اختتم الشاعر سعد عبدالرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة ومحمود طرية رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي فعاليات المؤتمر الأدبي الثالث عشر للإقليم الذي يحمل عنوان "الأدب والثورة ... دورة د. يوسف عز الدين عيسي"، والذي أقيم بقصر ثقافة التذوق بسيدي جابر بالإسكندرية في نهاية مايو الجاري، وهو المؤتمر الذي رأسه الأديب محمد السيد عيد والأمين العام الشاعر أحمد شلبي. وكرم المؤتمر كلاً من الكاتب محمد السيد عيد، الشاعر علي محمد عبيد "الغربية"، الراحل أحمد حميدة" الاسكندرية"، اسم الراحل جمال الدربالي، حيث أقيم في أولي أيام المؤتمر الجلسة البحثية الأولي والتي شارك فيها أ.د أيمن تعيلب وأدارها الشاعر إسماعيل عقاب، تلاها الجلسة البحثية الثانية بعنوان "الرواية والمسرح" يشارك بها أ.د هيثم الحاج علي ،أ.د محمد أبو علي وأدارها أ. شوقي بدر يوسف إلي جانب أمسية شعرية. أما في اليوم الثاني فعقدت الحلقة البحثية الثانية بعنوان "شعر الفصحي" والتي شارك فيها أ.د أسماء شمس الدين وأ.د محمود يقنديل وأدارها د. أحمد علي منصور، وأعقبها الجلسة البحثية الرابعة بعنوان " شعر العامية والقصة" والتي شارك فيها أ. جاد بسيوني و أ. محمود عبدالسميع، إضافة إلي جلسة الشهادات والأمسية الشعرية الثانية، واختتم المؤتمر فعالياته بالجلسة الختامية وإعلان التوصيات. بدأ المؤتمر بإلقاء أمين المؤتمر كلمة أوضح فيها أن عنوان المؤتمر قد اتخذ من العديد من الصالونات والندوات، والبرامج، وأضاف أن المؤتمر في دورته الحالية ىُعقد علي بعد لحظات تاريخية تتمثل في اختيار من متعدد لرئيس مصر، خاصة أننا نواجه مرحلة صعبة من تاريخ مصر، حيث تُهدد الحريات والإبداع والسياحة والمرأة، والآثار والفنون، والآدب، وما سمعناه عن تكفير الأدباء والمفكرين، هذا مع غياب شبه تام في البرامج الرئاسية لدور الثقافة... رغم أنه من أهم الأدوار، لذلك أجد حتمية الحاجة إلي ثورة حقيقية في الأدب والفكر والتنوير لكبح جماح التطرف والارتداد والظلامية. كما قام رئيس الإقليم بإلقاء كلمة أشار فيها إلي أهمية اختيار مكان وزمان المؤتمر في مدينة الاسكندرية باعتبارها العاصمة الثانية لمصر بخصوصيتها الحضارية والثقافية والتاريخية، ودورها العظيم بأدبائها ومبدعيها في جميع الثورات علي الطغاة والمستبدين، وأضاف أن فكرة المؤتمر جاءت من أهمية الأدب في الحياة علي مر العصور، لكونه النبع الفياض الذي يبث في الثوار الحماسة المتقدة والحيوية الهادرة، والنشاط المتدفق، ويوقظ فيهم الهمم العالية لتعطي الثمار المرجوة منها في تحقيق الحرية والكرامة والعدالة، لذلك ترتبط الثورات بالأدب برباط وثيق، فقد كان للأدب دوره في التكريس لإرهاصات ثورة يناير العظيمة في الشعر والسرد والأدب بكل أنواعه. أعقب ذلك كلمة رئيس المؤتمر الذي أكد أن مصر دائمة الثورة، ولا ترتضي بالقهر والاستعباد، ويذكرنا بثورتها علي الحكم التركي، وعلي قدرتها علي اختيار حاكمها وهو محمد علي، كما أشار إلي أن للكلمة فاعلية ثورية تقوم بالدور المحفز الفكري والنفسي والايديولوجي كما جاءت في الثورة العرابية، فالفعل الثوري دائما يرتبط بالفكر والأدب المحرض علي ذلك مثلما وقفت مصر في ثورتها الشعبية عام 1919، وما تلاها بعد ذلك من كتابات نجيب محفوظ وغيره من أدباء، وأوضح أن الثورة والأدب مفهومان متداخلان، وقال إنه ليس حقيقيا أن ثورة 25 يناير قامت فجأة ولكن الحقيقة أنها جاءت بعد مسيرة طويلة من النضال الفكري والكفاح الشعبي، وأنها ظهرت كثمرة من جراء شحن مشاعر الشعب ضد الظلم والقهر. واختتم الشاعر سعد عبدالرحمن الكلمات بكلمة أعرب فيها عن سعادته باتفاق عنوان المؤتمر مع عنوان مؤتمر أدباء مصر في دورته الأخيرة بعنوان "سقوط نص الاستبداد" وأن هذا المؤتمر هو فعل ثقافي، لابد أن يحدث وبقوة الآن، وأن الوقوف علي العلاقة بين الأدب والثورة هي بداية حقيقية للاكتشاف والبحث في ماهية الدوافع التي أدت إلي انفجار فعل الثورة، وأكد أننا الآن بحاجة إلي البحث في الأسباب وراء أزمة الثورة والتي تجند الفكر لضحدها، وأشار إلي أن هناك ضرورة الآن لتحليل فكر الهدم لأنه فكر تراكمي، وأنه لابد ألا ننسي أن الثورة هي "طفرة" كما قال "توماس كون"، وفي ختام كلمته طالب الأدباء بوضع أزمة قصر ثقافة المحلة في التوصيات الختامية للمؤتمر. وفي ختام الافتتاح كرم الشاعر سعد عبدالرحمن ورئيس وأمين المؤتمر اسم الروائي الراحل أحمد محمد حميد، الشاعر علي عبيد والكاتب محمد السيد عيد بإهدائهم درع الهيئة، وإهداء شهادة تقدير لاسم الشاعر الراحل جمال الدربالي. وضمن فعاليات المؤتمر عُقدت الجلسة البحثية الأولي بعنوان "الأدب والثورة" تمفيها مناقشة بحث بعنوان "أسئلة الثورة وتفكيك الدال الجمالي" للباحث الدكتور أيمن تعيلب، أدار الجلسة الشاعر إسماعيل عقاب، ناقش البحث إشكالية الإدارك الفلسفي للثورة في الأدب، حيث أوضح تعيلب أن الشعر الثوري يضعنا في العمق من أزمتنا النقدية والفلسفية والجمالية قرينة أزمتنا السياسية والاجتماعية والأخلاقية التي صاحبت وأسست لفكر الثنائيات والبنيويات والتجريدات، لذلك كانت هناك ضرورة حتمية لفعل التجريب الثوري ليهدم النسق الثقافي الأيديولوجي للامتلاء اللغوي والجمالي والمجازي الوهمي، فهو يعيد تأسيس اللغة من جديد، وىُركب المفاهيم والتصورات بصورة بدائية أولية، فهو ابتكار شعبي بدائي وليس تطويراً أو استكمالاً لما سبق. كما نُظمت الجلسة البحثية الثانية لمناقشة بحث بعنوان "الرواية والتعبير عن أزمة المجتمع - قراءة أولية في ثلاث نماذج في إقليم غرب ووسط الدلتا" للباحث الدكتور هيثم الحاج علي، أدارها الكاتب شوقي بدر يوسف، ليطرح البحث فكرة أساسية وهي أن كلما كانت الطبقة المتوسطة مأزومة ازدهرت القصة القصيرة نظراً لطبيعة الفرد المأزوم المنكفئ علي ذاته، ولقدرة القصة القصيرة علي التعبير عن هذا الانكفاء، أما حين تكون الطبقة نفسها ثائرة وطامحة تزدهر القصة للتعبير عن هذا الانكفاء، وتزدهر الرواية نظراً لطبيعة البانورامية الملحمية، وهي القاعدة التي توافقت مع رؤي "جورج لوكاتش وشكري عياد ولوسيان جولدمان"، وأوضح أن الرواية في منتصف التسعينات صارت تُكتب بحبر القصة القصيرة والتي تعبر في مردودها الفلسفي أن المجتمع يتغير وينسحب نحو الفردية لتتراجع بذلك الرؤية الاجتماعية والتاريخية التي كانت مسيطرة علي تركيب الرواية التقليدية لصالح معالجة الذات وحركتها الحرة وتصوراتها عن نفسها وعن العالم من حولها، متخذاً روايات "سيرة للزوال" للروائي هاني القط، و"للبحر حالات" لعبد الفتاح مرسي، ورواية "الرق" لمحمد محمد نصر مثالاً ليثبت أن الرواية الآن هي رواية أصوات، رواية فردية، وساردها الأساسي هي "الأنا" والاعتماد علي الاستغلال المجازي. واختتم اليوم الأول بعقد أمسية شعرية لشعراء الإقليم، أدارها الشاعر صبري عبدالرحمن. وقد أوصي المؤتمر بأن يحرص كل مصري بالادلاء بصوته في الانتخابات الرئاسية القادمة، لأن ذلك يعد تفعيلاً للمارسه السياسية الحرة للمواطن المصري، يؤكد المؤتمر علي استمرار ثورة 25 يناير وتبني جميع أهدافها، كما يؤكد رفض جميع أشكال التطبيع مع العدو الصهيوني، والحرص تعميق العلاقات الطيبة مع جميع الدول العربية، وضرورة الارتفاع بالممارسات الثقافية إلي المستوي اللائق بأهمية الثقافة ودورها في المجتمع، يؤكد المؤتمر الوقوف ضد جميع أشكال التجاوزات ضد قصور الثقافة وخاصة قصر ثقافة المحلة، يوصي المؤتمر بتخصيص ميزانيات محددة للمؤتمرات بما يكفل لها استقلاليتها التامة في ممارسة الانعقاد دون الرجوع إلي سلطات أخري، توظيف جميع الآليات التكنولوجية لنقل الكتب المطبوعة للمؤتمرات علي المواقع الالكترونية لوزارة الثقافة.