية. - ضرورة ظهور اللغة العربية بنفس لغة الفيلم الأجنبي المعروض. - منع دخول الأطفال المصريين دون السادسة عشرة. - تشديد الرقابة علي الأفلام الواردة لنا. ولنتذكر الآن أن هذه المطالب نابعة من إحساس وطني وردا علي تشويه الإنجليز لصورة المصريين وأن الدعوة لإيجاد سينما مصرية تتحدث عن مصر والمصريين وللدعاية لمصر خلال الأفلام التسجيلية كانت شعارات ما بعد ثورة 1919 وما رافقها من مد ثوري طال الأدب والفن، وعندما بدأ تصوير أول فيلم مصري صامت عن رواية هيكل «زينب» 1930 كان حريصا علي أن تظهر القرية المصرية الفلاح المصري في أحسن صورة كان يعتبر السينما وسيلة دعاية وسلاحاً من أسلحة الثورة واستجابة لنداء مصر للمصريين، ولم تكن رومانسية منه أن يحرص علي نظافة الطبيعة ذاتها لتبدو القرية كارث بوشال سياحي، وهو ما قد يأخذه عليه البعض.. ودون مراعاة الظروف السياسية التي أحاطت بظهور الفيلم. سبعة أفلام لقد قدم محمد كريم علي امتداد حياته الطويلة سبعة عشر فيلما منها سبعة أفلام لعبدالوهاب عن العديد من الأفلام القصيرة عن التعاون والإصلاح الزراعي وفي مقاومة العدوان الثلاثي ثم كان أول عميد لمعهد السينما حتي حصوله علي وسام الدولة للفنون عام 1963 وجائزة الدولة التشجيعية عام 1973 اعترافا منها لريادته السينمائية، وكانت آخر مشاريعه فيلمي «الملعونة» عن القضية الفلسطينية والثاني «نور الله» وهو فيلم ديني، لقد مر علي وفاته أربعون عاما «توفي 27 مايو 1972» وقد رأي أحد تلاميذه في أكاديمية الفنون د. مختار يونس أن يعيد تكريم الرجل بنصب تمثال له من تصميم فنان يعمل الآن مستشاراً ثقافيا لمصر في موسكو يوضع في الميدان المواجه لمعهد السينما فقيل له من البعض لا داعي لإثارة بعض السلفيين المتشددين فتقرر نقله إلي داخل مدينة السينما فقاموا بمحاولة حرقه وتدميره أمام أعين الجميع.. ويجري التفكير الآن في نقله إلي دار الأوبرا، بهذا أصبح الفن مطاردا أمام مخاوف بعض المسئولين من هذا التيار الذي بات العنف جزءًا من سلوكه، وهم بهذا الحل يخفون رءوسهم في الرمال. ولو ناقشنا الموضوع دينيا لظهر لنا مدي التعسف والتشدد من جانب هذه القلة التي تعتبر الفن عامة والتماثيل خاصة رجس من عمل الشيطان. وفي هذا يقول الدكتور يوسف القرضاوي إن الحديث عن الفنون من أعقد الموضوعات فيما يتعلق بالمجتمع المسلم، ذلك أن أكثر الناس وقعوا في هذا الآن بين خوف الغلو والتفريط، لأنه يتصل بالشعور والوجدان أكثر مما يتصل بالعقل والفكر. ويصف من يأخذ بالغلو والتطرف بأنه إنسان مريض بالالتواءات النفسية لكي يبرر ذلك السلوك المعيب باسم الدين.. أي أنه فرض طبيعة المنقبضة علي الدين، والدين لا ذنب له إلا سوء فهم هؤلاء وأخذهم ببعض مضمونه دون بعض. الإسلام والفن ويضيف: قد يجوز لهؤلاء أن يشددوا علي أنفسهم إذا اقتنعوا بذلك، لكن الخطر هنا أن يعمموا هذا التشديد علي المجتمع كله ويلزموه برأي رأوه في أمر عمت به البلوي ويمس حياة الناس كافة. وهو يفرق بين أحكام الصور والمصورين كالتالي: الأول: ما يعبد دون الله وهو أشد حرمة. الثاني: من صور مالا يعبد ولكنه قصد مضاهاة خلق الله «أي ادعي أنه يبدع ويخلق كما خلق الله» وهذا أمر يتعلق بنية المصور وحده. ونحن علي ضوء هذه الأحكام نتساءل: أولا: هل يتصور أحد الآن وبعد قرون من انتشار الإسلام من يصنع تمثالا يقصد به العبادة إلا هذا البعض؟ ثانيا: وعن نية المصور هل شققنا الصدور؟

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.